جيد أن ننقل النقاش على الملأ نتجادل.. نتفق ...ونختلف فيما نكتب أمام الرأي العام فهو تقليد حضاري معمول به في أعرق التجارب الصحفية فالنقاش الخاص ليس كافياً أو تصبح المكالمة حواراً بين صحفيين ويصبح في لحظة ما ضرورة اشراك الناس لتسمع وتقرأ وتقول ما لديها وتحكم حين يتعلق الأمر بآلامها وآمالها وحريتها وبيوتها ومستقبلها الذي تجمد منذ سنوات.
أشاركك الرأي وأنت تكتب عن المعاناة والاهانة التي لحقت بنا حين نفكر بالسفر من خلال معبرنا الوحيد والتي تتضخم مع الزمن، وحتى عندما كان يفتح المعبر كنا كأننا بلا كرامة في الكثير من التفاصيل وساعات الانتظار والمعاملة في الصالة المصرية هذا اذا قدر لك أن تصلها، وأذكر حين سافرت قبل ثمانية أشهر كيف أعيد وفد من الفصائل كان في طريقه للمغرب بحجة عدم التنسيق كم كانت مهينة ، أما الصراخ على الناس يجعلك تشعر أنك بلا قيمة، حدثني رجل فلسطيني كان في موقع المسئولية أن شرطي مصري كان يصرخ عليه مع رجل سوداني رد عليه الأخير قائلاً "لا تصرخ أنا سوداني ولي رئيس اسمه البشير" أنا لا أستطيع قول ذلك.
أنا مثلك أحتاج لمعبر رفح بعد أن رفض الاسرائيلي سفري قبل شهر عبر معبر بيت حانون للمشاركة بوفد سافر إلى كرواتيا بل وأكثر منك أرى في استمرار اغلاقه مبرر للتفاوض مع اسرائيل لفصل غزة في مفاوضات بالتأكيد يؤهلك موقعك لتعرف أكثر ما يدور فيها وأنا عكسك ينتابني قلق من هذه العروض بينما قد تجدها أنت مخرجاً لحركتك وحكمها واستمرار سيطرتها وانقاذ تجربتها، فالاسرائيلي يعرف بدهاء ماذا يريد ولا تتوقع أن عروض الهدنة الطويلة التي تقدم وتحملها الوفود هي عروض وسطاء بريئة وليست رغبة اسرائيلية.
نعم بعد اغلاق معبر رفح كما كتبت "الآلاف تقطعت بهم السبل المرضى والجرحى الذين يموتون ببطء وهم ينتظرون على البوابة.. الطلاب فقدوا فرصة الأمل في مقعد دراسي والمئات من العائلات تمزقت، انها سلسلة حزينة مؤلمة ومبكية "كل هذا صحيح وأكثر من ذلك مذلة ولا نخجل أن نقول لمصر هذا ظلم ولا نخاف إن وضعت أسمائنا على قوائم الممنوعين وقلنا أكثر من ذلك راجع مقالي "الثمن السياسي لاغلاق معبر رفح" ولكن هذه تهاية الحكاية وليست بدايتها.
أنت يا صديقي تقرأ النتائج وتقفز عن الأسباب تحاول معالجة أعراض المرض وليس المرض تقول نصف الحقيقة وعلينا ككتاب أن نقولها كلها طالما بدأنا الحديث ويعرفها كل سكان قطاع غزة بل هناك جملة من الحقائق ينبغي قولها بصراحة وقد أكرر ما كتبته سابقاً لأن الأمر لا يحتمل أكثر من عدة جمل واضحة أولها أن المعبر لم يكن مغلقاً قبل أن تسيطر عليه حركة حماس وهذه أول الحقائق التي يجب ألا تقفز عنها أو نتهرب من قولهاأن المعبر كان مفتوحا قبل مغامرة الحركة ولم نكن بحاجة لاستجداء أحد اخوانك من كسروا أنفنا
ثاني هذه الحقائق أن اصرار حركة حماس على ادارة المعبر في ظل رفض الجانب الجانب المصري يعني اعطاء مصر مبرر لاستمرار اغلاقه فموقفها لم يتغير منذ ثمان سنوات بأنها ستفتح المعبر حين تديره السلطة لأن هناك اتفاق الطرفان هما جزء منه ومع ذلك موقف حماس لم يتغير كأنها لم تسمع حتى بعد أن اتفق على تسليم المعابر للسلطة، ثالث هذه الحقائق أن عشرين موظفاً من حركة حماس أو أكثر يعني وجودهم على المعبر استمرار أسر مليونين من المواطنين أصبحت هذه معادلة واضحة فماذا يحدث لو انسحب هؤلاء الموظفون .. أترك لك وضع السيناريو.
في مكالمات خاصة بيننا وفي لقاءات الكتاب مع الدكتور موسى أبو مرزوق في حضرتك سألته "لماذا تصرون على التواجد في معبر مغلق؟" وقدمت نصيحتي بالانسحاب من المعبر وتسليم مفاتيحه لحكومة الوفاق حتى تنفوا التهمة عنكم، أديروا المسألة بحكمة ألقوا الكرة في ملعب غيركم طالما أنه مغلق ففي نظر الناس أنتم من يتسبب لهم بكل هذه المعاناة فإذا فتح المعبر ستكسبون حرية شعبكم ورعاية مصالحه وتسهيل حياته وإذا استمر مغلقاً تكونوا أخذتم صك براءة.
هذا كتبته وطلبت رأيك فيما كتبت واقترحت ذلك عليك في احدى المكالمات وقلته أمامك لنائب رئيس المكتب السياسي افعلوها.. ادفع بهذا الاتجاه لتبدأ حركة حماس بنفسها وبما عليها أن تفعل قبل أن نطالب مصر أو السلطة واللتان كان عليهما أيضاً في ظل تصلب حماس أن تجدان لنا ممراً انسانياً آمناً ولكنهما يعاقبان حماس وهذا هو الواقع أقنع حماس بالانسحاب فالمشكلة تبدأ وبدأت من هنا والحل أيضاً يبدأ من هنا.
إن فعلتها حماس وظل المعبر مغلقاً حينها سواء بسبب تلكؤ السلطة أو مصر أكتب بحقهم ما تشاء وضع اسمي إلى جانب اسمك انتقد..هاجم وأنا سأفعل دون خوف من أن أكون في كشوف المدرجين طالما اخترنا مهنة الدفاع عن الناس لكن أن نتجاهل الحقائق الدامغة لنعالج الأزمة بالشكوى واستدرار العاطفة وتحميل المسئولية للغير فلن تحل .. على حركة حماس أن تحل واجبها المنزلي أولاً وبعد ذلك لكل حادث حديث ،ارجع لتاريخ اغلاق المعبر والسبب وابدأ بتاريخ المعاناة منذ ذلك اليوم ستجد الحل..!
Atallah.akram@hotmail.com


