خبر : نيوتن ، نتنياهو ، داعش ، و ترامب في غزة ... بقلم : محمد يوسف الوحيدي

الأربعاء 06 أبريل 2016 02:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
نيوتن ، نتنياهو ، داعش ، و ترامب في غزة ... بقلم : محمد يوسف الوحيدي



يقول قانون نيوتن الثالث : للحركة : ”لكل قوة فعل قوة رد فعل، مساوية لها في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه، تعملان على نفس الخط وتؤثران على جسمين مختلفين“
رغم كل ما بتبادر و يتهافت علينا من أخبار و صور في مجتمعنا العربي بشكل عام ، و مجتمعنا الفلسطيني بشكل خاص، تارة بتعليم الشباب " الجَلَد و الصّبر وترك الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية ، و ذلك بوضعهم في قبور لمُدد مُتفاوته ، ثم إخراجهم " و تارة أخرى بدروس التوبة و الإِستِتاَبة لأطفال في مدرسة ، و بكاءٌ و عويلٌ لا يخلو من تمثيل و تظاهر و تدريب على التِقيّة و النفاق ، و إستسهال التَجرؤ على إستخدام الدين في نيل المآرب ..
نَعجب و نَتساءل ، اي جيل نُعد لمستقبل آت ؟ أي نفسيات و عقول و شخصيات نُربي و نُؤهل ؟؟ و للإنصاف فإن هذا السبيل و الشذوذ في التفكير ، شاهدناه ، و نُشاهده في عدد من البلدان ، وبوضوح في المدارس التلمودية و التوراتية اليهودية في الكيان الغاصب ، ومدارس حظائر الغرباء الإسرائيلية " المستوطنات"، يدربون الأطفال على الأسلحة والقتال في معسكرات من المفترض أنها تدريبية رياضية أو كشفية أو ترفيهية تربوية .. و في عدد من مدارس و مجتمعات أوروبية توصف بالظلامية و المتطرفة و العنصرية.. و للحقيقة لم نعد نعرف ، هل نخاف أم نطمئن ؟ حيث أن مستقبلاً يستعد لقيادته شخوص من أمثال المرشح الرئاسي الأمريكي ترامب و حتى هيلاري كلينتون ، و مستقبل بدأت تلوح بشائره العنصرية و الدينية المتطرفة من كل جانب ، مستقبل يتحكم فيه أصحاب العقل الإستيطاني الكولونيالي الإحلالي ، بمقاليد الأمور ، بإختصار نقول إن مدرسة سياسية نتنياهوية ، من الطبيعي ووفق نظرية نيوتن أن تواجه بمدرسة داعشية ..
ولكن يبقى السؤال ، هل حقيقة أن هذه الداعشية ، و هذا التطرف و الإستعداد الأُصولي المتطرف و المبني على ثقافة العنف و الكراهية و الإنعزال و الموت .. هل حقاً هو لمواجهة المدرسة النتنياهوية ؟؟ أم أنه أصلاً أحد أدواتها و أساليبها ؟؟ و أن الطرفين يستعدان للإنقضاض على من لا حول لهم و لا قوة ، على المُجَهَّلين الحائرين في المنتصف ، الغارقين في الجدل وفحص الأسباب و جمع الدلائل و محاولة ترتيب الأحداث بشكل منطقي لتشخيص الحالة و تحديد الرأي فيها بأسلوب علمي ، عاطفي ، إنساني .. ؟؟
و إذا عدنا إلى قانون الأشياء ، و الطبيعة ، و الحركة لنيوتن .. فماهو رد فعل هذه الطائفة من الناس ؟ هل يستعدون لمواجهة جحافل ترامب – كلينتون – نتنياهو - داعش بمزيد من التعقل و دراسة الواقع و تحليله ؟
الإجابة على هذا التساؤل المؤلم ، الذي أثاره إجتماع كل هذه المتناقضات في بعض الصور في غزة الحبيبة ، يمكن أن ينظر إليه من أكثر من زاوية ، و بالتالي تتعدد الإجابات ، و لإجمال شتات الرأي و أخلاط الفكر ، دعونا هنا نركز على إتجاه واحد وزاوية رؤية واحدة علها تجمل و تجمع الإجابات ، و نعنون هذه الإجابة بمفهوم " الإبتعاد عن جوهر الذات و الهُوية ، و التمسك بالقشور و السطحية " .
الواضح ، أننا لو أحسنا إلتقاط نقاط التفجر الإنشطارية السائدة هذه الأيام ، و التي تتسبب بذهاب أرواح ملايين البشر نتيجة إلتباس الرؤية فيها ، لوجدنا أن معسكر ( العقلانيين) هو الآخر مصاب بحالة شلل و تفتت و واقع في مستنقع جدلي له بداية و لا يظهر له نهاية .. متشرذم منقسم على ذاته ، و يبدو أن العزة بالإثم قد أخذته ، و رفض الإعتراف بأن إنكار الأصول و الجذور و وضع تعريفات حقيقية لطبيعة الحركة الكونية وغاياتها ، و الإنغماس في التغريب و الإيمان بالثاقافات الوافدة الباردة ، خلخلت المعادلة ، و فتحت المجال للحسابات غير المنطقية أن تتغلغل و تشكل خطراً يصعب الآن مواجهته .. اللهم إلا بالعودة إلى الإيمان بالذات ، و الهوية الأصيلة العربية ، و جوهر الإيمان بالدين القويم ، و معنى العمارة في الأرض و الإستخلاف على أسس صحيحة بعيدة عن التأويل الطائفي و المذهبي و التعريف الوسائلي المظهري القشري ، لوقف تسلل العدو الجهير و الخفي في ظلام هذا الإشتباه و إعادة ضخ الثقافة القومية في دماء الأمة من جديد ، كمعامل مقاوم ، ومضاد حيوي ، يفترس ظواهر و بواطن التطرف و يُبطل أفاعيل الترامبية العنصرية و النتنياهوية الإحلالية الإجرامية ، و يُقلِّم أظفارهم المغروسة في لحم الأمة حتى العظام .
التصدي يجب أن يواجهة الكلية بالكيلة ، و لا يعتمد على الترقيع و التلفيق و الجبر ، ليعيد الأخلاق قبل اي شئ إلى عافيتها و أصلها ، فهي أول ما إنهار في أمتنا ، و إنهيار الأخلاق سهل بالطبيعة ، إنهيار المثل و المبادئ و على رأسها المبادئ الدينية السمحة و القويمة ، و إعادة الفهم الصحيح للعروبة و أخلاقياتها و حضارتها الرافعة و التي كانت و لا زالت وسيلة العقيدة إبتداء من اللغة و تصريفاتها لنقل الرسالة الصحيحة الخالدة للبشرية . بعيداً عن التعصب العرقي و التعالي الطبقي أو التخريف اللاهوتي و الموروث الأسطوري .
عندما تبدأ هذه الصور بالإنحسار من مجتمعاتنا ، صور أطفال يُستَتابون ، و يُقبرون أحياء بحجة شد العود و تقويم النفس ، و تتوقف برامج مسابقات الرقص بهز البطن و الأرداف ، و توصف بأنها إبداع و حرية ، و ما بينهما من سخف و برودة سلوكية و فكرية .. عندها نستطيع أن نقول أن التيار العقلاني ، الطبيعي بدأ بالتصدي للهجمة الترامبية النتنياهوية بوسائلها الداعشية وفق نظرية رد الفعل لنيوتن .