عاموس هرئيل - هارتس
تقديرات أمريكا وإسرائيل والدوحة متشابهة: ترامب مصمم على التقدم إلى المرحلة الثانية. رغم علامات الاستفهام الكثيرة على الأرض، ينوي الرئيس فرض الانتقال إلى المرحلة القادمة على الطرفين، والتي تتضمن انسحاباً إسرائيلياً آخر في القطاع. الجدول الزمني سيتأثر من لقائه مع نتنياهو في الولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي. ومن المرجح تنفيذ الخطوات الأساسية بعد هذا اللقاء.
بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأصفر، بالسيطرة على نصف مساحة القطاع تقريباً، كان هناك من تحدثوا في إسرائيل عن “سور برلين الجديد” الذي سيبقى فترة طويلة. ولكن الرسائل التي بثها الأمريكيون الأسبوع الماضي توضح أن الرئيس لا يتفق مع هذا الرأي. الإدارة الأمريكية فاجأها وفاء حماس بالتزاماتها – هي في الحقيقة نجحت في العثور على وإعادة جثث جميع المخطوفين القتلى، باستثناء رون غوئيلي. ما زالت إسرائيل تطالب بإعادته، والولايات المتحدة تدعم هذا الطلب، لكن نيتها تطبيق مراحل الانسحاب القادمة.
ربما تدفع الولايات المتحدة باتجاه اتفاق يقف فيه الجيش الإسرائيلي على مسافة أقرب من حدود القطاع، في الممر الأمني وبعرض محدود داخل المنطقة الفلسطينية. في الوقت نفسه، يعترف الجيش بأن نطاق الخروقات الفلسطينية للاتفاق غير مرتفع. الجنود يطلقون النار على رجال حماس الذين يحاولون اجتياز الخط الأصفر لجمع معلومات استخبارية عن تموضع القوات، وللقيام بهجمات أحياناً. ولكن عملياً، لا توجد محاولة منظمة للتصادم مع الجيش الإسرائيلي، وما زالت بؤرة الاحتكاك الأساسية في جيب الأنفاق بمنطقة رفح، حيث علق عشرات مسلحي حماس خلف الخطوط الإسرائيلية.
ستكون المرحلة القادمة في الخطة الأمريكية الإعلان عن تعيين “مجلس السلام” الدولي، الذي قد يوفر الغلاف لحكومة التكنوقراط الجديدة التي ستشكل في القطاع. هذا الإعلان قد يصدر في العشرة أيام بين 15 كانون الأول وعيد الميلاد. هناك تفاهمات بشأن هوية أعضاء حكومة التكنوقراط، ورغم أن الأمر لم يحدد رسمياً، فمن المتوقع أن يضم شخصيات مرتبطة بحماس أو متماهية مع فتح والسلطة الفلسطينية. لم يخطط بعد لإقامة قوة الاستقرار متعددة الجنسيات كما يبدو لتكون في منتصف كانون الثاني القادم.
كبار قادة القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي عبروا عن رضاهم من نجاح واشنطن في مصادقة مجلس الأمن على الخطة. الصعوبة الأساسية ما زالت تتعلق بخوف الدول التي وافقت مبدئياً على إرسال جنود لقوة الاستقرار من مواجهة مباشرة مع حماس. رغم جهود ترامب، لا توجد دول واحدة مستعدة لتعريض رجالها للخطر، وفرض مهمة نزع سلاح حماس عليها.
الاتصالات بين حماس والولايات المتحدة ودول الوساطة- قطر ومصر وتركيا، تتناول تحديد السلاح لدى حماس. التسوية التي تناقش الآن تتناول تجريد حماس من سلاحها الهجومي مثل الصواريخ، مع احتفاظ رجالها بالسلاح الشخصي (البنادق والمسدسات). يعتقد جهاز الأمن في إسرائيل أن الخطر الذي يحدق بمستوطنات غلاف غزة منخفض جداً؛ لقد بقيت لدى حماس صواريخ قليلة، ويبدو أنها ستجد صعوبة في تنفيذ هجوم منظم. في هذه الأثناء، تأخير تطبيق الخطة الأمريكية مع غياب بديل سياسي في القطاع، يسمح لحماس بترسيخ سيطرتها على السكان الفلسطينيين.
لا يعتقد نتنياهو أنه يمكن كبح حماس لفترة طويلة بدون نزع سلاحها. ولدى جهاز الأمن شكوك كثيرة فيما يتعلق بسيناريو كهذا. ستحاول إسرائيل السعي إلى وضع تسمح فيه الولايات المتحدة لها بحرية عمل أمام حماس – مثلما يفعل الجيش الإسرائيلي في الهجمات المتواترة ضد حزب الله في جنوب لبنان. ولكن هذا الأمر مرتبط بدرجة الثقة التي ستعطيها الإدارة الأمريكية لاحتمالية المضي بخطتها، وبنجاح انتشار القوة متعددة الجنسيات. ما زال الرئيس الأمريكي يظهر تفاؤلاً في هذه الأثناء.
خطة الولايات المتحدة تتحدث عن تقسيم غزة “الجديدة” شرقي القطاع وغزة “القديمة” غربي القطاع. ستبقى لحماس سيطرة ما في المنطقة الغربية في هذه المرحلة، في حين ستبدأ إقامة أحياء جديدة في المنطقة الشرقية. دول الخليج ستمول المشروع على أمل جذب فلسطينيين للمنطقة يرغبون في الخروج من منطقة نفوذ حماس. وتأمل الولايات المتحدة بخلق مناطق آمنة هناك، ينتقل إليها السكان الذين مروا بعملية تصفية أمنية.
طلب من إسرائيل عدم وضع عقبات، بل وإخلاء بقايا القنابل من رفح، التي ستشكل مشروعاً ريادياً للخطة. في الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة لإعادة فتح معبر رفح. إسرائيل قلقة من ذلك لخوفها من أن يغض الجيش المصري النظر عن تهريب السلاح في المعبر، كما فعل في سنوات ما قبل 7 تشرين الأول 2023.


