خبر : استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب ...مروان صباح

السبت 14 نوفمبر 2015 10:56 ص / بتوقيت القدس +2GMT





سجلت انتخابات الرئاسة الأخيرة ، التى جاءت بالرئيس السيسي إلى الحكم مشاركة متواضع ، بالطبع ، دلالتها حملت أبعاد مختلفة ، وأهمها ، أن سيره ونهجه ، ليس محض رضى لدي أغلبية الشعب ، وتعزز ذلك ، بشكل أوسع وبطريقة ناطقة ، رغم الصمت ، عندما قاطعت الأغلبية الساحقة انتخابات البرلمانية ، احتاجاً ، على استخدامه أدوات العهد القديم ، لإدارة الدولة ما بعد الثورة ، وتجلى الغضب ، في منح تلك الطبقة ، الشرعية المطلقة لخوض الانتخابات بين بعضها البعض ، دون أي منافس سياسي أو اجتماعي حقيقي ، الذي بالفعل ، كشف عن انقطاع المعلومة والعلاقة بين الرئاسة والقواعد الشعبية ، وبين انتخابات الرئاسة البارحة وانتخابات البرلمانية اليوم ، تسير مصر في اتجاه قديم ، متجدد ، يعلو صوت محاربة الارهاب على أي صوت أخر ، وقد يكون الأمر الوحيد الذي تغيير بين الماضي والحاضر ، المصطلح التعريفي ، الذي يستخدم من أجل إنهاء حالة هذه الجماعات المسلحة ، من مكافحة الارهاب ، ليصبح اليوم ، محاربة الارهاب ، أما النتائج ، تأتي بعكس النوايا المعلنة ،تماماً ، للقضاء على هذه ظاهرة ، وبالتالي كانت سابقاً تتطلب ، فرق المكافحة من الأمن العام ، أصبحت تحتاج إلى تحريك الجيوش لمحاربتها .

ماذا يعني بالنسبة لي الاحتفاظ على أدوات الماضي ذاتها ، أي أن مصر الجديدة لا يمكن لها أن تبصر النور ، وستبقى إلى إشعار آخر مرتهنة بين مخططات الأمريكان والروس ، وهذا على الأقل ، يترجمه بالفعل الموقف الروسي الأخير من حادثة الطائرة المتفجرة والتى تعاقبت مواقف غربية اخرى ، تباعاً ، اتخذت قرار موحد في مقاطعة السياحة ، بالطبع ، انعكاس القرار سيكون مكلف للغاية ، لأن ، سياسة الارتهان والتبعية ، على الدوام نهايتها مأساوية ، كان من الأفضل ، وبصراحة ثابتة ، ليس فيها لبس ، أن تتبع القاهرة الأسلوب التركي في الإصلاح الشامل ، من أجل تحرير البلد من التبعية ، تارة للأمريكي وأخرى للروسي وبينهما ، الخضوع للشروط الإسرائيلي في شبه جزيرة سيناء ، ولأن باختصار ، مهما اختلفوا حول قضايا متعددة ، تُكشف استراتيجيات هؤلاء ، أنهم يملكون مشروع واحد موحد ، لا خير لمصر ، بل ، هناك اتفاق ظاهر ، لكن ، الكثيرون لا يرغبون رؤيته ، هو ، تقسيم مصر جغرافيا ، وهذه القطيعة للسياحة ، الآن ، ما هي إلا تبشير فعلي بما هو قادم لاحقاً ، بتبسيط شديد ، قد يتساءل المرء ، عن حكمة الرئيس السيسي في الاحتفاظ بأدوات الماضي ، بل ، نسأل السيسي من باب حق الانتقاد ، اذا كان فريق العمل المشارك في تنفيذ مخططاتك ، يشابه ذاك الفريق الذي اعتمدت عليهم بانتخابات الرئاسة أو انتخابات الأخيرة للبرلمان ، بالتأكيد ، نهوض مصر سيبقى على الورق والنتيجة واضحة .

