خبر : حماس في بيرزيت : فوز بأكثر من مجلس طلبه في جامعه..!! ...بقلم: عماد توفيق

الخميس 23 أبريل 2015 12:28 م / بتوقيت القدس +2GMT



لطالما مثلت الجامعات الفلسطينية قلاع سياسية خرجت من بين اسوارها خيرة قيادات الوطن وعلى رأسهم القائد الفذ يحيى عياش الذي دوخ الاحتلال لسنوات طويلة أذاقهم فيها من ذات الكأس التي كانوا يسقونها لشعبنا قتلا وتنكيلا، اغتيالا واعتقالا.

كانت وما زالت الجامعات تمثل احد أهم المشارب الوطنية التي قدمت خيرة الشهداء وصدرت للوطن خيرة القيادات المناضلة في شقي المقاومة السياسي والمسلح.

لا يعتبر السقوط المدوي لحركة فتح في انتخابات بيرزيت نتيجة لحالة التشرذم والتفكك التي تعاني منها فتح بين مراكز القوى والتي ابرزها جناحي عباس ودحلان فقط.

بل ربما تعتبر نتيجة طبيعية لحالة الفساد الداخلي المستشري بين مسؤولي وقيادات فتح المشغولين بالامتيازات والنثريات والفضائيات و الالقاب و المسميات و السفريات والرتب والرواتب والنفوذ.

سيطرت فتح على مجلس طلبة بير زيت بعد القمع الأمني العنيف لحماس بعد الحسم العسكري 2007م ، في محاولة يائسة في حينه لإنقاذ سفينة فتح التي بدأت بالغرق منذ خسارتها لانتخابات 2006م لصالح حماس، الأمر الذي حاولت فتح التعويض عنه بالقوة المسلحة لأجهزتها الأمنية وسلب الصلاحيات والفلتان الامني المنظم في غزة، فلما فشلت هذه السياسة الفاشلة في اعادة فتح الى الواجهة في مواجهة قوة حماس، نقلت فتح بفسادها وفئويتها وفلتانها ودمويتها الى ساحة الضفة المحتلة، بتعاون أمني علني ومفضوح في محاولة لإغراق المشروع الوطني في المستنقع الذي غرقت فيه فتح.

ليس فوز حماس في انتخابات بير زيت دليل على التفاف الجماهير حول برنامجها و مقياس للمزاج العام في حال حدوث انتخابات عامه فقط.

وليس فوز حماس في انتخابات بير زيت انتصار لمشروع المقاومة، واستفتاء على قوة حركة حماس فحسب

بل يعتبر هذا الفوز مؤشر واضح ودليل قوي على أن مشروع المقاومة لذي تتبناه حماس أقوى وأكبر من كل مشاريع القمع والملاحقة والاستئصال.

مشروع المقاومة في الحقيقة هو الفائز الأكبر في انتخابات بيرزيت، وهو برنامج الكتلة الاسلامية الذي مثل رافعة وعنوان لبرنامجها الانتخابي "الوفاء للمقاومة".

مجسمات أسلحة وصواريخ المقاومة وبنادقها القناصة "غول" وأزيائها العسكرية في ساحات بيرزيت نجحت في اعادة صور البطولة والفدائية في عقول وعيون الطلبة وهي التي باهى بها كل فلسطيني رافعا رأسه عاليا بفخر ابان حرب الـ51 يوما.

وما ساعد على اعادة رسم الصورة المشرفة للمقاومة في حرب الـ51 هو التسريبات والاعترافات الصهيونية ببطولات المقاومة في الميدان المتزامنة مع الدعاية الانتخابية في بيزيت.

فوز نتنياهو الذي مثل نهاية لوهم مشروع المفاوضات الذي تتبناه فتح برئيسها محمود عباس، وحالة الانسداد الخطير التي جرها عباس على الشعب والقضية مثلت سببا آخر وجيه للانفضاض عن هذا المشروع لصالح مشروع المقاومة.

