خبر : «خــازوق» أوبــامــا...iهاني عوكل

الجمعة 13 نوفمبر 2015 10:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT





لا شك أن رئيساً مثل باراك أوباما يعتبر من أكثر الرؤساء الأميركيين دعماً لإسرائيل وأمنها، بصرف النظر عن الحديث الكثير الذي قيل عن وجود خلافات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، إلا أن إسرائيل حصلت على كل ما تريد خلال ولايتي أوباما الرئاسيتين.
إنه عصر ذهبي بالنسبة لإسرائيل التي تحاول بكل قوة استثمار ما تبقى من فترة ولاية أوباما في كسب المزيد من الدعم الأميركي لتحصين الأمن الإسرائيلي، سواء أكان مادياً أم غير ذلك كما تعكسه كافة لقاءات أوباما بنتنياهو وحديث الأول عن ضمان أمن إسرائيل واعتباره من أولويات الإدارة الأميركية.
لقاء الرجلين في واشنطن قبل عدة أيام، حمل معاني كثيرة تصب جميعها في مصلحة إسرائيل، إذ من المقرر أن تزيد المساعدات الأميركية لإسرائيل وتصل إلى حوالي 5 مليارات دولار كل عام، في إطار خطة مالية قدرها 50 مليار دولار لعشرة أعوام.
هذا الدعم السخي يأتي للتأكيد على تفوق إسرائيل العسكري على كافة الدول المحيطة بها، ويأتي أيضاً لسكوت تل أبيب عن الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته الدول الكبرى مع طهران قبل أشهر قليلة، خصوصاً وأن تل أبيب أدركت أن السياسة الأميركية لا تجامل في هذا الموضوع، وبالتالي رأت الحكومة الإسرائيلية أن أفضل طريق لاستثمار هذا الموقف يأتي بتحصيل وتعظيم الدعم المادي والعسكري المقدم من واشنطن.
أما بخصوص ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فيبدو أن أوباما متفهم جداً لما يسمى حاجة إسرائيل للدفاع عن نفسها، ذلك أنه اعترف بحق الأخيرة في حماية أمنها، وكأنه يبرر لإسرائيل كل هذا التشدد والتطرف القاسي في التعامل مع الفلسطينيين.
الدليل على ذلك أنه منذ بداية الهبة الجماهيرية الفلسطينية على التصرفات الإسرائيلية غير الأخلاقية وغير القانونية في المسجد الأقصى، لم تتحرك واشنطن بجدية لتوفير مناخات من شأنها أن تهدئ الوضع الداخلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بل على العكس أدارت الإدارة الأميركية ظهرها لما يجري من احتقان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وارتأت أن تتعامل إسرائيل مع هذا الشأن باعتبارها المتحكم الأساسي في الملف كونه ملفها وحدها، وأكثر ما كان يطالب به وزير الخارجية الأميركي جون كيري هو دعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتهدئة.
اللقاء الذي جرى بين أوباما ونتنياهو وما عرضه الأخير من أفكار لفرملة الهبة الفلسطينية واحتوائها، إنما يأتي في سياق البروباغندا الإعلامية، لأن نتنياهو الذي عاد يتغزل بحل الدولتين ويحكي عن السلام، ربط قيام الدولة الفلسطينية المستقبلية بالاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة.
عملياً نتنياهو باستيطانه المتسارع الذي التهم مساحات واسعة من الضفة الغربية، قضى على مستقبل الدولة الفلسطينية، وهذا الأمر يدركه أوباما لكنه يفضل أن يعمي بصره عن هذه الحقيقة، لأن مشروع الدولة الفلسطينية قبر بالفعل في عهد أوباما.
سيشهد التاريخ يوماً أن أوباما هو أكثر الساكتين عن النشاطات الإسرائيلية الاستيطانية، وهو الداعم السخي لإسرائيل في تكريس وجودها على أرض الواقع، وللتأكيد على ذلك قال البيت الأبيض حديثاً إن هدف حل الدولتين لن يتحقق على الأرجح خلال ما تبقى من فترة ولاية أوباما.
