واشنطن / وكالات / لم يثر بيان وزارة الأمن الإسرائيليّة، الذي أصدره مكتب أفيغدور ليبرمان، يوم الجمعة الأخير، ضدّ تصريحات الرّئيس الأميركيّ، باراك أوباما، بشأن الاتّفاق حول المنشآت النّوويّة في إيران، دهشةً بقدر ما أثاره بيان اعتذاره، الذي صدر مساء أمس الإثنين، في تراجع غير اعتياديّ لوزير الأمن الإسرائيليّ، ليبرمان، الذي يتقلّد منذ سبعة أعوام، مناصب وزاريّة رفيعة وهامّة، ما حدا بوسائل الإعلام وبالمحلّلين محاولة فهم الدّوافع التي وقفت وراء هذا الاعتذار، غير التّقليديّ؟
يقول المحلّل السّياسيّ في صحيفة 'هآرتس'، باراك رافيد، في عددها الصّادر صباح اليوم الثّلاثاء، إنّ الهدف من التّهجّم في بيان يوم الجمعة، على الرّئيس الأميركيّ، لم يكن مهاجمة السّياسة الأميركيّة، أو توجيه نقد غير مباشر لرئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، وإنّما منافسة دفينة بينه وبين قيادات الجيش الإسرائيليّ، وعلى رأسها، قائد هيئة أركانها، غادي آيزنكوت.
وعلّل رافيد تحليله بقوله 'إذا تواجد أمر يكرهه ليبرمان، فهو أن يبدو تابعًا لمن هو مسؤول عنهم، وفي هذا السّياق، ضبّاط وقادة الجيش'، مضيفًا أنّ ليبرمان أراد التّشديد والتّأكيد على أنّ القرارات العسكريّة والأمنيّة تصدر من مطبخ وزير الأمن، وليس من قيادات الجيش، ما يشير إلى التّوتّر الذي لا يزال قائمًا بين وزارة الأمن الإسرائيليّة وبين قيادات الجيش الإسرائيليّ.
لكن ما هو السّبب الفعليّ الذي أدّى بليبرمان، المعروف بإصراره وعناده على عدم التّراجع عن تصريحاته النّاريّة، بكسر القاعدة، وصياغة رسالة اعتذار رسميّة، بعد أقلّ من 72 ساعة فقط، على الرّسالة التّهجّميّة على أوباما؟ يشير رافيد إلى أنّ القيادة الإسرائيليّة، اعتقدت في بادئ الأمر، بعد إصدار الرّسالة من مكتب ليربمان، أنّ الإدارة الأميركيّة، لم تعر الرّسالة أيّ أهميّة، إلّا أنّ العامل الذي نجح في كبح تطوّر أزمة بين القيادتين الإسرائيليّة والأميركيّة، كانت الرّسالة التي أصدرها مكتب نتنياهو، بعد قرابة 45 دقيقة من نشر رسالة ليبرمان، والتي احتوت على توضيح رسميّ من رئيس الحكومة، الذي تنصّل من تصريحات ليبرمان.
إضافة إلى الرّسالة التي أصدرها مكتب نتنياهو، فقد بادر الأخير إلى إجراء اتّصال مع السّفير الأميركيّ في إسرائيل، دان شبيرو، موضحًا له أنّ الرّسالة كانت على عاتق ومسؤوليّة وزير الأمن وهي لا تمثّل سياسة الحكومة الإسرائيليّة. أبرق شابيرو بالإيضاح الذي أعرب عنه نتنياهو، إلى البيت الأبيض، الذي لم يردّ حتّى يوم الأحد، حينما بدأت ردود الأفعال من القيادة الأميركيّة، بالوصول للقيادة الإسرائيليّة، ليتّضح حينها، أنّ قيادة البيت الأبيض، وعلى رأسها، الرّئيس أوباما، ساخطة من التّصريحات الإسرائيليّة التي تتزامن مع آخر مرحلة من مراحل توقيع اتّفاقيّة المعونات الأميركيّة لإسرائيل، أكبر معونة خارجيّة تقدّمها الولايات المتّحدة الأميركيّة لأيّ دولة في العالم.
وكتب رافيد أنّ رئيس الحكومة، نتنياهو، فضّل في هذه الحادثة أن ينأى بنفسه بعيدًا وأن 'يشرف على الأحداث من الجانب، وأن يسبّب لليبرمان الجفاف، وأن يتحمّل المسؤوليّة ويجابه إسقاطات أفعاله'، مضيفًا أنّ السّفير شابيرو، المقرّب الأميركيّ الأوّل لليبرمان، هو من ساعد الأخير، على تخطّي هذه المحنة أمام قيادة البيت الأبيض.
وبيّن رافيد أنّ مكتب وزير الأمن الإسرائيليّ، انشغل منذ مساء يوم الأحد وحتّى عصر يوم أمس الإثنين، بصياغة عدّة مسوّدات لرسالة اعتذار لقيادة البيت الأبيض، عن محتوى الرّسالة اللاذعة التي صدرت عن المكتب ذاته يوم الجمعة، أثبتت أنّه حتّى وزير الأمن الإسرائيليّ، ليبرمان، اضطّر الوقوف عند الخطّ الأحمر: المعونات العسكريّة الماليّة الأميركيّة.