خبر : حركة المقاطعة تخدم الاحتلال \بقلم: دمتري شومسكي \ هآرتس

الجمعة 12 يونيو 2015 05:09 م / بتوقيت القدس +2GMT



          لو كانت الـ "بي.دي.اس" والتي هي حركة تعمل من أجل مقاطعة اسرائيل بسبب عدم اعطائها الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لو كانت غير موجودة، كان على حكومة الاحتلال وبنيامين نتنياهو العمل على اقامها وتشغيلها. فعلى العكس من الصورة السائدة في اسرائيل فان حركة الـ "بي.دي.اس" على الساحة الدولة تساهم في تخليد الاضطهاد القومي للفلسطينيين.

          حركة المقاطعة وحكومة اسرائيل، وكما قالت نائبة الوزير حوطوبلي في خطابها المتطرف، تسعيان الى تجذير التماثل بين دولة اسرائيل وبين الحكم العسكري في مناطق 1967، على الساحة الدولية. وكأنها وحدة اسرائيلية واحدة. بكلمات اخرى: بين الـ "بي.دي.اس" وبين اسرائيل المحتلة يوجد توافق حول المكان الجيوسياسي بين البحر والنهر على انه دولة واحدة وهي اسرائيل.

          الخلاف بين حركة المقاطعة وبين حكومة الاحتلال والمستوطنات يتصل بالطابع الاخلاقي لتمثيل "اسرائيل" الواحدة بين النهر والبحر. في الوقت الذي تعتبرها  الـ "بي.دي.اس" كيان كولونيالي مجرم وتشكك في شرعيتها الدولية، فان حكومة اسرائيل تعتبرها شريكة شرعية في عائلة الشعوب، وتعطي التعبير الصادق والعادل لحق القومية اليهودية في تقرير المصير.

في هذه المعركة تكون الـ "بي.دي.اس" دائما الاضعف لسببن: الاول، حق الاسرائيليين في تقرير المصير معترف به من قبل غالبية العالم، منذ اعتراف المنظمة التاريخي عام 1988 بوجود دولة اسرائيل، هذا الحق معترف به باوساط مركزية وقديمة في الحركة الوطنية الفلسطينية.

الثاني، نتيجة لاسرلة الاحتلال، الامر الذي تساهم به حركة المقاطعة. الفلسطينيين في الضفة وغزة يتم تصويرهم مرة وراء الاخرى على انهم مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة. وهذا الامر يسمح لاصحاب الدعاية المحنكين امثال بن - درور يميني في الاونة الاخيرة بـ "يديعوت احرونوت" بالتملص من مواجهة مسألة الاحتلال والمستوطنات، وعمل مقارنات بين اسرائيل وبين باقي الدول "العادية". مثل ايران وكوريا الشمالية، اللواتي تقمن بالاخلال الدائم بحقوق الانسان دون ان يتعرضن لتهديد المقاطعة.

ولكن الفلسطينيين في الضفة المحتلة وغزة المحاصرة ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة او الرابعة، انهم فاقدي الحقوق المدنية بالمعنى الاعمق، انهم غير مواطنين ويعيشون تحت الحكم العسكري الغريب والذي يسيطر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على جميع مناحي الحياة اليومية الخاصة بهم، وغير المواطنين المستوطنين الذين يحظون بالامتيازات. هذا ما يميز الحكم الكولونيالي الاسرائيلي الذي لا يوجد له مثيل في العالم ما بعد الكولونيالية لبداية القرن الـ 21.

من اجل الانتصار على هذا الحكم ممنوع باي شكل من الاشكال تشويش الفوارق والحدود لان ذلك يساعد في الهرب من المسؤولية من سحب الحقوق المدنية والوطنية للفلسطينيين. هذا ما يسمح لهم ولمؤيديهم باخذ النقاش الى مواضيع مثل حق اليهود الشرعي بتقرير المصير، والصورة الداخلية لاسرائيل، التي يقرر مواطنيها حول مستقبلها.

لذلك، يجب توجيه سلاح المقاطعة الدولية بشكل مركز ضد الاحتلال والاستيطان، وسيكون هناك من يشكك بامكانية الفصل بين "المناطق" وبين "اسرائيل" حيث ان العلاقات المؤسساتية والاقتصادية والثقافية بين دولة اسرائيل المحتلة وبين امتدادها الكولونيالي في مناطق الـ 1967، واضحة ولا لبس فيها. ولا يجب فرض المقاطعة على المؤسسات والشركات والاجسام التي تحظى باعتراف دولي حتى وان كان لها امتداد وأفرع في المناطق المحتلة. بالضبط مثلما انه من غير المعقول التفكير بمقاطعة دول ومؤسسات اجنبية تتعاون اقتصاديا وثقافيا مع المستوطنات.

يجب دعوتهم للانضمام الى المقاطعة لمشروع الاحتلال والمستوطنات. يجب اقناعهم بانهاء العلاقة مع الخارجين على القانون الدولي الذين يضطهدون الشعب الفلسطيني ويهددون وجود دولة اسرائيل التي قامت ولا زالت قائمة بفضل القانون الدولي.

          بخصوص المؤسسات والشركات والاجسام التي تعمل داخل المكان الكولونيالي العسكري المسيحاني يجب فرض المقاطعة الاقتصادية والثقافية الشاملة وعدم التهاون. يجب المواظبة حتى يختفي الاحتلال من وجه الارض – سواء عن طريق اخلاء المستوطنات، أو تبادل الاراضي ونقل الحدود بالاتفاق بين دولة اسرائيل ودولة فلسطين، أو منح المواطنة للمستوطنين الذين يريدون البقاء في الدولة الفلسطينية، وبموافقة الحكم الفلسطيني. وفي نهاية المطاف تكون البلاد الصغيرة بين النهر والبحر غالية على قلب الشعبين، الفلسطيني واليهودي ايضا.