هذه هي الهدية الجميلة التي قدمها أوباما إلى ضيفه نتنياهو خلال زيارة الأخير إلى واشنطن، إذ يؤكد هنا الرئيس الأميركي أنه لن يضع العصي في عجلات الاستيطان الإسرائيلي، إلى أن تنتهي مسألة الدولة الفلسطينية بالفعل التوسعي الاستيطاني، يكون خلالها أوباما "آوت" خارج السلطة.
لقد كان هدف الزيارة الإسرائيلية إلى واشنطن عدا عن كونه يؤكد على عمق العلاقة بين البلدين ولقاء الأم بطفلها المدلل، إنما يصب في مسألتين، الأولى كيف تستفيد إسرائيل من الاتفاق النووي الإيراني لتعظيم قوتها، وثانياً ما الذي يمكنها أن تكذب فيه على السلطة الفلسطينية حتى تخفف من حالة الاحتقان الفلسطيني.
لقد تجنب الرجلان طرح القضايا التي من شأنها أن تثير خلافاً بينهما، مثل موضوع الاستيطان على سبيل المثال، خصوصاً وأن أوباما يعلم أن هذا الموضوع يشكل منهجاً وعقيدةً وعصب السياسة الإسرائيلية، أما نتنياهو فكان يقدم نفسه على أنه مستمع جيد لحديث أوباما وأن يده ممدودة للسلام!.
هذه الزيارة لن تحقق نتائج مرضية بالنسبة للفلسطينيين، لأنها لن تقدم حلولاً لمسائل مهمة وحيوية، مثل موضوع وقف الاستيطان واحترام قدسية المقدسات الإسلامية والمسيحية ورفض فكرة تقسيمها وتهويدها، والتراخي عن إمساك الأصابع على الزناد واستهداف كل فلسطيني جامد أو متحرك.
لقد حاولت الولايات المتحدة الأميركية الضغط على السلطة الفلسطينية من أجل احتواء الهبة الجماهيرية المتصاعدة، ومارست الضغط المالي في أكثر من مناسبة سواء لوقف النضال الدبلوماسي الفلسطيني في المحافل الدولية، وأيضاً لوقف الهبة الجماهيرية الحالية.
في نهاية الأمر ستكون إسرائيل أمام خيارين، إما أن يظل الحال على ما هو عليه، سلطة فلسطينية بحكم ذاتي فاقدة الصلاحية الكاملة وأكثر ما تقدر عليه هو إدارة حياة الفلسطينيين، أو القبول بدولة فلسطينية غير مكتملة النمو، فاقدة لكافة الأساسات الحقيقية المؤهلة للدولة المستقلة، من سيادة كاملة إلى تواصل جغرافي وديمغرافي وجيش يملك أسلحة للدفاع عن نفسه.
هذا ما تقوم به إسرائيل حالياً، فهي تفعل ما تريده للشأن الفلسطيني أن يكون، والولايات المتحدة تقدم كافة أنواع الدعم وتذلل الصعاب أمام إسرائيل لتمرير سياساتها ضد الفلسطينيين، لكن إسرائيل تدرك أن رأس المال البشري الفلسطيني بحاجة كل فترة إلى القمع حتى لا يمتلك الفلسطينيون بخزانهم البشري قوة يعتد بها في وجه إسرائيل.
لنا أن نلاحظ حجم الاستهداف الإسرائيلي للأطفال والشباب الفلسطينيين، وهذا يؤكد على أن إسرائيل ترغب في تكسير هذا الجيل بالقتل والترهيب والتهديد، هي تريده أن يكون جيلاً "ناعماً" وغير قادر على التفاعل والاستجابة مع أي تحرك فلسطيني يندد بإسرائيل.
نعم هذه هي السياسة الإسرائيلية التي تعمل وفق خطط محكمة بموافقة أميركية وصمت دولي على ما يرتكب من مجازر بحق الشعب الفلسطيني، بينما تتواصل الهبة بدون رأس يقودها ودون ذلك الزخم الفصائلي الذي يدعمها ويقوي من شوكتها ولا أحد يدري إن كنا سنستفيد من دروسها في تحصين البيت الفلسطيني الداخلي وتوحيده في مواجهة تلك المخططات العنصرية.
Hokal79@hotmail.com