يومًا بعد يوم، نجد أن أمور شعبنا الفلسطيني تتداخل فيما بينها القضايا، و يزداد فيها الحليم حيرة. نعيش لحظات غاية في الدقة؛ يتوقف على نتائجها مستقبل مجتمعنا الفلسطيني. يجد المتابع لأمور الانتخابات المحلية (البلديات)ومجرياتها أن رياحها لا تُطمئن صاحب العقل الراجح والرؤية الواضحة. انتخابات محلية في ظل الانقسام اللعين الذي بات، وبكل تأكيد، مصدر قلق لأصحاب الضمائر الوطنية الحيّة.
انقسام سياسي، أدى إلى انقسام اجتماعي، حتى في داخل الأسرة الواحدة. وإنه لأمر مؤلم وشديدة المرارة أن نجد أفرادَ الأسرةِ الواحدةِ يتناحرون فيما بينهم، وتسود بينهم علاقات حادة وكأن الأسرة تعيش على فوهة بركان.
تأتي الانتخابات المحلية لتؤجج الخلافات في داخل الأسرة الصغيرة والعائلة الكبيرة، ثم الحمولة، فمن يمثل الحمولة والعائلة في الانتخابات؟! انقسام واضح لأن الانتخابات المحلية سياسية بامتياز؛ فمن يتنازل للآخر الذي بطبيعة الحال يمثل نهجاً سياسياً مختلفاً؟! هنا نجد أن القوائم تضمُّ أفراداً من كل العائلات والتيارات السياسية.
حتى يتجاوز شعبنا محنة الانقسام، وتسير أمور الانتخابات بعيداً عن السياسية وما فيها من انقسامات، كان على القيادة الفلسطينية تأجيل الانتخابات، أو تبني فكرة الانتخابات على أساس الاختيار الفردي، بعيداً عن الكتل التي تمثل التيارات السياسية؛ والتي بكل تأكيد تعمل على إذكاء نار الانقسام.
إن قضيتنا الوطنية التي باتت في مهب الريح نتيجة الانقسام، تتطلب من كل شرائح المجتمع الفلسطيني العمل بروح الجسد الواحد وإيجاد آلية لإنهاء الانقسام وفرضها على من بيدهم القرار. وهنا لا بدَّ أن يكون على الفصائل الوطنية، والتي ترفع راية النضال الوطني، أن تعلق الجرس وتعمل على الساحة الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام.
وإنني في هذا المقام، أرى بضرورة رفع شعار "لا للتعايش مع الانقسام"، كما لا بد من التأكيد على أن النضال الوطني في المرحلة المقبلة يبدأ بإنهاء الانقسام الذي بات كالسرطان؛ يستشري في جسد القضية ولا بدَّ من استئصاله من جذوره، لتعود قضيتنا العادلة إلى مكانها الصحيح؛ قضية وطن محتل وشعب يعيش في الشتات، وقضية تحرر وطني تهمُ المواطن من رفح حتى صفد.
إذ لا مكان لمفردات غزة والضفة في القاموس الفلسطيني؛ وطن واحد بكل تياراته وشرائحه، تُحترم فيه الحريات والتعددية الحزبية، ويُحترم الرأي والرأي الأخر، وطن ديمقراطي تصان فيه حرية الرأي والتعبير لأبنائه كافة.


