خبر : الهبة الشعبية الفلسطينية ربيع من طراز جديد ا. علاء محمد منصور

الأربعاء 14 أكتوبر 2015 01:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
الهبة الشعبية الفلسطينية ربيع من طراز جديد  ا. علاء محمد منصور



باتت الهبة الشعبية الفلسطينية في وجه المحتل الصهيوني الغاصب للأرض والمقدسات تمثل النموذج الثوري الشعبي للجماهير المطالبة بالحرية والاستقلال والانعتاق من نير الاحتلال

 الهبات الشعبية أصبحت سمة من سمات الحالة الفلسطينية التي لم تلبث لتتحول الى هبة جماهيريةواسعة تأخذ طابع انتفاضة شعبية عارمة تقودها الجماهير الرازخة تحت ظلم واضطهاد الحملات الاستيطانية الصهيونية المستعرة, فهي حالة تعبر عن ربيع من طراز جديد, ربيع الحجارة الثائرة .. ربيع الزجاجات المشتعلة ... ربيع الشباب ذوي السلاح الأبيضالعاشقين للحرية وكنس الاحتلال ومستوطنيه,

و من نافل القول أن تتنكر القيادات الحزبية والجهوية الفلسطينية المختلفة لهذه الهبة الجماهيرية واعتبارها موجة من السخط على الوضع الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه في ظلال حراب المحتل المشرعة في وجه الكل الفلسطيني لاسيما مقدساته الدينية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وما يدور فيه وحوله من انتهاكات صهيونية لحرمة المسجد الأقصى, عبر الزيارات المتكررة للمستوطنين الصهاينةللحرم القدسي ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني لباحاته وتهويده, ناهيك عن الحفريات الصهيونية أسفله بدعوى البحث عن الهيكل المزعوم,

 ورغم صعوبة الحالة الفلسطينية الراهنة وما تعانيه من انقسام سياسي داخلي, وواقع اقليمي زاخر بالحروب الاهلية, ومجتمع دولي عاجز عن تفعيل آلياته لكبح الغطرسة الصهيونية, فقد شكل الوضع الاقليمي والعربي الراهنالحالةالمثالية للحركة الصهيونية ووليدتها اسرائيل لتمارس الخطوات العملية لتهويد المسجد الاقصى على مرأى ومسمع القاصي والداني,فالجبهة الشرقية والتي طالما ارتعبت منها اسرائيل وهي (العراق) مازال يلعق جراحة, وسوريا تطحنها الحرب الداخلية, وما سمي بالثوار السوريين على حدود الجولان يحمي ظهيرهم الدبابات الاسرائيلية وجرحى الثوار يعالجون بالمستشفيات الاسرائيلية, ولبنان منقسم على ذاته

, واليمن السعيد ليس بالسعيد وتضربه الحرب الأهلية, وليبيا تنخرها الصراعات والانقسامات, وباقي الدول العربية تعمل جاهدة للحفاظ على هيكلها العظمي من التعري, ومع ذلك أبى طائر الفينيق الفلسطيني الا أن ينهض من تحت الركام مجدداً ليعانق عنان السماء بهبة جماهيرية شعبية فلسطينية مقاومة, تزامنت مع خطاب الرئيس الفلسطينيأبو مازن بالأمم المتحدة والذي تحسس فيه نبض شعبه وآلامه, 

محذراً المجتمع الدولي من غضب الشعب الفلسطيني عندما قال يجب على العالم (أن يدرك أن الواقع الملتهب في بلادنا ومنطقتنا له توقيته الخاص ولا يحتمل مزيدا من التسويف والتأجيل، ولا موقعا متأخرا في جدول أعمال العالم)وأن الفلسطينيين لا يمكنهم التمسك باتفاقيات سياسية تتنصل منها اسرائيل عبر ممارساتها اليومية المستمرة على الأرض من تهويد للقدس, وحملات استيطانية مسعورة بالضفة الغربية, وحصارعسكري جائر لقطاع غزة بغية تحقيق الفصل الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة لخلق واقع قائم يستحيل معه التواصل بين أراضي الدولة الفلسطينية الوليدة.

