ماذا عن الصعود الآخر في إسرائيل؟ اليمين فيها يصعد نحو الفاشية (القومية والدينية) وخُمس سكان دولة إسرائيل يصعدون من قوة ديمغرافية (تشكيل القائمة العربية المشتركة) إلى قوة ديمقراطية.
هناك في إسرائيل من يحذّر لأن الصعود اليميني نحو الفاشية والدينية، هو صعود نحو الهاوية.. والمأزق!
هناك، أيضاً، في إسرائيل وفلسطين من يقول إن بديل خيار الحل السياسي بدولتين (إسرائيل وفلسطين) هو دولة ثنائية القومية في أرض فلسطين ـ إسرائيل.
هناك من يقول إن دولة إسرائيل يجب أن تكون لجميع رعاياها من الشعبين اليهودي ـ الإسرائيلي، والعربي ـ الفلسطيني، وأن دولة فلسطين، تالياً، يجب أن تكون «غير نقيّة» قومياً، بل تشمل في رعويتها من يشاء البقاء والعيش فيها، وحمل جنسيتها، من المستوطنين اليهود!
هذا الجدل ليس جديداً، فقد رافق بدايات المشروع الصهيوني في فلسطين، وها هو يُطرح، من جديد في شروط جديدة، وفي بدايات المشروع السياسي ـ الكياني الفلسطيني.
رئيس القائمة العربية في الكنيست أضاف جديداً عندما دعا، في محاضرة له بمؤتمر «جبعات حبيبة» إلى الحقوق المدنية للشعب الفلسطيني في إسرائيل (حقوق المساواة بين رعايا الدولة) مضيفاً حقوقاً قومية تبدأ بسؤال منطقي: لماذا يتعلم الأولاد الفلسطينيون في إسرائيل اللغة العبرية من الصف الأول، ولا يتعلم الأولاد اليهود العربية من الصف الأول؟
إلى: لماذا يدرس أولاد الفلسطينيين الشاعر العبري «بيالك» ولا يدرس الأولاد اليهود الشاعر القومي الفلسطيني محمود درويش؟
.. إلى هذا السؤال الجوهري: لماذا يدرس أولادنا عن «الهولوكوست» ولا يدرس أولادهم عن «النكبة».. ونحن عن «الصهيونية» وهم ليس عن حركة المقاومة الفلسطينية؟
كان أوري لوبراني الإسرائيلي اليهودي قد قال، قبل عشرات السنين: لو بقي عرب إسرائيل حطّابين وسقّائي ماء.. لكن إسرائيل كينغ، متصرف لواء الجليل في ستينيات القرن المنصرم، وصف ما كان يوصف «عرب إسرائيل» بأنهم «سرطان».
الآن، صار هناك فلسطينيون محاضرون، أطباء، خبراء في التخطيط المديني.. لكن لم تبن إسرائيل بلدة أو مدينة عربية واحدة، مقابل 1000 بلدة ومدينة يهودية منذ إقامة إسرائيل.
اين «الحقوق المدنية» إذا كان لا يوجد فلسطيني في إدارة التخطيط المديني، أو يوجد آحاد بين مئات اليهود في التخطيط اللوائي، أو قاضٍ عربي واحد بين 13 قاضياً في المحكمة العليا الإسرائيلية.
ما معنى الحقوق القومية للشعب الفلسطيني في إسرائيل؟ حقوق ثقافية انطلاقاً من الاعتراف الرسمي بالعربية؛ دون التعامل العملي معها كذلك. حكم ذاتي ثقافي ـ قومي؟ الاعتراف بالشعب الفلسطيني «أقلية قومية» في إسرائيل.
هناك في إسرائيل من يقارن بين نضال الحقوق المدنية للأميركيين السود بنضال الفلسطينيين من أجل الحقوق ذاتها. هذه مقارنة لا محل لها، لأن الفلسطينيين لم يستوطنوا الأرض، بل هم السكان الأصلانيون، ولا يمكن مقارنتهم بالمهاجرين إلى دول أوروبا بالأحرى.
هناك من يقترح كونفدرالية فلسطينية ـ إسرائيلية وهذا اقتراح قديم يُطرح من جديد، لكن أي حل حقيقي يجب أن يكون بداية تحقيق حق تقرير المصير القومي الفلسطيني، ثم النظر في أي اقتراحات لعلاقة بين دولتين وشعبين وديانتين أو ثلاث ديانات. بالمناسبة فإن 2% من صناعة «الهايتك» في إسرائيل يتولاها فلسطينيون، وسترتفع إلى 10% خلال سنوات.. وإلى أبعد خلال عقود.
أيمن عودة هو «الفلسطيني الجديد».. وها هو يلعبها..
حسن البطل


