خبر : ماذا بين «الإخوان» وإيران؟ ...أيمن عقيل

الأربعاء 20 يوليو 2016 10:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT




تتوسّل الثورة الإيرانية، للتطلّع إلى خارجها، الثنائيتين نفسيهما اللتين تختصران داخلها وتحكمان علاقتها بالإسلام السياسي من جهة والغرب السياسي من جهة أخرى. لذلك، من الصعب على عقل الثورة السياسي أن لا يستأنس بهاتين الإشكاليتين عندما يطلّ على الإقليم. ولا شك في أن «الإخوان المسلمين» يدغدغون مشاعر الإيرانيين لأن بإمكانهم نظرياً الاصطفاف على الجانب «الصحيح» من كلتا الثنائيتين على السواء، بعكس الأنظمة القومية أو الرجعية العربية.
العلاقة مع «الإخوان المسلمين» تاريخية وبينهما «خبز وملح» سياسي. ولا شك في أن هذه العلاقة تمثّل حجّة صلبة للإيراني بوجه المتّهمين له بالمذهبية، وهناك محطات عديدة امتدت من خمسينيات القرن الماضي حتى الماضي القريب تشهد بالخدمات المتبادلة بين الطرفين. في جانب آخر، لا يمكن لأي باحث متجرد أن لا يلمس تأثير الإنتاج الفكري «الإخواني» في العديد من أدبيات الثورة الإسلامية. ومن دون شك تحوز كتابات سيد قطب، التي أصدرت إيران طابعاً بريدياً يحمل صورته العام 1981، على شعبية مفرطة. ومن المعروف أن السيد الخامنئي كان قد ترجم كتاباً له في العام 1966، ووصفه بـ «المفكر المجاهد الذي أثبت بأن المستقبل هو لهذا الدين».
وبقدر ما يبدو هذا الأمر مستهجناً، فإن الإيرانيين لا يمانعون ضمنياً تولّي تيارات الإسلام السياسي «شؤون» العالم الإسلامي ـ السني. بالطبع، الأزمة في سوريا، على ضخامتها، هي مجرد عارض على هذا الإقرار الضمني. يتأتّى هذا العارض جزئياً من الاصطدام بين الإشكاليتين في سوريا، حيث يمثل النظام بالنسبة لإيران قاعدة متقدمة للتصدي للغرب من جهة، بينما تمثل بعض خصومه تيارات أساسية من الإسلام السياسي. وليس بعيداً عن ذلك العلاقة الممتازة بين الثورة الإسلامية وحزب «العدالة والتنمية»، وهي علاقة تُعتبر إحدى سببي «العتب» الروسي على الأداء الإيراني في الملفّ السوري.
برغم «الرشاقة» المبدئية التي خالطت الأداء «الإخواني» خلال الأعوام الأخيرة، والتي نظر إليها البعض باعتبارها خروجاً موصوفاً على «الخبز والملح»، لا يبدو أن الإيرانيين أبدوا استعداداً لإعادة النظر برهانهم عليهم. وقد طفت على السطح مؤخراً مطالبات عديدة لإيران بمغادرة هذه الثنائيات التي تحكم رؤاها الخارجية والإطلالة على الإقليم، بدلاً من ذلك، من خلال مصفوفة رحبة من الإشكاليات. من شأن ذلك ربما المساعدة على معاينة المعطيات بانفتاح وتخطي الانغلاقات المزمنة التي أصبحت قدراً للمنطقة برمّتها. في المقابل، لم يكن للأزمة في سوريا أن تبقى محاصرة من دون الخطوط المفتوحة بين طهران وأنقرة، وهي خطوط ساعدت ولا تزال في إدارة الصراع وحققت مكاسب متبادلة وأحياناً جنبت الطرفين أضراراً محققة. وبالمناسبة، هناك الكثير من القطب المخفية، والتي يحلو للبعض تسميتها بالألطاف الإلهية، التي لا يمكن تفسيرها خارج هذه الخطوط المفتوحة.
وانطلاقاً مما تقدم، لا يبدو الموقف الإيراني من محاولة الانقلاب في تركيا قبل أيام مفاجئاً إلا للذين يختصرون الإقليم بالساحة السورية. بالنسبة لإيران وتركيا، الجميع الآن في قلب الصراع، وعندما تحين لحظة الولوج في الحلول فإنهما الوحيدتان القادرتان على لملمة الملفات وترتيب الأوراق. السعودية أكثر مَن يعي ذلك، ولذلك كانت وسائلها الإعلامية أكثر ذكاء من ألا تهلل لمحاولة الانقلاب الأخيرة.