خبر : الجهاد الإسلامي.. في "زمن الرويبضة"! ...حسن عصفور

السبت 23 مايو 2015 09:22 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

 

قبل أيام معدودة، أطلق القيادي في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، خالد البطش تصريحا سياسيا اثار الاهتمام بما احتوى من دعوة هي الأبرز في تصريحات أهل السياسة في "بقايا الوطن"، تصريح دعا العرب الى تعزيز صمود أهل القدس دون تمييز بين أطيافها الدينية، وطالب بدعم خيار المقاومة في فلسطين ضد المحتل الغازي، والى الحذر من "استبدال العدو الصهيوني بأطراف الإمة"، فيما ناشد أن تتوجه جهود الإمة بكافة مكوناتها نحو القدس، محددا أن "الأمة ليست بحاجة الى صفين جديدة بتداعياتها الكارثية على الامة والناس، لكن الامة اليوم بحاجة الى حطين وعين جالوت لتحرير فلسطين، اولاً ولوقف تمدد الشر الصهيوامريكي ثانياٌ، كما حسمت  من قبل امر التتار في عهد سيف الدين قطز".

قبل زمن قصير، نشرت بعض وسائل الاعلام الفلسطينية، تقريرا أفاد بأن ايران أوقفت الدعم المالي لحركة الجهاد، بعد أن رفضت قيادة الحركة إدانة "عاصفة الحزم" على اليمن، وبالتالي تأييد موقف ايران وتحالفها السياسي من تلك الحرب، كما أن قيادة الجهاد الاسلامي رفضت تأييد بعض أطراف فلسطينية والحكم في سوريا القيام بعملية عسكرية ضد مخيم اليرموك، حيث ترى الجهاد، أن تلك "خطوة غير مقبولة"، وبالتأكيد كان مطلوبا ما هو أكثر فيما يتعلق بمجمل الموقف من الأزمة السورية..

باختصار شديد، القيادة الايرانية وضعت الخيار أمام قيادة الجهاد الاسلامي، المال يعني أن تصبح الجهاد النسخة الفلسطينية من حزب الله اللبناني، تأييد أعمى ومطلق لأي خطوة إيرانية، سواء كانت صوابا أم مصيبة لا يهم، فالمال له سحره خاصة إن كان لفصيل لا يملك علاقات دولية أو عربية او تنظيم دولي يقدم له من الأموال بلا حساب، مقابل "خدمات سياسية" معلومة وغير معلومة..

ولأن حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، لم تنف أو تعلق أو توضح التقارير المنشورة، فيما وصف بالحرب المالية الايرانية عليها، وبربط التقرير مع تصريحات القيادي البطش لمؤتمر اسلامي في بيروت، يمكن القول أنه لا دخان بلا نار، فأقوال البطش وحدها تكفي لتبيان أن "الجهاد الاسلامي" اختارت طريقا واحدا، هو الخيار الفلسطيني، وكانت أكثر قوة سياسية فلسطينية تلتزم قولا وفعلا ومنهجا بمبدأ الخالد ياسر عرفات بـ"عدم التدخل في الشؤون العربية" بالمعني المباشر، دون أن تفقد بوصلتها في التخندق ضد المشروع الأميركي - الصهيوني، ولكن أيضا بحسابات دقيقة، وبلا خلط للأوارق، كما يحدث الآن، من مشهد لا أركان له..

خيار الجهاد الاسلامي في فلسطين، يشكل نقلة نوعية في كيفية ترسيخ اسس العلاقات الكفاحية، وأن الناظم لها ليس المصلحة الذاتية أو سيل المال وحقائبه، بل هو تلك المعادلة المرئية بين فلسطين وعدوها الواضح والمستتر أيضا، وقد لخصها بإبداع دون فذلكة، القيادي البطش في ما قاله بأن "الإمة بحاجة لروح عين جالوت وحطين وقطز وليس مشهد صفين الدموي الانقسامي"، تعابير تكثيفية للحقيقة السياسية التي فقدها غالبية الحضور الفلسطيني، خاصة اولئك الذين تقدموا بولاءات لهذا أو ذاك، بشكل مباشرة أو بشكل غير مباشر، تأييدا أو رفضا متلعثما..

"الجريمة" التي ارتكتبها الجهاد الإسلامي هي تخندقها فقط فيما هو عين جالوتي وحطيني، ورفضها كل الرفض أن تكون "في خندق أهل صفين"، مهما كان اللون أو الزي أو شكل السلاح، اختارت الطريق الى فلسطين عبر صواب السياسة، ورفضت المساومة  المخادعة، ولعبة عمرو بن العاص في "الخدعة الكبرى" يوم صفين، يوم باع علي مقابل أرض مصر..

العقاب الذي وقع على الجهاد، هو وقف ما كان سندا لفعلها وقوتها، ورافعا من روافع حضورها، ولكنه كان قادما بلا شروط، وعندما تحول من "عمل خير" الى "شرط للشر" كان الخيار فلسطينيا نقيا وواضحا لقيادة حركة الجهاد، كما كانت البدايات، جهاد من فلسطين ولفلسطين..

هل يكفي القول "شكرا للجهاد" بأن هناك من يحمل روح الوطن بلا "تشويه" أو مقايضة، وأن المبدأ يستحق كل تضحية ممكنة، القول به هو حق ولكن حمايته هو الحق المنتظر كي لا تنتصر روح عمرو وتسود على حساب المبدأ والحقيقة..تلك رسالة الى من يدرك أن هناك من يستحق التقدير دون توسل مهما كانت المسميات..

لقيادة الجهاد، لن تنكسر راية الحق وهناك من يصر على رفعها في زمن الرويبضة ..

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"..والروبيضة في عصرنا هو التافه حاكما او حكما!