خبر : عرفات ممنوع من دخول غزة! ...رجب ابو سرية

الجمعة 06 نوفمبر 2015 05:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
عرفات ممنوع من دخول غزة! ...رجب ابو سرية




2015-11-06

يبدو أن ما يطلق عليه في علم النفس مصطلح سيكولوجيا الإنسان المقهور قد تمكن من نظام حكم حركة حماس في قطاع غزة، لدرجة أن يتوجس ذلك النظام _ الذي يبدو أنه أدمن حالة الحصار، التي بات يفضل العيش في ظلها، على عكس كل ما يحاول أن يقوله عكس ذلك _ من أية حالة لانفتاح الأفق، لدرجة أنه ما زال يرفض للعام الثامن على التوالي، إحياء ذكرى الراحل الفلسطيني العظيم ياسر عرفات، في مكان مفتوح في قطاع غزة!
ورغم كل المراوغة التي حاول بعض قادة حماس بمن فيهم خالد مشعل، رئيس مكتبها السياسي، من خلالها، ذر الرماد في عيون المواطنين الفلسطينيين، جاء رد نظام حكم أو تحكم الحركة في قطاع غزة، صريحاً وواضحاً، وهو رفض الطلب الذي تقدمت به مؤسسة ياسر عرفات، بإقامة المهرجان في أحد مكانين: ساحة السرايا أو أرض الكتيبة.
في معرض الرد، تعتقد حماس بأن الأمر ينطوي على مخاطر أمنية، هذا رغم أن حركة فتح كانت قد تعهدت في وقت سابق بالتكفل بهذا الجانب، وطبعاً هذا كلام فارغ تماماً، لأن حماس في غزة بالتحديد ليس لديها ما تحكم به إلا الأمن، بعد أن وزعت الجوع والبطالة والفقر، والحصار ودمار المنازل وخراب البيوت على الناس، أما تفسير حركة فتح فهو الأقرب للمنطق وللعقل، حيث فسّر أحد قادتها رفض حماس إقامة المهرجان في مكان مفتوح بسبب خشيتها رؤية المشهد المؤيد لحركته.
كان أول احتفاء بذكرى الزعيم الراحل بعد سيطرة حماس العسكرية على قطاع غزة، في تشرين الثاني عام 2007, يومها ما زلنا نذكر كيف أنه بالرغم من قرارات حركة القمع والقهر الداخلي منع» الباصات العامة» من نقل المواطنين من جنوب ووسط القطاع إلى مدينة غزة، ورغم وضع الحواجز على الطرقات ونشر قواتها الأمنية في الشوارع وبث حالة من الفزع والاستنفار، إلا أن الناس جاءت سيراً على الأقدام بعشرات الآلاف، وحينها، توتر جند نظام حكم الاستبداد الحمساوي، فكان أن أطلقوا الرصاص على الناس، كما لو كانوا جنود احتلال، ليسقطوا عشرات الضحايا في المكان.
هذا المشهد أصّل في ذاكرة نظام حكم غير ديمقراطي، على الإطلاق، صورة، لا شك أنه لا ينساها، وربما أنه كلما تذكرها وضع يده، دون وعي، على الزناد، وفي الحقيقة فإنه أكثر من ذلك، تتميز حماس بعدم الوفاء بشكل غير معتاد في الواقع الفلسطيني لا للشهداء ولا للقادة الراحلين، فهي لا تحتفي حتى بذكرى مؤسسها الشهيد العظيم الراحل أحمد ياسين، ولا بذكرى شهدائها الأبطال من عبد العزيز الرنتيسي، إلى أحمد الجعبري، مروراً بإسماعيل أبو شنب، محمد المقادمة، مصطفى شحادة، يحيى عياش وعماد عقل.
