لقد مثلت عملية اغتيال الشيخ/ صلاح الدين مصطفى شحادة (أبو مصطفى) مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة (حماس)، دليلاً جديداً دامغاً على وحشية العدو الصهيوني، عندما استخدم في عملية الاغتيال هذه قنبلة تزن طناً، ألقيت من طائراته الحربية (F16)، على عمارة سكنية التي يقطن بها الشيخ الشهيد، مما أدى ذلك لتدمير العمارة والبنايات المجاورة واستشهاد ما لا يقل عن ستة عشر شهيداً فلسطينياً، من بينهم القائد الشهيد/ صلاح الدين شحادة ومرافقه.
ولد/ صلاح الدين مصطفى محمد علي شحادة في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين بتاريخ 4/2/1953م، حيث نزحت أسرته من مدينة يافا الفلسطينية عام 1948م جراء النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني، الذي شرد من دياره وأرضه حيث استقر بهم المطاف في ذلك المخيم.
كان والده يعمل في بيارات غزة شمال القطاع، مما اضطرت الأسرة للانتقال معه إلى بلدة بيت حانون، حيث التحق صلاح الدين شحادة بالدراسة الابتدائية في مدرسة ذكور بيت حانون وهو في سن الخامسة من عمره حيث كان أصغر طالب يدخل المدرسة وذلك عام 1958م، كذلك أنهى دراسته الاعدادية هناك ومن ثم عادت الأسرة إلى الإقامة في مخيم الشاطئ مرة ثانية، حيث التحق بمدرسة فلسطين الثانوية والتي حصل منها على شهادة الثانوية العامة بتفوق.
لم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا، حيث كان يرغب بدراسة الطب أو الهندسة في جامعات أوروبا.
التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في مدينة الاسكندرية والتي حصل منها على شهادة بكالوريوس خدمة اجتماعية.
فور عودته من مصر إلى قطاع غزة بدأ صلاح الدين شحادة العمل في الدعوة إلى الإسلام، حيث التزم بذلك خلال وجوده في المعهد وأخذ طابعاً واضحاً.
بعد تخرجه من معهد الخدمة الاجتماعية، عين باحثاً في مدينة العريش المصرية وعين فيما بعد مفتشاً للشؤون الاجتماعية في العريش.
بعد عودة مدينة العريش للسيادة المصرية عام 1979م، أنتقل صلاح الدين شحادة للإقامة في بيت حانون وأستلم منصب مفتش الشؤون الاجتماعية لقطاع غزة.
تزوج صلاح الدين مصطفى شحادة عام 1976م وهو أب لستة بنات.
مع بداية عام 1982م، أستقال صلاح الدين شحادة من عمله في الشؤون الاجتماعية وانتقل للعمل في دائرة شؤون الطلاب في الجامعة الإسلامية بغزة.
تم اعتقال صلاح الدين شحادة في العام 1984م، للاشتباه بنشاطه المعادي للاحتلال الإسرائيلي، غير أنه لم يعترف بشيء ولم يستطع المحققون إثبات أي تهمة ضده، فأصدروا ضده لائحة اتهام حسب قانون الطوارئ لسنة 1949م، وهكذا قضى صلاح الدين شحادة في المعتقل لمدة عامين.
بعد خروجه من المعتقل عام 1986م، شغل صلاح الدين شحادة منصب مدير شؤون الطلبة في الجامعة الإسلامية، إلى أن قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق الجامعة في محاولة لوقف الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 1987م، الَّا أن الشيخ/ صلاح الدين شحادة واصل العمل في الجامعة حتى تم اعتقاله بتاريخ 18/8/1988م، واستمر التحقيق معه حتى تاريخ 26/6/1989م، حيث وضع في سجن السرايا بغزة، ثم انتقل من زنازين التحقيق إلى غرف الأسرى، وبتاريخ 14/5/1989م أعيد إلى زنازين التحقيق مرة ثانية بعد أن تم الاعتراف عليه، وأستمر التحقيق معه لمدة عشرون يوماً متواصلة، وبذلك بلغ مجمل التحقيق معه حوالي عام كامل، وكانت التهم الموجهة إليه مسؤوليته عن الجهاز العسكري لحركة (حماس) وإصدار أوامر باختطاف جنود إسرائيليين، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.
