هارتس سما وزير الاسكان، وعضو المجلس الوزاري في الحكومة، الجنرال (احتياط) يوآب غلانط، سافر الى واشنطن لتبييض صفحة الحكومة التي يجلس فيها، لكنه كما يبدو ادلى بتصريح من شأنه ان يسبب متاعب لرئيس حكومته نتنياهو مع المستوطنين واليمين المتطرف. ففي وقت يرفض نتنياهو الالتزام منذ سنوات بوقف البناء في المستوطنات، ويتواصل هذا البناء عمليا، ادعى غلانط خلال لقاء مع زعماء يهود في نيويورك، في الأسبوع الماضي، ان سياسة الحكومة هي ليست البناء في مستوطنات الضفة الغربية، وانه يعمل بناء على ذلك. ليس هذا فحسب، بل يدعو غلانط حكومته الى القيام بخطوة سياسية في الضفة الغربية حتى بدون شريك فلسطيني.
وتكتب "هآرتس" في تقرير موسع تناول تصريحات غلانط، ان الأخير ادلى بتصريحه هذا خلال لقاء مغلق اجراه مع زعماء مؤتمر رؤساء الجاليات اليهودية في شمال امريكا، وتم تسجيل اجزاء من خطابه ودمجها ضمن رسائل الكترونية لموقع الاخبار اليهودي الامريكي "جويش اينسايدر". وتم تحويل النص الكامل لصحيفة "هآرتس".
وسئل غلانط عدة مرات بشأن البناء في المستوطنات، فقدم هذا الجواب الذي يرفض رئيس الحكومة نتنياهو المصادقة عليه بشكل دائم في السنة الأخيرة. وقال غلانط: "بشكل اساسي انا انفذ سياسة الحكومة ووفقا لها نحن لا نبني في يهودا والسامرة، لكنني لست الوحيد الذي يمسك بالقدرة على البناء. هناك اناس يبنون لوحدهم وقسم اخر يبني وفقا لأوامر من وزراء آخرين". والمح غلانط بذلك الى حقيقة انه في الوقت الذي لا تقوم فيه وزارة الاسكان بتسويق الاراضي للبناء في المستوطنات، تجري اعمال بناء ليست قليلة بواسطة لواء الاستيطان الخاضع لمسؤولية وزير الزراعة اوري ارئيل من البيت اليهودي.
وقال غلانط انه يعتقد بأن حل مسألة البناء في المستوطنات يجب ان يقوم على التفاهمات بين الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ورئيس الحكومة الأسبق اريئيل شارون، والتي تنص على قيام اسرائيل بالبناء في الكتل الاستيطانية فقط، بما يتفق مع الزيادة الطبيعية. ولكن البيت الابيض نفى بعد انتخاب براك اوباما، انه لا يعرف عن وجود تفاهمات كهذه. كما ادعت وزيرة الخارجية في فترة بوش، كوندوليسا رايس عدم وجود تفاهمات كهذه.
واعرب غلانط عن قلقة الكبير ازاء ابعاد استمرار الجمود مع الفلسطينيين، وقال: "خلال عشر سنوات سيكون هناك سبعة ملايين فلسطيني وسبعة ملايين يهودي غرب الاردن. نحن نفهم ان هذا حدث كبير.. الحل مع الفلسطينيين هو مصلحة اسرائيلية، ونحن نحتاج الى ذلك بأسرع ما يمكن".
ويدعي غلانط عدم وجود شريك للحوار في الجانب الفلسطيني، لكن هذا يجب ان لا يمنع اسرائيل من التقدم. وقال: "يطرح السؤال عما سيحدث اذا رفعنا ايدينا عن مقود هذه الطائرة وتركناها تمضي. ماذا سيحدث خلال جيل؟ نحن نعرف الأرقام. هذه الأرقام لا تبشر بالخير. حل الدولة الواحدة هو فكرة سيئة جدا لإسرائيل. لقد شاهدنا ما حدث في البلقان. ليدنا حرب مداها مئة عام مع الفلسطينيين، واذا اختلطنا معا مع مستويات عالية من التوتر، ما الذي سيحدث؟ التفكير بالمستقبل يحتم علينا كحكومة التوصل الى حل حتى اذا لم يرغب الجانب الثاني بذلك".
وكرس غلانط جانبا كبيرا من حديثه للعلاقات مع مصر، حيث اثنى على الرئيس السيسي، الذي وصفه بـ"مبارك الذي اجتاز عملية مط للوجه". وقال ان اسرائيل محظوظة لأنه نجح بالسيطرة على مصر من ايدي الاخوان المسلمين. واشار الى ان الجيش المصري لا يزال مستقرا رغم التقلبات التي مرت بها مصر، وان تقوض الاستقرار في مصر اخطر مما في العراق او لبنان. "ولذلك، فان من مصلحة اسرائيل والولايات المتحدة دعم النظام الحالي في مصر".
وحسب رأي غلانط فقد "سيطر السيسي على الحكم بوسائل غير ديموقراطية، لكنه اكثر ليبراليا من الرئيس السابق محمد مرسي من الاخوان المسلمين، الذي وصل الى السلطة بطرق ديموقراطية. هل تفضلون النظرية او التطبيق. اعتقد ان التطبيق اهم. اعتقد ان السيسي هو دمج لجمال عبد الناصر والسادات. لديه قوة ناصر وحكمة السادات". واضاف بأنه يعتقد ان السيسي هو الرجل المناسب في المكان المناسب، لكنه يواجه مشاكل دراماتيكية. وقال: "نحن نريد مساعدته ونعمل من اجل مصر في الولايات المتحدة بشأن المساعدات العسكرية. نحن نريد لمصر ان تكون قوية وتحت القيادة الصحيحة. السيسي هو جزء من الحل ومن حظنا وجوده".
وتطرق غلانط الى محاولة المصالحة مع تركيا، وقال: "علينا الحفاظ على تركيا الى جانبنا، وليس مهما مدى اشكالية الحكومة (التركية). نحن نعرف ان الاتراك لا يتصرفون احيانا حسب ما كنا نرغب، لكننا نعرف مدى اهمية تركيا. لا نريد لما حدث في ايران ان يتكرر في تركيا". وقال غلانط انه احد الوزراء في المجلس الوزاري الذين يدفعون نحو اظهار الليونة بشكل اكبر امام تركيا من اجل انهاء الازمة. ومع ذلك اوضح بأن اغلاق قيادات حماس في تركيا هو شرط لكل مصالحة.
ووجه غلانط انتقادا شديدا الى فرنسا على خلفية مبادرتها السلمية، وقال: "على فرنسا ان توحد باريس اولا قبل ان تأتي للانشغال بنا. لديهم الكثير من المشاكل هناك، ونحن مستعدون لمساعدتهم. لا يمكن توقع موعد حدوث العملية الارهابية القادمة في اوروبا وكيف يتم احباطها. تصدير المشكلة (الفرنسية) الى الشرق الاوسط مثير للسخرية. فرنسا تعلن ان 10% من سكانها هم مسلمون، لكنها لا تصرح عن نسبة 10% اخرين. لديهم 20%. انظروا الى المنظومة الفرنسية، كم جنرال او كولونيل مسلم يوجد فيها، اذا حدث ذلك اصلا؟".