كما أنها وهذا هو الأهم، باتت ومنذ وصلت السلطة بطريقة مركبة، أولها صناديق الاقتراع، وثانيها «الحسم العسكري»، باتت حركة لا تقيم وزناً للعمل الشعبي أو الجماهيري، فهي كفّت عن العمل الخيري، ولم تعد تهتم بالمسيرات ولا بالتجمعات فضلاً عن التظاهرات، وهي بالكاد توافق على مضض على الحفاظ على الطابع الشعبي للانتفاضة في القدس والخليل والضفة الغربية، لأنها ككل حركات الاستبداد السياسي، لا تحتكم لجمهور واعٍ وحر وطليق، لذا هي تضيق ذرعاً، بالأماكن المفتوحة، وبانفتاح الأفق، وتعشق الحصار والفقر، الذي يضع الناس أمام خيار وحيد، هو اليأس والتسليم، تسليم قرارها ومصيرها بين أيدي حفنة من البشر.
كان يمكن لحركة حماس، لو أنها كانت تسيطر فعلاً على نظام حكمها، الذي هو أقرب لنظام حكم الميلشيات العسكرية، فهو ليس نظام حكم مدني / ديمقراطي تماماً، على أية حال، ولو أنها كانت تتميز بالحكمة السياسية وبروح العمل الوطني الجماعي، أن تبادر بنفسها لإحياء ذكرى «أبو الفلسطينيين» في أول الوطن المحرر من الاحتلال، وأن تدير بنفسها مهرجان الاحتفال، وأن يلقي رأس هيكلها التنظيمي، خالد مشعل أو إسماعيل هنية، الكلمة المركزية للمهرجان، تعبيراً عن روح الوحدة الوطنية، وإهداء لروح الشهيد مؤسس الوطنية الفلسطينية، وإهداء للانتفاضة الشعبية الثالثة، وهي تدخل شهرها الثاني، تشجيعاً لها لتواصل طريقها حتى النصر، لا أن تقوم بإرسال رسالة إحباط لها، بمثل هذا الموقف غير المسؤول، ويمكنها حتى أن تلقي بالملف بكامله إلى حكومة التوافق، فتدير المهرجان بنفسها، وتتحمل مسؤوليته الأمنية والسياسية، وبذلك تعفي حماس نفسها من أية مخاوف أمنية محتملة كما تدعي.
المفارقة ستكون بالغة، حين تقام مهرجانات الاحتفاء بالذكرى في مدن وقرى الضفة الغربية، المحتلة من قبل جنود ومستوطني الاحتلال، والتي بالكاد تدار من قبل سلطة حكم ذاتي محدودة الصلاحيات والإمكانيات، بدرجة وبشكل أكبر بكثير من غزة، كذلك إنها لمفارقة بالغة، أن تمنع روح عرفات من دخول غزة، وهو الذي قاد الكفاح الوطني الذي أدى إلى تحريرها من المحتل الإسرائيلي، وهو الذي أنشأ بنفسه فيها أول سلطة وطنية فلسطينية، كان يمكن، وما زال في الوقت ممكناً لأن تسارع حركة حماس، بالنزول عند رغبة الشعب الفلسطيني وعند متطلبات العمل الوطني، بإحياء ذكرى الزعيم التاريخي الراحل، بالكل الفلسطيني، بل وأن تدعو الرئيس محمود عباس، وخالد مشعل ورمضان شلّح، إلى غزة لإقامة المهرجان المركزي بالمناسبة، بل وأكثر من ذلك يمكن أن يتم الترتيب، ولو في مناسبة لاحقة (التاسع والعشرين من الجاري مثلاً، أو الأول من كانون الثاني القادم)، وقد بدأ موسم المناسبات، لإقامة مهرجان الوحدة الوطنية بدعوة الأشقاء العرب، على مستوى الرؤساء والملوك، ويكون في استقبالهم بغزة الرئيس الفلسطيني، حينها ستعلن غزة إقامة الدولة الفلسطينية، وأنها حاملة الراية لبسط سيادة تلك الدولة على كامل ترابها الوطني، في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية.

Rajab22@hotmail.com