بعد انتهاء المدة المقررة للسجن حول الشيخ/ صلاح الدين شحادة إلى الاعتقال الإداري لمدة عشرين شهراً ليتم الإفراج عنه بتاريخ 14/5/2000م.
الشيخ/ صلاح الدين مصطفى شحادة (أبو مصطفى) هو مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة حماس والذي عرف باسم (المجاهدون الفلسطينيون).
حاز الشيخ/ صلاح الدين شحادة على الحزام البني في المصارعة اليابانية أثناء دراسته في جامعة الإسكندرية.
الشيخ/ صلاح الدين شحادة/ أبو مصطفى ذو قامة فارعة، وجسد قوي، وعضلات مفتولة، وإرادة صلبة لا تلين، وصوت جهوري، ووجه وسيم صبوح وابتسامة لا تفارق محياه.
الشيخ/ صلاح الدين شحادة يمتلك شخصية قوية وصلبة وقادر على امتصاص جميع وسائل التعذيب، ومواجهة أية إغراءات في التحقيق، لقد كان صلاح الدين شحادة كاتم أسرار الشيخ/ أحمد ياسين، وهو ضليع في الشؤون الدينية وحسن المحيا، يخفي وراء هذا القناع شخصية أحد القادة الأكثر قسوة في أوساط (حماس).
تمكن الشيخ/ صلاح الدين شحادة من أعادة بناء الجهاز العسكري لحركة حماس عام 2000م بعد خروجه من السجن.
تم تصنيف الشيخ/ صلاح الدين شحادة من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية بالمطلوب رقم (1) عام 2001، 2002م.
أستمر الشيخ/ صلاح الدين شحادة في مسيرته النضالية، إلى أن تمكنت يد العدو الصهيوني يوم الأثنين الموافق الثاني والعشرين من يوليو عام 2002م، من اغتياله وذلك بقصف جوي من طائرات الـ (F16) بإلقاء قنبلة تزن طناً على بناية في حي مزدحم بمدينة غزة، مما أدى إلى استشهاد القائد العام/ لكتائب عز الدين القسام، مع عدد كبير من المدنيين والأطفال، حيث أتخذ قرار اغتياله من قبل أعلى المستويات في إسرائيل ممثلة بشارون رئيس الوزراء آنذاك وقائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال (حالوتس).
لقد لقي أبو مصطفى وجه ربه شهيداً بعد أن أذاق الصهاينة صنوف المرارة، أمضى حياته مجاهداً، وأباً عطوفاً، وأخاً متواضعاً، سخر وقته وجهده في خدمة الدفاع عن أبناء شعبه وقضيته العادلة.
رحل المجاهد/ أبو مصطفى بعد أن ترك خلفه سيرة جهادية مليئة بالمحطات والمواقف المشرفة المستمدة من الجندية والقيادة الاسلامية.
كان الشهيد/ صلاح الدين شحادة بحق يعتبر الرجل رقم واحد لعز الدين القسام ويشكل لهم مرجعية روحية وميدانية في كل شيء.
في اليوم التالي للرحيل كان الوداع الأخير لقائد كتائب عز الدين القسام، فكان يوم وداعه لا مثيل له في تاريخ غزة، حيث أحتشد الآلاف من شباب قطاع غزة وسار الموكب ساعات متواصلة إلى المقبرة حيث وورى الثرى بعد الصلاة على جثمانه الطاهر.
لقد كان الشيخ صلاح الدين شحادة يتمتع بخصال رفيعة يتصف بها وتليق بقائد شجاع ومقدام وصلب ذو عقلية فريدة على التنظيم.
كان الشهيد/ صلاح الدين شحادة اليد اليمنى للشيخ/ أحمد ياسين، رجل يثير انطباع من يلتقيه ويجبرك على احترامه، صلاح الدين شحادة رجل لا يعرف الانكسار.
رحم الله الشيخ المجاهد/ صلاح الدين مصطفى شحادة (أبو مصطفى) وأسكنه فسيح جناته.


