خبر : يا صديقي .. من أنت ؟؟! بقلم : محمد يوسف الوحيدي

الأحد 18 أكتوبر 2015 12:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
يا صديقي .. من أنت ؟؟!    بقلم : محمد يوسف الوحيدي



 
إعتذرت ، و أنا أسحب الكرسي  الخشبي ، و أظنه من الأبانوس ، المنجد بالمخمل المحفور ، نبيذي اللون ، تتخلله عروقٌ مجدلةٌ كأنها أوراق دالية ملتوية ، من الذهب .. دون قطوف .. الحقيقة ، إعتذاري لم يكن مصففاً بطريقةٍ منمقة ، لإندهاشي بروعة المكان ، و صنعة  الكرسي ، و من ثم ، بروعة ما رأيت على المائدة من طعام ، فضحك صاحب الدعوة ، وبعد أن علك بلسانة داخل فمه ليتأكد من تجريف ما تبقى من الجمبري المدفون بالرز  و الكاجو والكاري الهندي، و يبتلعه ، و قال ، بالإنجليزية " نو بروبليم " يعني لا يوجد مشاكل ، قلت ، طيب الحمد الله ، و نظرت بنهم إلى الطعام على المائدة ، و قد نويت نية شريرة ، لو أني دعيت إلى مشاركة الرجل الأكل ، لأفتكن بما على المائدة ، من أنواع السمك ، و البحريات ، فأنا غزاوي حتى النخاع ، وعشت حياتي  في بيتٍ  بُنيَ على أعلى تلة في المنطقة ، فكان يتلقف هواء البحر الذي كان صوت موجه الهادر على مسافة أقل من نصف كيلو ، محملا باليود ، و الأكسيجين الصافي ، هواء عليل منزوع التلوث ..

و بينما أنا غارق في التخطيط للغزوة البحرية ، حتى قطع علي صاحبنا التركيز ، بسؤال : هل إستمعت إلى خطاب رئيسكم ؟ مخرجاً نفسه من   أحد النطاقين : أن يكون هو نفسه فلسطينيا ، أو أن يكون رئيس الفلسطينيين رئيسه ، لا أكتمكم سرا ، بمجرد طرح السؤال ، و طريقة طرحه ، خَبَت و هَمَدت و هَدأت حَمأةَ إندفاعي ، و سألته : هل دعوتني الليلة ، لتسألني عن خطاب الرئيس ؟ و تناقشني فيه ؟ فأجاب و هو يمسح فمه ، و ينهي الأكل ، و ينظر إلى النادلة بكل لطف و إبتسامته تكاد تشق عرض وجهه من الأذن للأذن : الأحداث تفرض نفسها يا صديقي .. و عندي مقابلات مع عدة قنوات ، فأريد أن أستمع إلى وجة نظرك ..

قلت نعم ، الأحداث تفرض نفسها ، و هذه المرة ، الحدث فلسطيني بإمتياز .. نحن أصحاب الفعل .. قلت هذا و أنا أنظر إلى الرجل يدس "نفحة " أو " بقشيش" سخي في يد النادلة الفاتنة .. و يبدو أنه هنا فقد الإتصال بالعالم و يده تلامس يدها ، فلم يستمع لما قلت ، و نظر إلى ثانية و قال : ماذا قلت ؟؟ فاضطررت أن أعيد عليه ما قلت ..

و هنا هز رأسه ، و قال , نعم نحن أصحاب الفعل ، و ليس هو .. و ليس كما قلت في مقالك الأخير ، بأن الرئيس هو الذي رفع إصبعه عن صمام الأمان ..  نحن القرار ، الشعب يا استاذ هو صاحب المبادرة ، الشعب هو الذي ينتفض ، و هو الذي يقرر ..

كان صديقي يتكلم بكل ثقة ، و هو يأخذ  بذراعي معه ، لنجلس على شرفة الفندق المطلة على المسابح و المنظر الرائع في الأسفل ، و قطع " القصيدة الملحمية الثورية " فجأة ليسألني ماذا تشرب ؟ فقلت ، قهوة ، تركي ، مغلية  بدون "وش" ، و في ثوان ، و بمجرد أن رفع يده ، كانت حسناء أخرى ، بين يديه ، للسمع و الطاعة ، فصاحبي ، عريض الإبتسامة ، لطيف في معاملة الجنس الناعم ، و سخي عند الإكراميات ..

و نحن نشرب القهوة ، قلت له ، كل ما تفضلت به صحيح ، العب هو القائد و هو المعلم ، كما قال خالد الذكر جمال عبد الناصر ، و لا أجد في هذا اي تعارض مع ما جاء في خطابيّ الرئيس سواءً في الأمم المتحدة أو للشعب الفلسطيني الأسبوع الماضي، أو دعني أقول لك ، في كل ما قال الرئيس منذ توليه و إلى الآن .. أين مشكلتك ؟

رد علي ضاحكا ، و قال : ليست المشكلة عندي ، بل عندك يا صديقي ، و عند من يؤمنون بأن هذه القيادة الفاسدة ، تمثلنا ، نحن الشعب المغلوب على أمره ، المقهور و المحاصر .. ( و هنا أعاد ترتيب ربطة عنقه الحريرية  و المشفوعة بوسم ثلاثة أحرف متداخلة – فرنسية الصنع ) .. المهم ، و أكمل الخطبة صعودا ، و صعودا ،دون اي هبوط ، و نفخاً و قدحاً و ذماً و تخويناً .. متهكما  على كل شئ ، حتى وصل إلى الفنان محمد عساف ، و أغانيه و دعم الناس و الرئيس له ، و مطالبا بالعودة إلى الكفاح المسلح ، و الثورة العامة في كل أرجاء فلسطين ، من صفد "التي لايريد الرئيس العودة إليها" إلى رفح التي يجب ، جكر ، و بالقوة ، أن يفتح معبرها المصريون ، و يتوقفوا عن حفر قناة مائية في أرضهم ، و أن يوقفوا ضخ المياه لأنها تتسرب عبر أنفاق التهريب في جانبنا ...

و هنا سألته : هل تعرف كم شهيد سقط حتى الآن ؟ هل تعرف كم مشرد في غزة للآن بدون مأوى و لا سقف على أبواب الشتاء ؟ هل فكرت بأن ثمن الليلة في هذا الفندق ، يمكن أن تعيش عليه أسرة كاملة لشهرين في غزة ؟ هل تعرف أن فاتورة عشائك ( بالهنا و الشفا ) ، تطعم كم اسير في السجن لو حولت إلى حسابهم في الكانتين ؟ لا يعجبك الرئيس ؟ و تتغنى الآن بياسر عرفات ، هل نسيت كم خونت أنت و رفاقك عرفات قبل أوسلو و بعدها ؟ قلي بالله عليك .. و أنت تقول نحن الشعب و ونحن و نحن ، هل أنت مسجل هنا في هذا الفندق بجوازك الفلسطيني أم الأمريكي ؟  كم تدفع لك القناة " مكافأة نشر غسيل و ردح " بعد كل لقاء ؟ يا صديقي من أنت ؟