خبر : لا تدمروا انجاز الصهيونية الحقيقية \ بقلم: بوعز بسموت \ اسرائيل اليوم

الثلاثاء 05 مايو 2015 11:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT



       لقد كان حظيت بشرف كبير لتغطية  "عملية سليمان" في ايار 1991. خلال يومين كنت شاهدا على القطار الجوي الذي نقل 14320 اخ يهودي. رأيت الصهيونية في تجليها. مكثت حوالي شهر في الدولة قبل العملية. كنت شاهدا على التحضيرات. كما انني بكيت من الانفعال كما الاخرين. ما زلت اذكر كيف تأثر رجال الطوقم الجوية السوفييت من المبادرة الاسرائيلية بإخلاء اليهود بعد ان هرب الزعيم منغستو من الدولة وحاصر المتمردون المدينة.كم كنت فخورا في تلك الايام بان اكون اسرائيليا.

في احدى طائرات الهيركوليس الاخيرة عدت الى البلادوانا ادرك مثل العديد من زملائي الاسرائيليين في الطائرة، ان الصعوبة الاكبر تنتظر القادمين الجدد لدى وصولهم لوطنهم. الاستيعاب ليس امرا سهلا، وما العمل ان كان من يصل اخيرا لا يحظى  بمعاملة تفضيلية مقارنة بمن سبقه.ليس عبثا ان المسرحية ذات الفصل الواحد "المهاجرون الجدد" لـ "اوري زوهر وريك اينشطاين" من سنة 1973 تحولت الى ميثولوجيا "اسطورة". اي هجرة لم تعاني من العنصرية؟ ايضا اليهود ليسوا محصنين ضد هذه الظاهرة الرهيبة. الخلق الانساني ليس كاملا، نقول ذلك لمن نسي.

 ولكن دولة اسرائيل قد اقيمت من اجل ابناء الشعب اليهودي، مهما كان لونهم  ابيضا او احمرا او اصفرا او اسودا. للقادم الجديد الذي وصل من غوندار او غودجم الحق في السكن في البلاد ليس بأقل من حق احفاد ابناء الهجرة الاولى او الثانية. هذا هو سر سحر المشروع الصهيوني. انني اذكر كيف نظرت الى الاكبر مني سنا من بين القادمين وفكرت بيني وبين نفسي بان الاستيعاب بالنسبة لهم ستكون مهمة غير ممكنة تقريبا. الاجيال القادمة ، سيشعروا انهم في بيتهم.

ولكن عندما تنضم المظاهرة العنيفة امس في تل ابيب، الى تلك التي جرت يوم الخميس في القدس تثبت انه ما زال هنالك مشاكل موضوعية للقادمين الجدد، ومثلها للذين يصلون ولديهم امكانيات اقتصادية محدودة. من واجب الدولة احضارهم وبعد ذلك مساعدتهم. كما يبدو فان ما يقدم لهم لا يكفي.ولنقل ذلك بيننا وبين انفسنا، لم يكن ذلك كافيا في يوم من الايام. قبل ايام من اندلاع احتجاجات  الطائفة الاثيوبية، اندلعت في بلتمور اضطرابات السود في الولايات المتحدة. موجة اخرى من الموجات التي عرفتها امريكا في الاشهر الاخيرة.اضطرابات ارجعتنا الى الاضطرابات الشديدة لسنة 1967، 1968. الصحيفة الاسبوعية "تايم" كرست للموضوع صفحة الغلاف.ايضا هنا كان هنالك من ارادوا المقارنة . ولكن ما العلاقة بينهما؟

في الولايات المتحدة حدثت عدة حالات من قتل شبان سود بأيدي قوات الامن. لدينا ان الذي ادى الى اندلاع اعمال العنف كان هو المعاملة المثيرة للاشمئزاز والمقيتة لشرطيين ضربوا بفظاظة الجندي دماس فكدو. الصور هزتنا، وبحق. وقد تم طرد الشرطيين من جهاز الشرطة. وبحق.

في الولايات المتحدة ما زالت الجالية السوداء تشعر بالتمييز السلبي ضدها .مارتن لوثر كنج؟ كان هذا بالامس، ايضا اذا كانت العنصرية التي حارب ضدها وانتصر عليها كانت تناسب اكثر العصور الوسطى.

هنا وخلافا للولايات المتحدة، لا يوجد للطائفة التي انضمت الينا من اثيوبيا 300 عام من العبودية الواجب مسحها. هنا في حالتنا هنالك بعض التصليحات الواجب القيام بها.

لسوء حظ اخواننا من اثيوبيا، فقد جاءوا في الفترة التي بدأ يصل الينا من افريقيا مهاجرون غير شرعيين، ولا ينقصنا الاغبياء الذين يخلطون بينهم. لا يعني ذلك  لا سمح الله  ان المهاجر غير الشرعي هو مباح ويستحق التعامل معه بصورة مهينة، ولكن ما يجب عمله ان القادم من اثيوبيا هو ليس اقل اسرائيلية من اي اسرائيلي اخر، وهنالك من يخلطون بينهم. ايضا في التعامل. ايضا في الاحتجاج.

لقد شاهدت بحزن شديد امس المظاهرة.دموع الفرح 91 تحولت الى دموع حزن. سيكون هنالك من يسارعون ثانية ويسيئوا للدولة ولكن الهجرة من اثيوبيا – سواء عملية موشيه 1984 او عملية شلومو 1991- تعتبر من الفصول الفاخرة للمشروع الصهيوني.

من الواجب علينا ان ننظر باحترام لكل مواطن، لكل انسان. يجب علي اخوتنا الاثيوبيين ان يتذكروا الجهد الذي اكتنف اعادتهم الى الوطن. خسارة ان نجد من يستغل هذا الوضع، ولا ينقصنا متطرفين من شتى الانواع. وهؤلاء لم يأتوا للتظاهر بل فقط للتحريض.

هنا ليست بلتيمور، هنا ليس فرجسون. هنا القدس وتل ابيب. من المسموح به التظاهر، مسموح الاحتجاج، مسموح التذمر وادانة ظواهر عنصرية ورافضة موجودة في المجتمع. ولكن لا حاجة للعنف  لاننا جميعا معكم. وذلك لسبب بسيط هو انكم هم نحن.