غزة - لأربع مرات كل أسبوع، يشاهد المرء صورة غير مألوفة في مدرسة بنات الفخاري الإعدادية الواقعة في منطقة نائية من خانيونس، جنوب قطاع غزة.
فبينما تصدر موسيقى إيقاعية خفيفة من مكبرات للصوت، يكون هناك 12 فتاة ترتدي جميعهن نفس البدل الرياضية الزرقاء والأحذية الرياضية المريحة، يقمن بتنطيط الكرات بمهارة متنقلات بين مرميين موضوعين على طرفي ساحة المدرسة.
وتدريب كرة القدم للفتيات هذا هو جزء من مشروع تنفذه الأونروا إسمه: "أركل الكرة وتلقى الرعاية: تعزيزا للإستدامة وللملكية المحلية للمشروع"، تموله أكاديمية التعليم الخلاق وعلم النفس والاقتصاد في جامعة برلين الحرة، ألمانيا. بدأ المشروع في 2014، وهو جزء من جهود الأونروا الحثيثة للتخفيف من المعاناة في حياة الأطفال اللاجئين من خلال الرياضة، والأنشطة الترفيهية، والدعم النفسي والاجتماعي الترويحي.
فتيات يقمن بلعب كرة القدم هو مشهد نادر في غزة. جمال نتيل، منسق مشاريع الأنشطة الرياضية في الأونروا، يقول: "بينما يمكن للأولاد أن يلعبوا في أي مكان، فإنه بالنسبة للفتيات ذوات الثلاثة عشر أو الأربعة عشر من العمر فمن المستحيل لهن أن يقمن بلعب الكرة في الشارع. فهو أمر لا تقبله كثيرا الثقافة المحلية ". في الواقع، لقد كان المجتمع المحلي بمنطقة الفخاري في البداية متشككا تجاه الأمر، وهو ما أكدته ثريا شحيبر، مديرة مدرسة، والتي قالت أيضا: "ولكن الناس لديهم الكثير من الثقة في الأونروا، ولذا فقد بدأ الأهل لاحقا بتشجيع هذا التدريب".
ويعتبر هذا المشروع مثالا للنجاح، لأنه أنشأ رابطة بين التربية البدنية، والمتابعة الدقيقة للأداء المدرسي، والاحتياجات النفسية للأطفال. إن الفئة الغالبة من تلاميذ مدارس الأونروا عاشت خبرة ثلاث دوائر لصراع عسكري متجدد خلال السبع سنوات الأخيرة، وكانوا شهودا على الموت والدمار والنزوح. ومما يثير الأسي، فقد لقي أحد أطفال اللاجئين المشاركين في مشروع كرة القدم مصرعه أثناء الأعمال العدائية ليوليو وأغسطس 2014.
ملك المصري، 15 سنة، تقول: "خلال الصراع الأخير، لم نتمكن من لعب كرة القدم، ولكن بعد أن توقف الصراع بدأنا فورا من جديد، وهذا أعطانا طاقة لنستمر ما دمنا نعيش".
مشروع "أركل الكرة وتلقى الرعاية" أعطي الفرصة لأكثر من 1,600 طفل لاجئ - نصفهم من الإناث - ليمارسوا اللعب في بيئة آمنة. ولأربع مرات أسبوعيا، يقوم 42 مدربا خاصا بتدريب عدد من الأولاد والبنات من الصف السابع وحتي التاسع في 28 مدرسة إعدادية تابعة للأونروا في قطاع غزة. ويولي المشروع عناية خاصة بالأطفال ذوي الاحتياجات النفسية والتعليمية الخاصة. الحقوق محفوظة للأونروا 2015/ خليل عدوان.
جهود الأونروا لا تعرف الكلل لأجل التخفيف من معاناة أطفال اللاجئين. إن كرة القدم ليست فقط وسيلة للتحسين منالحالة البدنية لهؤلاء الأطفال، ولكنها أيضا تعلمهم الإحترام المتبادل، وتطور لديهم روح الفريق، وتعطيلهم الشعوربالإنتماء للمجموعة. إن جميع الطالبات وبلا استثناء قلن أنه و"بعد الحرب، قام هذا المشروع بالرفع من معنوياتنا بشكل حقيقي"؛ هذا ماقالته الطالبات بلا استثناء. الحقوق محفوظة للأونروا 2015/ خليل عدوان.
"خلال الأسبوع الماضي، ربحنا المباراة مع فريق آخر من البنات من مخيم النصيرات"، تقول معلمة التربية البدنية، رندة عيد، بفخر.
وأضافت: "كرة القدم هي تجربة جديدة بالكامل لهؤلاء البنات. فقد وصلن من خلال ممارسة الرياضة إلى تحقيق التوازن الداخلي، وأغلبهن الآن أصبحن أكثر إلتزاما بدراستهن في المدرسة؛ لقد أصبحن أكثر انضباطا،وأكثر هدوئا، وتعلمن كيف يحترمن النظم المدرسية ويحترمن بعضهن. الحقوق محفوظة للأونروا 2015/ خليل عدوان.
"المجتمع لا يشجع البنات على لعب كرة القدم خارج البيت"، هكذا تقول ملك المصري، 15 سنة، التي أكملت الصف التاسع،والتي ستقوم لذلك بعد فصل الصيف هذا بمتابعة دراستها في مدرسة حكومية. تقول ملك متوقعة ما يمكن أن يكون عليه الحال في المستقبل: "هذا يجعلني حزينة بعض الشئ، لأنني أعلم أنه لا يمكنني هناك أن ألعب مرة أخرى". إن مشروع "أركل الكرة وتلقى الرعاية" أعطى البنات الفرصة النادرة ليلعبن كرة القدم في بيئة لهن آمنة ومنفصلة. الحقوق محفوظة للأونروا 2015/ خليل عدوان.
"حاليا تقوم بعض أمهات البنات بحضور التدريب ويشاهدن بكامل الفخر بناتهن وهن يلعبن الكرة"؛ هذا ما لاحظه جمال نتيل، منسق أنشطة رياضية في الأونروا. ويقول نتيل أيضا وهو ممتلئ بالأمل: "نحن في حاجة لأن نحافظ على هذه الطاقة الإيجابية في البنات والأهالي والمجتمع، أتمني أن نجد طريقة يمكن فيها للبنات العودة بإستمرار إلي مدارس الأونروا للعب كرة القدم، حتي لو لم يعدن ومنذ وقت طويل طالبات لدي مدارس الأونروا". وهذا ما توافقه عليه هؤلاء البنات، فتقول براء أبو شاويش، 14 سنة، بإبتسامة على وجهها: "أتمني أن أتمكن دائما من القدوم إلى مدرسة الأونروا لألعب كرة القدم".


