خبر : قنابل وقوانين رعاية الانقسام في غزة ..قلم: د. تحسين الأسطل

الأحد 26 أبريل 2015 07:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT



لم يكد ينته وزراء التوافق من حزم امتعتهم من اجل التوجه الى غزة, لإدارة شؤون دولة فلسطين منها لأول مرة منذ ثماني سنوات، لإشعار المواطن بجدية التحرك نحو انهاء صفحة عار الانقسام الى الابد, كانت غزة تعيش تحت وقع اصوات الانفجارات في محيط مقر مجلس الوزراء «بيت الرئيس» والمناطق المجاورة، في رسالة واضحة من اصحاب الانقسام الى وزراء الشعب الفلسطيني، الذين تحدوا الرسالة, وواصلوا الطريق الى الهدف المنشود.

وليس ببعيد عن وقع الانفجارات وبالتزامن معها، عقد «اصحاب الانقسام» المتمترسون تحت قبة المجلس التشريعي بغزة - بملابسهم الانيقة – جلسة للدفاع عن قنبلة انشطارية شديدة الانفجار, اطلق عليها «ضريبة التكافل الوطني»، التي وضعت في حلق المواطن الغزي الاسير، والمعتقل, والمخنوق، والمدمر منزله، والمشرد، والعاطل عن العمل, والذي يقاتل الزمن, املا في ألا تغيب الشمس, عله يستطيع ان يوفر لأفراد عائلته قوت يومهم، وحتى لا يعود الى اطفاله ولم يستطع ان يوفر لهم احتياجاتهم الضرورية.

السادة وزراء التوافق الوطني حطوا الرحال بحمد الله في محل اقامتهم بغزة, ولم تفلح القنابل التي تم تفجيرها، في منعهم من القيام بمهمتهم الوطنية, ووضعوا امتعتهم في غزة, وهموا بالتوجه كل الى وزارته, الا انهم تفاجأوا انهم رهن الاقامة الجبرية, ويمنع احد من زيارتهم, وابلغهم احد القيادات الغزية الكبيرة في حركة حماس انهم مخادعون ومراوغون ويتراجعون عن التفاهمات التي يتفقون عليها فور العودة الى رام الله, وفي المساء طلب قيادي اخر حل مشاكل الانقسام من وجهة نظر الحركة في نصف ساعة, من خلال التوقيع على كل القرارات التي اتخذتها الحركة بشأن موظفيها خلال الثماني سنوات الماضية, اما الموظفون السابقون, فنشرت صحيفة يومية تصدر في غزة تحقيقاً من صفحة كاملة, يقدم حل التقاعد المبكر للخروج من ازمتهم.

والمتابع لكل ما سبق من احداث في غزة خلال اليومين الماضيين يعتقد ان هناك ترابطاً وتناسقاً كبيراً بين كل الاحداث, من تفجير القنابل, والتهديد بالفلتان, وفرض الضرائب على السلع ومحاربة المواطن في رزقه ومأكله ومشربه.

فالمواطن الغزي وقف مصدوما امام اعضاء في المجلس التشريعي لتقال صريحة للتجار « مالكوا ومال المواطن» بعد ان تجردوا من مسؤولياتهم امام المواطن, وقفزوا من قبة البرلمان الى قبة الحزب الذي ينتمي له, وبين حصار الوزراء ومطالبتهم بالإقرار والموافقة على تسليم العمل الحكومي في غزة لحركة حماس، من خلال اعتماد الوزراء لقرارات حكومة حماس بشأن موظفيها, والاعلام الذي يروج للمصير المجهول والتقاعد المبكر لموظفي السلطة الوطنية, في محاولة من حركة حماس تجسد فيها الانقسام, وتقصي الاخر بقرار من حكومة التوافق الوطني, التي تعهدت بالحفاظ على حقوق كافة الموظفين.

القنابل انفجرت, وهزت كل مكونات الشعب الفلسطيني, وكانت اشدها صدمة قنبلة اصحاب الملابس الانيقة في المجلس التشريعي, اصحاب قانون «رعاية وحماية الانقسام» والذي يراد منه ان يمول المواطن الفلسطيني في غزة الانقسام الذي يعاني منه، ويهدد نضاله ومشروعه الوطني، ومن جيبه ومن مصروف اطفاله، في محاولة لتعويض خسائر اغلاق الانفاق مع مصر.

والاكثر غرابة في «اصحاب الانقسام», عدم اعترافهم بأخطائهم, والبراعة في تحميل مسؤولية الاخطاء والاحداث والانفجارات الى نظرية المتآمر, فشماعة الانقسام جاهزة لنلقي علي كاهلها المسؤولية, للتهرب من أي تبعات، او احداث, او حتى قوانين، او اجراءات غير مفهومة, ومن يعترض عليه ان ينتظر الويل والثبور وعظائم الامور, من جراء خيانته وتآمره.

ومن هنا لا يمكننا الا ان نشكر ذلك المتآمر، الذي دخل الى عقل من يفترض انه محامي المواطن والمدافع عنه, لنجد انه ليس اكثر من تاجر، يراود التجار على تحميل كل شيء على كاهل المواطن, الذي يراد منه ان يمول قراراته الخاطئة.

هنا نجد انفسنا امام مشهد حصري, لا يمكن ان نراه الا في غزة, حينما يقف التجار ليدافعوا عن المواطنين ومصالحهم, امام اعضاء في المجلس التشريعي, الذين يفترض منهم ان يمثلوا مصلحة المواطنين.

اليوم نحن مطالبين بمصارحة حركة حماس, بأن المجتمع الفلسطيني غير مسؤول عن القرارات التي اتخذتها في توظيف الاف المواطنين, وتسليمهم مراكز متقدمة بشكل مخالف للقانون, في ظل وجود موظفين حقيقيين يتقاضون رواتب هذه الوظائف, ويجب عليها ان تتعامل بمرونة مع الحلول التي قدمتها كثير من الاطراف الفلسطينية والعربية والدولية, والتي يقوم اساسها على الدمج, فنظرية الاقصاء التي تريد ان تنفذها للموظفين الاخرين، لا يمكن القبول بها خاصة في ظل حكومة تحمل شعار التوافق الوطني, والاستمرار بالتهديد بالفلتان والانفجارات من هنا وهناك ربما لن تجدي نفعا, لأننا جميعا سنكون ضحية الانفجارات المجتمعية التي باتت تهدد المجتمع.

غادر وزراء التوافق الوطني بلادهم الى بلادهم, ورغم الصدمة التي اصابت المجتمع الفلسطيني، بعدم قدرتهم على القيام بمهامهم, رغم النداءات الكثيرة والمتكررة التي كانت تطلقها حماس, لهم بالمجيء الى غزة, الا انها ابقت هناك نقطة في نفق مظلم, عل اصحاب الانقسام يراجعون انفسهم قبل فوات الاوان.

والله من وراء القصد