خبر : هذا إما داعش او نصرالله \بقلم: البروفيسور ايال زيسر \ اسرائيل اليوم

الثلاثاء 02 يونيو 2015 10:55 م / بتوقيت القدس +2GMT



          انهيار الجيش السوري امام الثوار، من تنظيم الدولة الاسلامية داعش وجبهة النصرة في عدد من جبهات القتال، أخرج زعيم حزب الله، حسن نصرالله من مخبأه. ففي خطاب فزع حذر سامعيه، من ابناء الطائفة الشيعية في لبنان بان البرابرة على الابواب وأعدهم لامكانية ان تعلن منظمته عن التجنيد العام للشيعة في لبنان كي توقف التسونامي الاسلامي السلفي الذي يدق حدود البلاد.

          في صرخات النجدة لنصرالله يوجد الكثير من الحقيقة. فبلسوكهم على مدى السنة الاخيرة يثبت مقاتلو داعش تصميما على اعادة الشرق الاوسط الى ظلامية العصور الوسطى. فهم يدمرون بمنهاجية آثار الحضارات التي بقيت في منطقتنا منذ الاف السنين، ولكن الاسوأ من ذلك، فانهم لا يخفون بانهم هدفهم ليس فقط الاثار العتيقة بل البشر ايضا. كل من لا يقبل بشكل كامل فكرهم ومعتقدهم – حكمه الموت. وهكذا تختفي من منطقتنا ليس فقط التماثيل القديمة بل وايضا طوائف الاقليات مثل اليزيديين، المسيحيين الاشوريين وغيرهم.

          في ظهور مغطى اعلاميا في قناة "الجزيرة" حاول ابو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، التي يسيطر مقاتلوها اليوم على معظم هضبة الجولان، مد خط يفصل بينها وبين داعش. وقد شرح بان منظمته تركز على سوريا وليس لها مصلحة في ان تحول هذه الدولة عند سيطرتها عليها الى قاعدة عمل ضد الغرب. وامتنع عن ذكر اسرائيل تماما. ولكن واضح ان الفرق بين الجولاني، الذي يعلن الولاء للقاعدة وبين داعش تكتيكي وموضوعه الاستعداد لان يؤجل الى المستقبل، عندما تتاح الظروف ما يصر داعش على عمله اليوم.

          امكانية سيطرة داعش وجبهة النصرة على سوريا يجب أن تقلق اسرائيل. ولكن السؤال هو ما هو البديل. السياسة الاسرائيلية كانت على مدى السنين وكذا بعد اندلاع الثورة في سوريا بان بشار الاسد هو شريك مرغوب فيه بصفته "الشيطان الذي نعرفه"، أي حاكم عقلاني وبرغماتي، اعتدنا عليه على مدى السنين ومع تعلمنا كي نتدبر أمرنا. وبعد كل شيء فان بشار، مثل ابيه من قبله، حرس على حفظ الهدوء على طول الحدود الاسرائيلية – السوري على مدى الاربعين سنة الاخيرة، منذ انتهاء حرب يوم الغفران.

          عندما غرقت سوريا في الحرب الاهلية المضرجة بالدماء كان في اسرائيل من تمنى النجاح للطرفين المتقاتلين في الدولة المجاورة من الشمال، سواء لبشار أم للثائرين عليه. وذلك، بالمناسبة، على أمل أن يبقى بشار قويا بما يكفي كي يضمن  الهدوء على طول هضبة الجولان، ولكنه اضعف من أن يهدد اسرائيل او ان يرد في كل مرة تعمل فيها ضد ارساليات السلاح من اراضيه الى حزب الله.

          ولكن الحرب في سوريا من شأنها أن تنتهي باسرع مما قدرت اسرائيل. وحتى لو تطلب الامر اشهر طويلة الى أن يسقط بشار. والاسوأ من ذلك، فان تجند نصرالله وايران لنجدة بشار يدل على أن المعضلة التي تقف امامها اسرائيل ليست بشار أم داعش بل نصرالله ام داعش. وعلى ذلك أفادت الاحداث في هضبة الجولان في شهر كانون الثاني من هذا العام، عندما بعث حزب الله برجاله في وضح النهار الى الجدار الحدودي الاسرائيلي – السوري، ولما صفتهم اسرائيل رد بعملية في هار دوف.

فضلا عن ذلك، كلما عمق حزب الله دوره في الحرب في سوريا يصبح بشار متعلقا بنصرالله وبالايرانيين. ومن هنا فان المنطق التي وجه اسرائيل بانه يمكن الثقة ببشار بات قابلا للدحض.

بالنسبة لنصرالله، فهو ملتزم بالحفاظ على الاثار والبقايا الاثرية بل وسمح بترميم الكنيس في بيروت مجين ابراهام، ولكن هذا التنور يصل حتى حدود اسرائيل. ففي خطاب هاجم فيه داعش اعلن عن التزامه بتصفية اسرائيل وقبل ذلك دعا اليهود الذين يعيشون فيها الى المغادرة والعودة الى حيث أتوا.

وبالفعل، فان البرابرة على الجدران، حتى وان كانوا ينشغلون بالقتال الواحد مع الاخر، آجلا أم عاجلا ستأتي اللحظة التي يوجهون فيها سلاحهم نحو اسرائيل. وبهذا فلا فرق بين نصرالله وداعش، وهؤلاء هم الذين سيقررون النبرة في سوريا في المستقبل المنظور.