لا شك ان حماس ارادت ومن خلال دعايتها الانتخابية في بيرزيت ان تكون استفتاء شعبي على خيار المقاومة، وقد نجحت بامتياز، لذا لا نستطيع وصف الفوز بالساحق لأنه ببساطة ومن ناحية وطنية صرفة ليس مطلوبا من حماس سحق فتح كما ليس مطلوبا من فتح سحق حماس، فكلاهما جزء أصيل من الشعب الفلسطيني ولا إمكانية لإقصاء أحدهما أو تحييده، لأننا نعي وندرك وبعيدا عن الحزبية أن الجسم الفلسطيني لن يتمتع بالعافية والقوة الا بإنهاء حالة الصراع العبثية بين الطرفين لصالح المزاوجة بين الخيارين بما يحقق المصالح العليا للوطن.

كما مثل انخراط طلاب من الطائفة المسيحية في الدعاية الانتخابية للكتلة الاسلامية حضارية مشروع الاسلام الحضاري الوسطي الذي تمثله حماس وجماهيريته في اوساطهم كما مثلت تلك الحالة نموذجا لأفضل حالات التعايش .

اثبتت نتائج الانتخابات فشل سياسة فتح الاكتفاء بالاعتماد في حصد الشعبية على اخطاء حماس دون ان تقدم بدائل عملية مقنعة للجمهور فضلا عن عجزها عن تصويب أخطائها، وتجديد ذاتها وانهاء حالة الانقسام في صفوفها.

ليست فتح فقط بحاجة دائمة ومستمرة لتطوير فكرها وطرحها السياسي والاجتماعي وطريقة تعاطيها مع الجماهير ومع الآخر، بل حماس أيضا بحاجة لذلك ، وربما عليها النظر لهذا الفوز من نافذة الفرص نحو تطوير طرق وآليات التعامل مع الآخرين ضمن رؤية للتحول نحو ملئ الفراغ الذي تتركه فتح كحركة لكل الجمهور الفلسطيني، وكفرصة لجهة تعزيز علاقتها مع مختلف مكونات المجتمع الأخرى بفروعها السياسي والاجتماعي.

على الجانب الآخر وفي قراءة من زاوية جانبية، الناظر للمناظرة الانتخابية بين الكتل الطلابية المتنافسة رأى بوضوح افلاس كافة الكتل الطلابية الأخرى وعلى رأسها فتح في تقديم صورة مشرقة سواء لما تمثله من تنظيم او لما تحمله من برنامج نقابي طلابي.

ففي حين استندت فتح على تاريخ مستنزف قرأ عنه الطلبة ولم يعاينوه، وعلى بطولات اصبحت من التراث ، وعلى شخصيات ورموز - مثل ابو عمار وابو جهاد- ربما باتت لكل الوطن اكثر منهم لحركة فتح، في مواجهة اعتماد الكتلة الاسلامية على رموز وشخصيات وتاريخ قريب وحي ومتواصل لبرنامج المقاومة وبطولاتها التي عايشها الجميع عن قرب في حرب الـ51 يوما، وما سبقه من صفقة وفاء الأحرار التي حملت الكتلة عنوان آخر يناغيه وهو الوفاء للمقاومة.

كما يمكن القول ان تجسيد المقاومة بأنواع أسلحتها المختلفة وبأزيائها العسكرية في ساحات ابرز الجامعات الفلسطينية الليبرالية المتمركزة وسط الضفة الغربية المحتلة بآلاف من جنود الاحتلال واجهزة القمع الأمني للسلطة التي تقودها فتح، يمثل وبكل وضوح كسر لكل حواجز الخوف التي حاول الاحتلال والسلطة فرضه طوال السنوات الماضية للحيلولة دون خروج ابطال المقاومة من القمقم مرة أخرى، الأمر الذي ربما يؤشر لتحول سيكون له ما بعده، لنعود ونؤكد ان فوز حماس في بيرزيت يمثل فوز بأكثر من مجلس طلبة في جامعة.