خبر : برشا يا مدلل !! محمد يوسف الوحيدي

الثلاثاء 23 أغسطس 2016 09:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
برشا يا مدلل !! محمد يوسف الوحيدي



برشا برشا ، وقع صابر الرباعي في فخ ضابط الإرتباط الإسرائيلي على جسر الأردن ..
بالطبع الإسرائيليون يهتمون جداً بالرموز و الشكليات و المظاهر .. فهم بالأساس كيان ( إشاعة ) .. كيان سرابي وهمي ، يراه الظمآن ماء .. ولكنهم يعرفون أن لا جذر و لا جوهر لهم و لا مضمون لوجودهم ، فتجدهم يتشبثون بكل شعار أو صورة ، مثل تلك التي تَطَّفَّل بها ذاك الضابط الصهيوني ، على الفنان العربي التونسي ، و تحايل ببعض الكلمات العربية و إستخدم إسماً مستعاراً ليتصور مع صابر .. بالطبع الصورة قد تُنَفِّر فيما بعد الكثير من الفنانين العرب ، و تجعلهم يُعيدون حساباتهم ، و قد تثير هذه الصورة قلق العرب من فنانين و إقتصاديين و مناصرين بأنهم إذا ما حاولوا دخول فلسطين فإنهم سوف يتعرضون لتدخلات إسرائيلية و ظروف قد تجبرهم على التعامل مع المحتل !! هدف الصورة أكثر لُؤماً و خبثاً من مجرد أنها صورة عابرة نشرها ضابط إتصال على صفحته الخاصة على فيسبوك ..
و هو ( الضابط الصهيوني ) هنا يقامر على الكثير من العرب ، الذين و للاسف أصيبوا بداء السطحية ، و القشرية ، تماماً مثل الضابط ذاته و من خلفه كيانه الفارغ .. فبدلاً من التركيز على الرسالة القوية ، التي حملتها زيارة فنان عربي لفلسطين ، و بدلاً من التركيز على المضمون ، إنصرف الكثير إلى القشور و الصور و إختزلوا زيارة صابر الرباعي في هذه الصورة المكيدة ..ولا أدري ، هل من ينتقد صابر على الزيارة أكثر وطنية منه أم قدم لفلسطين و للعرب أكثر ؟ و في أي مجال و كيف ؟ و هل المطلوب من فنان مثل صابر الرباعي أن يحمل كلاشينكوف و يأتي ببزة عسكرية إلى فلسطين ليقاتل المحتل ؟ إذا كان كذلك فلماذا لا يفعلها المنتقدون ؟ أعتقد أننا هنا يجب أن لا نقع في فخ الخلاف و فتح الدفاتر ، فصابر التونسي ، ينتمي لدولة يتجدد فيها الشباب ، و الروح الثورية ، و تنهض بعد كبوات ، و هي من أغلى بقاع الأرض على قلب كل فلسطيني ، و هي التي إحتضنت الثورة بعد أن تخلى عنها الكثير . و جاءت زيارة الرباعي لفلسطين ، بهدف ثقافي فني ، قومي واضح ، وكانت الرحلة تحت ضوء الشمس نهاراً جهاراً و بمتابعة كافة وسائل الإعلام .. لم تكن زيارة ليلية مخفية سرية ، و لم يصل إلى فلسطين عبر إسرائيل و لا عبر مطار بن غوريون كما فعل الكثير من متبجحي تلك القناة التي تقع بين قاعدتين أمريكيتين في مكان ما .. حيث تناولت إحدى اشهر مذيعاتها صورة صابر بالنقد و التجريح و إثارة الناس عليه و بواسطته على فلسطين و قيادتها .. الفلسطينيون يعرفون من يأتي و يغادر ، بالإسم و الصفة .. و يعرفون أغراضهم و أغراض زياراتهم ، و لأنها "جزائرية " و فقط لأنها جزائرية ، كثير من الفلسطينيين لا يفضلون التصدي لها و فضح أسباب زياراتها المتكرره لفلسطين ، عبر مطار بن غوريون ، و إقامتها في فنادق خمسة نجوم على شاطئ بحر تل أبيب ، بل و تفاوضها مع إحدى القنوات العبرية القلب عربية الشكل في شأن إمكانية تعاقد ، ثم تجميل هذه الزيارات بأخذ صور مع بعض الأخوات المرابطات في الأقصى ، خمس دقائق لا تكلف كثيراً ، و صور مفعمة بالإيمان و الوطنية ، يعقبها إستجمام في فندق دان في تل أبيب !!.. أعتقد أنني في حِلِ من أن أقدم المزيد من التفاصيل فقط لأننا نحن الفلسطينيون ، نعشق الجزائر و تراب الجزئر و شعب الجزائر و لا تنطلي علينا خدع الإستخدام السئ لشعارات دينية و وطنية فارغة ..
صابر الرباعي كان ومازال هو و تونس و كل العرب محل تقدير و محبة من شعب فلسطين ، و الأعمال الصبيانية ، و التكتيكات الرخيصة و الحيل السمجة التي يقوم بها ضباط إسرائيليون لا يجب أن تكون محل جدل أو حتى توقف من قبل من يحترم عقله ، و يفهم كيف يقرأ جدوى الأمور و جوهر الأشياء .
و لم يكن صابر أول و لن يكون آخر المثقفين و الفنانين و الشخصيات والوفود العربية الوافدة إلى فلسطين ، بقصد ديني أو قومي أو فني بحت .. فقد تشرف عدد كبير من الزعماء و السياسيين و المثقفين و الرياضيين و الفنانين العرب بزيارة القدس و الصلاة في الأقصى الشريف و زيارة أرض فلسطين المباركة بأمر الله ، مثل الزيارة التاريخية التي قام بها مفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة للأقصى و فلسطين ، بل أن قنوات mbc السعودية كان لها السبق في عقد إحدى حلقات برامجها بكامل هيئة المحكمين من فنانين عرب من مختلف أنحاء الوطن العربي ، أحلام الكويتية ، و نانسي عجرم اللبنانية ، ووائل كفوري اللبناني ، و حسن الشافعي من مصر الحبيبة .. و قبلهم كان الفنان الكبير هاني شاكر نقيب المهن الموسيقية المصري ، بل إن عدداً من الفنانين العرب ، تجول في أنحاء فلسطين كلها بما فيها أراضي الثمانية و أربعين ، لإحياء الحفلات و التواصل مع الجماهير .. مثل الفنان التونسي الرائع لطفي بوشناق و القائمة أطول من أحصرها هنا .. ناهيك عن الوفود الإعلامية و الصحفية العربية التي تجوب فلسطين ذهاباً و إياباً بشكل مستمر.. كل هذا يشكل أزمة ، و إحراجاً للمحتل الإسرائيلي ، و يتمنى أن تظل القطيعة مستمرة ، و أن لا يصل اي عربي إلى فلسطين ليؤكد للعالم أنها جزء من الوطن العربي ، و أنه ينتمي إليها و تنتمي إليه .. الإسرائيليون يريدون من العرب أن يقاطعوا ، أن يبتعدوا و يبعدوا فلسطين عن ثقافتهم و تعليمهم و ضميرهم و حتى سياحتهم .. بمنطق فرق تسد الشهير .. و يصرون على إثارة الفتن و الشكوك معتمدين على بعض العقول الفارغة ، و اصحاب النوايا السيئة .. فهل نمكنهم من الوصول إلى مبتغاهم ؟