خبر : هبوط إضطراري .. من القدس إلى تيران و صنافير !! بقلم محمد يوسف الوحيدي

الإثنين 11 أبريل 2016 02:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
هبوط إضطراري .. من القدس إلى تيران و صنافير !! بقلم محمد يوسف الوحيدي



في زمن يخرج علينا فيه من يقول أن المسجد الأقصى ليس هو الموجود في القدس ، و أن أورشليم هي القدس ملك لليهود الإسرائيليين ، و لفظ القدس مسروق من اللفظ العبري الصحيح الأصيل بيت همقداش ، و أن قضية القدس قضية سياسية ضحك بها القادة و الخلفاء والأمراء العرب و المسلمين على الشعوب على مر السنين ، لتأجيج العواطف و تجييش الجيوش و توسيع رقعة الحكم ليس إلا ، و في الوقت الذي ينبري فيه الكتاب و المبدعون و الروائيون و المنتجون ليحقنوا الوجدان العربي بمسلسلات و أفلام تبرئ ساحة اليهود ، و تظهرهم بالحضاريين و المنظمين و الأبرياء ، بل و بقصص حب و رومانسية تجمع بين قلب عربي مسلم و قلب إسرائيلية يهودية ..

 في الوقت الذي تتواصل فيه حملات تشويه الفلسطيني ، و تلصق به كل التهم و أي تهم ، و اي نواقص ، و صفات الغدر و التفريط و الخيانة و الشيطانية .. في القوت الذي تخرج علينا مبدعات تفتين في الدين ، و تصف إحداهن إبراهيم النبي عليه و على آله الصلاة و السلام "بالرجل الصالح" الذي حلم بكابوس أنه يذبح إبنه ، و تستنكر وحشية الإسلام و المسلمين بذبح الشياة و الأغنام و الخراف كل أضحى !! 

وغير هذا و ذاك العشرات بل المئات من الأمثلة و الطروحات ، و النماذج المحددة للنمط الفكري الجامع ، المراد له أن يسيطر على ثقافتنا العربية و عقيدتنا الدينية ، وكل هذا يختبئ تحت ستار التنوير و الحق في الإبداع ، و التفكير خارج الصندوق و ما إلى ذلك من تصريفات و حجج و بدع .. من غستمراء إستدعاء الأمريكان لتحرير الكويت ، و تمثيل إسرائيلي إقتصادي و أمني و سياسي و رياضي و ثقافي في قطر ، وعويل و لطميات في قناة الجزيرة بإسم الإسلام و العروبة و حب فلسطين و معاداة الصهيونية !! من الطبيعي اليوم ، أن تُستشار إسرائيل في عروبة جزيرة أو جزيرتين ، من الطبيعي أن تتصالح مكة مع تل أبيب ، بل تتحالف ، من الطبيعي أن تهبط طائرة سعودية في مطار بن غوريون بتل أبيب ( الذي كان إسمه مطار اللد أيام الإحتلال الفلسطيني لإسرائيل ! ) و يقال أنه هبوط إضطراري ..


نعم ، إنه هبوط إضطراري .. إنه الهبوط في القيم ، و المبادئ ، حتى أولئك المعارضون ، الرافضون ، لم أجد منهم أو بينهم من يعترض على التدخل الإسرائيلي السافر في الشأن العربي ، أو بقبول السعودية بالشروط في معاهدة ( السادات – بيجين ) الناسفة للعروبة و وحدة الأمة ، بل جل الإعتراضات ، والنقد إمتاز بالإقليمية البغيضة ، و التعالي العرقي ، و المحدودية الجهوية ، و الروح القبلية النتنة . 

لم أسمع إي إعتراض على دور إسرائيل ، وعلى ثمار كامب ديفيد ، وعلى إستفادة إسرائيل أمنيا و سياسياً و إقتصادياً من التقسيم الجديد ، بقدر ما سمعت عن حقوق ملكية ، و كراهية السعودة ، و آل سعود .. و العرب و العروبة ..


و بالعودة للمبشر الرائد ، بسقوط فكرة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، و بعدم قدسية قضية فلسطين ، و بعدم وجود أي بركة في أرضها ، و بعدم وجود قضية اساساً ... و اقول له ، هنيئاً ، اليوم يمكنك توسيع دائرة التبشير ، لتصل إلى حقوق بني النظير و قينقاع ، و خيبر ، في شبه الجزيرة العربية ، بل و في اليمن السعيد ، و على ذكر اليمن ، ووصول آخر أسرة يهودية مؤخراً إلى إسرائيل تحمل معها ما يقال أنها أقدم نسخة من التوراة ، عيني عينك ، سافرت هذه الأسرة ، من اليمن إلى إسرائيل ، تحمل هذه القيمة التاريخية ، ربما ليستخدمها المبشرون بالهبوط الإضطراري ، الفجر التنويري ، الواقعيون العرب ، في إثبات يهودية اليمن ، و حقوق أتباع سليمان الملك فيها .. بحق الهدهد ، و بلقيس التي إستسلمت له ..


هبوط في القيم ، هبوط في العقيدة ، هبوط في الأخلاق ، هبوط إضطراري من أجل المصالح ، و يظنون أن المصالح شئ ، و المبادئ شئ آخر ، متعارض .. و الواقع شئ ، و خيالات الأخلاق و التدين و العروبة شئ آخر .. جمال عبد الناصر يدفن مرة أخرى ، و مظفر النواب يتحسر مرة أخرى اليوم :
أقسمت بتاريخ الجوع ويوم السغبة
لن يبقى عربي واحد إن بقيت حالتنا هذي الحالة
بين حكومات الكسبة
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ؟؟
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض
فما أشرفكم !!