لقد اتضحت معالم الطريق لهذه الهبة الجماهيرية عبر الادراك الحسي والمعرفي لحجم المعاناة والظلم الواقع على كاهل شعب يتوق للانعتاق من نير الاحتلال وبشاعة مستوطنيهوممارساتهم اليومية, الشعب ذاته خط طريقه ممتشقاًالمقاومة الشعبية وسيلة لكنس الاحتلال ومستوطنيه, فالمقاومة الشعبية باتت السلاح الأمثل لردع الكيان الصهيوني المتغطرس بآلته العسكرية رغم الافتقار للحليف الاستراتيجي الدولي أو الاقليمي المساند والداعم للشعب وعدالة قضيته في هذه المرحلة خاصة, 

ورغم حيوية وجود السلاح لدى المكونات الحزبية والتنظيمية للشعب الفلسطيني, الا أن المقاومة الشعبية والهبة الجماهيرية الحالية هي السلاح الأمضى والأرقى حاليا لمواصلة مسيرة التحرير نحو الدولة والاستقلال, فالهبة الجماهيرية والمقاومة الشعبية الفلسطينية هي المحرك الفاعلللمحور الأساسي والذي يجب أن تدور حوله كل المنظومة الإقليمية العربية والاسلامية

,بحيث يبقى المحور الأساسي للأمة هو الوطن (فلسطين) وقضيته العادلة لأرض محتلة من عدو صهيوني استيطاني ينتهك حرمات ومقدسات الأمة العربية والاسلامية.ومن الملاحظ عبر التجارب والهبات الفلسطينية السابقة أنه تم اختزالها باستثمارات سياسية وضيعة عبر احياء لبعض الاتفاقيات الموقعة سابقا أو العودة لطاولة المفاوضات بحلة  ولباس وهندام جديد, لا تلبث أن تفشل لنعود من جديد لذات الحالة السياسية المأزومة, وهنا أود التذكير والتحذير بأناجهاض الهبة الجماهيرية الحالية لا يكون سوى بمنحيين:هما المنحى السياسي والمنحى العسكري,

 فبالنسبة للشق السياسي فالقيادة الفلسطينية أصبحت على دراية كاملة وقناعة ثابتة بأن طريق المفاوضات وحدها لن يؤدي للهدف المنشود, وما عليها سوى مؤازرة ودعم الحالة الشعبية الفلسطينية الراهنة بكل الوسائل المادية والمعنوية, واستثمار الحالة الثورية الشعبية الراهنة لمناهضة الاحتلال ومقاومته على الأرض وفي المحافل الدولية وعلى كافة الصعد, والعمل لضمان استمرارية الحالة الثورية وعدم الارتهان للوعوداتالغربية والأمريكية الا بكنس الاحتلال ومستوطنيه من أراضي الضفة الغربية وقلبها القدس الشريف,

 وأما من حيث المنحى العسكري, فالقوة العسكرية الهائلة للمحتل الصهيوني مهما عظمت لن تكون قادرة على كبح جماح شعب يتوق للحرية, وفي مرحلة الأزمة الحقيقية للكيان الصهيوني من الحالة الراهنة واستمرارية جذوتها وعنفوا

نها, سيحاول اللجوء(للاغتيالات) لجر الفصائل الفلسطينية لأعمال عسكرية كإطلاق صواريخ على البلدات المحاذية لقطاع غزة كمنطلق لخلق التبريرات السياسية وشرعنة الهجمة العسكرية الاسرائيلية دفاعا عن المواطنين الاسرائيليين الآمنين في بيوتهم ومدنهم وقراهم وكسب التأييد والتعاطف الدولي, في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة للتأييد الدوليلكنس المستوطنين عن أرضناومدنناوبلداتنا, فجميع الفصائل الفلسطينية باتت مطالبة بالحفاظ على الطابع الشعبي المقاوم للهبة الجماهيرية الراهنة

, وعدم الانجرار خلف المخططات الصهيونية الرامية لتحويل الهبة الجماهيرية الشعبية الى أعمال عسكرية تكون اسرائيل هي الرابح الأكبر والوحيد فيها محلياً ودولياً ونحن الطرف الأضعف فيها واقعياً والخاسر عسكرياً ومدنياً, لذا فلنحافظ على استمرارية ربيعنا الفلسطيني وتطويره والارتقاء به ليصبح ثورة حقيقية فاعلة في وجه المحتل لن تهمد نيران شعلتها الا بكنس الاحتلال ورحيل مستوطنيه.

ا. علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية