خبر : خالدة جرار سجينة سياسية \بقلم: جدعون ليفي \ هآرتس

الإثنين 01 يونيو 2015 02:28 م / بتوقيت القدس +2GMT



          أمامنا حالة في اعقابها لا يستطيع أحد الادعاء بجدية أكثر بواحد من الادعاءات الخمسة التالية: أ. أن اسرائيل دولة قانون. ب. أن الحكم في مناطق الاحتلال لا يشكل استبدادا عسكريا. ج. أنه لا يوجد في اسرائيل اعتقالات سياسية. د. أنه لمنظومة المحاكم العسكرية في المناطق توجد أي علاقة ولو ضعيفة جدا بالقانون والقضاء. على ضوء ما قيل آنفا، فان اسرائيل هي ديمقراطية. هل هذا مبالغ فيه. احيانا تكفي حالة واحدة من اجل الاثبات.

عضوة في البرلمان الفلسطيني، خالدة جرار، توجد منذ شهرين في المعتقل – هذا ليس شائعة. في البداية قامت اسرائيل بنفيها مدة سنة الى أريحا – ورفضت جرار الاعتراف بسلطات النافي. الجيش الاسرائيلي تراجع. عندها تم ارسالها الى الاعتقال الاداري انتقاما على رفضها النفي – الجيش الاسرائيلي دُهش من موجة الاحتجاج الدولية على اعتقال مُشرعة بدون محاكمة. تم تكرار تقديمها للمحاكمة. لائحة الاتهام التي تحتوي ليس أقل من 12 بند يتوجب تعليمها في كليات الحقوق. هكذا يلقون التهم جزافا ويفبركون لوائح اتهام، هكذا تُدار المنظومة التي تتجرأ على تسمية نفسها منظومة القضاء، بـ "قضاة" و"نواب عامون" و"أحكام" و"نقاشات". كلهم يشاركون في هذا الحفل التنكري المضحك. يأخذون بجدية وظائفهم المسلوبة – والنتيجة أمامكم.

جرار ناشطة سياسية قديمة، ماضيها نظيف حتى في نظر سلطات الاحتلال، وقد انتخبت في انتخابات ديمقراطية، وهي تناضل من اجل حقوق النساء وتحرير الأسرى. اتهمت بعدة اتهامات، هذه مسرحية ساخرة، محاكاة هزلية تحترمها أكثر. على ماذا لا يتهمونها؟ على أنها عارضت الاحتلال، أنها زارت أسير محرر، أنها دعت الى تحرير زعيم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، أنها شاركت في معرض كتب وحتى "تمنت سلامة النشطاء ونجاح المعرض"، أنها أجريت معها مقابلة، أنها ألقت خطاب أو محاضرة، أنها شاركت في مسيرة، وربما لمرة واحدة، من المشكوك فيه حتى حسب لائحة الاتهام أنها حرضت على خطف جنود من اجل تحرير أسرى. 12 بندا من العار لمن كتبوا لائحة الاتهام – لائحة الاتهام هذه من أكثر الوثائق القانونية تعرضا للاستهزاء، التي كتبت هنا، حتى على أيدي الجهاز القضائي العسكري. ليس لأن لائحة الاتهام لا تفرق بين الجبهة الشعبية وبين الجبهة الشعبية – القيادة العامة، التي فيها القاضي يؤدي التحية لنائب عام أعلى منه في الرتبة العسكرية، وكلاهما من لابسي القبعات المنسوجة، وربما ايضا مستوطنان – بالصدفة كما هو مفهوم، هي لا تؤثر على وجهة نظرهم مطلقا، كما أنها لا تؤثر مطلقا على أدائهم. جهاز القضاء الذي لا يهتم بترجمة اقوال القاضي للمتهمة، والذي فيه القاضي يؤخر تنفيذ قراره باطلاق سراحها بـ 72 ساعة. ويحولونه بطريقة ما الى اسبوع آخر من الاعتقال، لكن من يعُد.

          ايضا نهاية هذا الاسبوع قضتها جرار في المعتقل. بعد أن اعترف القاضي العسكري بتفاهة لائحة الاتهام وأمر باطلاق سراحها بالكفالة، استأنف المدعي العام. المحكمة وافقت على الاستئناف وأمرت بابقائها في المعتقل الى حين انتهاء الاجراءات. المحكمة عرفت لماذا تعالج قرار القاضي، الرائد حاييم بلالتي: الجيش الاسرائيلي أعلن أنه اذا أمرت المحكمة باطلاق سراحها فانها سترسل الى الاعتقال الاداري. سلطة القانون.

          برلمانية نسائية، مُشرعة وطنية، حازمة وشجاعة، توجد في المعتقل عبثا – وكأنه لم يحدث شيء. حفنة من اعضاء الكنيست من اليسار الحقيقي زاروها أو تحدثوا بشأنها، وغيرهم – صمت وعدم اهتمام. رئيس الكنيست لم يهز العالم، ومثله المنظمات النسوية واغلبية وسائل الاعلام.

          سيأتي يوم وسوف (ربما) يتم سؤالهم: أين كنتم عندما تعفنت جرار في السجن؟ ماذا فعلتم في حينه؟ هل فهمتم أنه بصمتكم المخزي ساعدتم على تحويل اسرائيل الى دولة اعتقال سياسي – اليوم جرار وغدا أنتم؟