بيروت - كتب حلمي موسى- نادراً ما تناولت الصحافة الإسرائيلية العلاقات السرية بين إسرائيل والدول العربية التي لا تقيم علاقات ديبلوماسية معها. وعلى الدوام، كان المُبرر لمنع نشر أي أمورٍ من هذا النوع الحفاظ على نمط علاقات كان ولا يزال يعتبر استراتيجياً. ولكن الصحافة الإسرائيلية كانت أحياناً تستند إلى ما ينشر في الخارج، سواءً كانت تقارير صحافية أو كتابات لا تخضع للرقابة الإسرائيلية، لتنشر قصصاً حول هذا الموضوع. وفي الماضي، كان التركيز على كل من الأردن والمغرب، ولكن في الآونة الأخيرة انتقل مركز ثقل القصص السرية إلى دول الخليج العربي عامة، وإلى المملكة السعودية خاصة.
وفي هذا الإطار، تناول أكثر من معلق إسرائيلي موضوع إشارات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمبادرة العربية باعتبارها نوعاً من مغازلة السعودية والدول الخليجية بقصد إخراج علاقات التعاون من السر إلى العلن.
وكتب المُعلّق الأمني في «معاريف» يوسي ميلمان أنه من الناحية الظاهرية تبدو الهوة كبيرة في المواقف السياسية بين إسرائيل والسعودية، حيث تعلن الأخيرة أنها لن توافق أبداً على تطوير علاقات علنية ومفتوحة مع إسرائيل قبل توفير حلٍ للنزاع العربي الإسرائيلي. وأضاف: «لكن الامر لا يمنع، حسب منشورات أجنبية، وجود اتصالات سرية من انواع مختلفة تتواصل منذ بضع سنوات، وتسارعت في الآونة الاخيرة. في أساسها، توجد هذه الاتصالات في الفكر السعودي، الذي له مصلحة مشتركة مع اسرائيل. والمصلحة المركزية هي الخصومة مع إيران. فالسعودية، مثل اسرائيل، تخاف من إيران، ومن برنامجها النووي المتطور ـ الذي اوقف حالياً في درجة «حافة النووي» ـ ومن محاولتها توسيع نفوذها في الشرق الاوسط، إثارة الأقليات، دعمها لمنظمات ارهابية مثل حزب الله وتدخلها في الحرب في سوريا الى جانب نظام الاسد».
وأضاف ميلمان أنه «سبق أن تحدثت منشورات أجنبية عن أن رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت التقى في محادثات مع مسؤولين سعوديين. ونشر أن رؤساء للموساد، بمن فيهم مئير دغان، التقوا مع نظرائهم من السعوديين. وإذا كانت هذه المنشورات صحيحة، فإنه يمكن التقدير بأن رئيسي الموساد اللذين جاءا بعد دغان ـ تمير باردو ويوسي كوهن ـ يمكنهما في ظروف معينة ان يواصلا هذه اللقاءات. وأحدٌ لن يسقط من كرسيه إذا تبين بأن نتنياهو ايضاً نال ساعات نوعية مع زعماء السعوديين».
ونقل عن المجلة الفرنسية «انتلجنس اونلاين» مؤخراً ما نشرته من نبأ عن اسرائيل والسعودية بعنوان «التعاون يصبح فنياً». وفي عنوان فرعي، جاء أن «اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والسعودية تعمل على نحو مشترك منذ بضع سنوات. ولكنها قررت مؤخراً الارتباط في المجال الاستخباري الالكتروني ايضاً». وبحسب النبأ، فإن «موظفين كبارا من الاستخبارات العامة طلبوا مؤخراً المساعدة من اسرائيل لتحسين قدراتهم الفنية».
ويقف على رأس جهاز الاستخبارات السعودي الجنرال خالد بن علي حميدان، الذي يتمتع بمكانة وزير في حكومة الرياض. وكان الملك سلمان عيّنه في منصبه قبل سنة ونصف السنة، كجزءٍ من سلسلة تعيينات جديدة للموالين له في مناصب أساسية. وبحسب «انتلجنس أونلاين»، فإن «السعودية معنية أساساً بحلولٍ متطورة في مجال الاعتراض والسابير الاستخبارت، وكذا برفع مستوى قدرات القيادة والتحكم في مراكزها العملياتية».
كما كُتِب هناك ايضاً بأن «التعاون المعلوماتي» بين الدولتين «أصبح رسمياً أكثر في السنوات الأخيرة، ولا سيما في الأشهر الماضية، وذلك بسبب خوف الدولتين من إيران».
وبحسب «انتلجنس أونلاين»، فإن «المهندس في الجانب الاسرائيلي للعلاقات الوثيقة هو تامير باردو، رئيس الموساد السابق». كما كتب بان «وزارة الدفاع الاسرائيلية تسمح لشركات اسرائيلية بعرض عتادٍ على الرياض، ولا سيما في مجال الطائرات غير المأهولة وتكنولوجيا الصواريخ».
ويذكر النبأ الموت في ظروف غامضة في كانون الثاني 2015 لمواطن أميركي وصف بانه «مهندس في شركة البيت للأجهزة الالكترونية»، في اعقابه «خرج التعاون الى النور». وكان ريتشارد كارمر ابن الخمسين عاماً من نيوهمشاير يعمل في «كولسمن»، شركة فرعية اميركية لشركات «إلبيت» الإسرائيلية. وقد توفي في فندق في مدينة تبوك، التي تقع على مسافة نحو 200 كيلومتر عن العقبة وايلات. في تبوك، يوجد المطار العسكري السعودي الاقرب الى اسرائيل. وبزعم السلطات السعودية، فان كارمر انتحر، ولكن ابناء عائلته ينفون هذا الادعاء.
وكتب ميلمان أنه علم من المتحدث بلسان شركة «إلبيت» هذا الاسبوع أنه لم يكن لزيارة ووفاة كارمر اي صلة بإسرائيل، وانه كان مرتبطا بمشروع صواريخ «تاو» الذي بدأ قبل أن تشتري «إلبيت» الشركة الأميركية.
عن السفير