خبر : الانتخابات الرئاسية والتشريعية... لماذا؟؟.. نبيل عمرو

الأربعاء 13 مايو 2015 11:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الانتخابات الرئاسية والتشريعية... لماذا؟؟.. نبيل عمرو



تراجع الحديث فلسطينيا عن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ، وسبب التراجع هو عدم الجدية في تناول هذا الامر من اساسه، هذا يعني ان حالنا سيظل متروكا للتداعيات التلقائية وللمؤثرات التي ينجم عنها فلسطينيا مجرد رد فعل لا اكثر ولا اقل.

ولقد راعني وانا اقرأ الصحف، ذلك الحشد من العناوين التي تصور بؤس حالنا، نبيه برّي من لبنان يتقدم بمبادرة لانهاء الانقسام ، وحماس كما ورد في العناوين، تسطو على طائرة الرئيس الراحل ياسر عرفات، فتعلقها بين السماء والارض، والى جوار هذا العنوان ، عنوان بخطوط بارزة، حماس تسطو على مجلة الوقائع الفلسطينية ، وعناوين اخرى تتحدث عن واقعنا كما لو اننا نسينا اننا اصحاب قضية كبرى، وان مهام خدمة هذه القضية يفترض منطقيا ان تتجاوز العناوين الساذجة والباهتة.

انني ادعو الى الاسراع في اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما ادعو الفصائل وفي مقدمتها فتح الى ان تعقد مؤتمراتها وتجري انتخاباتها وكذلك النقابات والاتحادات والجمعيات، ليس لأن في ذلك انجازات دراماتيكية تؤدي الى تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في ضربة واحدة وفي زمن قياسي، وانما لأن الانتخابات على هذا المستوى وبهذه الشمولية، ترفع مستوى الحوار الداخلي الفلسطيني وتغني الحياة السياسية بطروحات اكثر جدية من المفروضة علينا في هذا الوقت بالذات، واذا كان البعض يرى ان الانتخابات ليست حلا فهي في واقع الامر السبيل الوحيد الى الحل ، فكيف يمكن ان نتوقف عن الشكوى، اذا ما فازت حماس في مجلس طلبة، وادعت انها بذلك الاكثر تمثيلا للشعب الفلسطيني ، وماذا نقول حين يعيرنا العالم بأن كل مكان على وجه الارض اجرى انتخابات وجدد شرعيات بينما الفلسطينيون وحدهم يفتشون عن ذرائع كي لا يجروا انتخابات ولا يجددوا شرعيات.

لقد كنا واعوذ بالله من كلمة كنا، رواداً في ممارسة الديموقراطية في الازمان الصعبة، التي تبرر حتى الاقلاع عنها، وعندما اقول اعوذ بالله من كلمة كنا، فلأنني لا اريد الانزلاق الى الزهو بالماضي هربا من شح انجازات الحاضر ، والذي يحيرني ويوجعني كثيرا ان بوسعنا ان نفعل اشياء كثيرة على صعيد تنشيط الحياة السياسية وتجديدها ولا نفعل، واذا كان لابد من تذكر الماضي ليس للاحتفاء به وانما للاستفادة منه ، فانني اقول كشاهد على التجربة في كل فصولها ، اننا مارسنا ديموقراطية راقية تنظم حياتنا الداخلية في ظرف كنا فيه مشتبكين بمرارة ، مع اكثر من خصم على اكثر من جبهة وكنا نباهي بهذه الميزة بل اكثر من ذلك ، كانت تفتح لنا ابوابا موصدة وتستقطب لنا اصدقاء ومعجبين حتى من قلب معسكر الخصوم المباشرين وغير المباشرين ، فما الذي جرى ونحن الان نمتلك ارضا ومجتمعا يعفينا من تسول مكان لعقد مؤتمراتنا واجراء انتخاباتنا والتمتع بما يتمتع به اسرانا الذين يمارسون حياة ديموقراطية وراء القضبان وفي مواجهة السجان .

ان الخمول الذي فرضناه على انفسنا سلب منا اهم ميزة تصلح للتفوق على اعدائنا وخصومنا وحتى منافسينا ، ولو اتخذت مؤسساتنا الشرعية قرارا باجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يوم كذا وشهر كذا من العام الحالي، فدعونا من الان نقيم ميزان الربح والخسارة ، ونقرأ نتائجه بصورة موضوعية، فلو قالت اسرائيل لا وحذرت من مغبة التوجه الى انتخابات دون اذنها، فالصراع مع اسرائيل على صندوق الاقتراع ارقى الف مرة من الصراع معها على ازالة حاجز او برمجة ديون، وبكل تأكيد وبحسب التجربة ففي معركة كهذه لن يقف احد مع اسرائيل، بل سيقف الجميع معنا، وحين نتحدث عن صندوق الاقتراع والخلاف مع اسرائيل عليه ، فلا جدال في ان كل القضايا الاساسية المتنازع عليها مع اسرائيل ستكون حاضرة بقوة، وملتزما بها في اوسع جبهة جماهيرية فلسطينية وعالمية ، واذا ما نظرنا الى المنافس "حماس"، فان قرار اجراء الانتخابات حين يصدر عن المؤسسة العليا -منظمة التحرير - فان قالت له نعم فلتبدأ المنافسة والاستقطاب والسعي للنجاح والتفوق، وهذا في مصلحة الشعب والقضية، واذا قالت لا متذرعة بأمور يسهل ايرادها او اختراعها ، فمالذي يضر في ان يكون صندوق الاقتراع حليفنا في هذا التنافس، والشعب الفلسطيني يملك القدرة على منح عاطفته ودعمه لمن يظهر اخلاصا في اشراكه على اوسع نطاق في عملية معالجة قضاياه، لهذا ارى ان الانتخابات هي واحد من اهم العوامل التعبوية والتنشيطية لمجتمع اخطر ما يتهدده الجمود واللامبالاة، بل واخطر ما يتهدد قيمه وتقاليده الحضارية ان تخضع انتخاباته لدراسة جدوى كما لو اننا بصدد مشروع تجاري يربح او يخسر.