في ضوء هذا التوصيف ، بالطبع ، هناك مشاريع في طريقها إلى الإنجاز ، لا يمكن إنكارها ، منها ، أُنجز فعلاً ، ويحتسب للسيسي سرعة التنفيذ ، لكن ، هذا المشاريع لا تحمي الدولة من المخططات الدولية ، مادام العنصر الأهم غائب بالفعل ، العدالة الاجتماعية بين المصريين ، فمصر حتى اليوم ، يعيش شعبها تحت خط الفقر وثمة مناطق واسعة غارقة بالجهل وسوء الخدمات ، مقابل ، قلة تتحكم بمواردها وتحتكر كل ما هو حي فيها ، ولأن ، أي دولة لا تملك قوة عسكرية مستقلة في التصنيع ، يبقى اقتصادها مهدد ، كما حصل أخيراً مع الطائرة الروسية ، وهنا ، لا بد للمشروع الدولة المصرية ، التحديثي ، أن يبدأ بالتحرك نحو دول مثل تركيا ، لنقل تجربتها ، فعندما استلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا ، كانت ومازالت تركيا تخوض حرب مع المسلحين الأكراد ، لكن ، مسيرة الإصلاح لم تتوقف ، ابداً ، وبالفعل تسير تركيا اليوم إلى الاستقلال السيادي في جميع نواحي الحياة ، رغم الحرب الدائرة في شرق وجنوب البلاد مع الأكراد ، وهي في الحقيقة ، اشرس وأعنف بمرات من الحرب المتقطعة في شبه جزيرة سيناء .

في الماضي القريب كانت تركيا تعيش حالة انتقال تاريخية ، يومذاك ، ساجل الكثيرون حول دور الجيش وأهميته التاريخية في استقلالها ومنع تفكيكها واستقرارها والحفاظ على مبادئ العلمانية الذي يعطيه حق الاستمرار بالحكم إلى ما لا نهاية دون منازع ، إلا أن ، كان في مكان آخر ، رجل مغمور يسمى أوردغان ، يترأس بلدية اسطنبول ، ومن خلال الخطوة الأولى ، بدأت حكاية رجل ، أصبح فيما بعد بحجم دولة قوية ، حيث ، كانت اسطنبول كما تركيا في العموم ، تعاني من مياه الشرب ، عاشوا سكان المدينة لسنوات طويلة محرومين من المياه ، كانت تصل ، فقط ، لأربع ساعة في الأسبوع ، وبالتأكيد ، هيئة المقاييس تؤكد بتقريرها المختلفة ، بأنها كانت ، تماماً ،غير صالحة للشرب ، رغم موقع الجغرافي للمدينة ، فاسطنبول تقع بين بحرين مرمره والبحر الأسود ، بالإضافة ، للمياه الجوفية المتوفرة بكثافة ، ببساطة وبنوايا خالصة ، نقل الرجل مياه نهر الملن إلى مدينة اسطنبول ، فأصبح الجميع يتمتع بمياه شرب ، صالحة ، دون انقطاع ، وأيضاً ، عالج مشكلة المواصلات التى كانت تعتبر ، حادة ، وهكذا ، تواصلت الإنجازات حتى بتنا نرى تركيا قوية وبطريقها إلى الإنعتاق من التبعية نحو الاستقلال الحقيقي ، وأصبح تهديدها أو تفكيكها ، ليس سهلاً ، وفي خطوة بالغة التأثير ، في نفوس الأتراك ، أصبحت مستشفيات الدولة تليق بالإنسان من حيث الخدمات ، حيث ، باشرت الحكومة بتحديث الكادر والمستشفيات وتحول العلاج ، مجاناً .

ثمة استنزاف للوقت في مصر ، وهذا بسبب اعتمد الرئيس على مجموعة أضاعت البلد في العهدين السابقين ، هذا الاستنزاف ، لا يقل أذى ، بل يظل خسائره أفدح على المدى القريب ، في حين وللتذكير فقط ، لقد قاد الشعب المصري ثورة من أجل أن ينهي مرحلة اختطاف البلد ، لكن ، ما يجري اليوم من سياسات استنزافية ، تهدد بالفعل وبقوة ، الجغرافيا المصرية ، بشكل مباشر ويأخذها إلى التقسيم والحروب الأهلية ، طالما ، بقت فئة الفاسدة حرة طليقة دون حساب ، بل هي ، مستمرة في رسم حياة المصريين ، لقد فعلها الشعب وأطاح بأكبر حكم استبدادي وفاسد ، هل ، ستفعلها يا سيادة الرئيس ، وتطيح بتلك المجموعة التى مارست وتمارس تضليلك ، كما كان واضح في الانتخابات ، وأيضاً ، في المسألة الأمنية لسيناء ، قبل فوات الأوان .
والسلام
كاتب عربي