خبر : قراءة علمية في انتخابات بيرزيت ...بقلم: خالد معالي

الخميس 23 أبريل 2015 12:11 م / بتوقيت القدس +2GMT





أولا وقبل كل شيء؛ مبروك الفوز لفلسطين كلها بكافة أطيافها، ومبروك العرس الديمقراطي، ومبروك لحماس فوزها، ومبروك لفتح إجرائها انتخابات نزيه وقبولها بنتائجها، ومن فاز اليوم قد يخسر غدا إن لم يحسن الأداء والممارسة، ويتغلب على كافة الصعوبات والتحديات الجسام، ومبروك أن تكون لغة الحوار والتعاطي بين القوى الفلسطينية حضارية؛ بصناديق الاقتراع بدل صناديق الرصاص على شاكلة الدول العربية.

تعتبر مشاركة 77% من طلبة بيرزيت في الانتخابات دليل على الوعي الانتخابي والحراك القوي؛ وحصول حماس على 26 مقعدا؛ وفتح على 19 مقعدا؛ غير متوقع مقارنة بنتائج العام الماضي؛ فما الذي استجد حتى تحصل حماس على كل هذه النتيجة؟!

الكثير من التحليلات ستجري لما حصل في جامعة بيرزيت؛ ولكن كل تحليل علمي يستند للعقل ومنطق الأمور، وطبيعة الأشياء بعيد عن حالة الاستقطاب الحاد والمناكفات وإصدار النتائج والأحكام العشوائية؛ هو الذي يبقى ويدوم وله تبقى الريادة.

يبدو أن الثورة التقنية في وسائل التواصل الاجتماعي لعبت ضد حركة فتح؛ بسرعة الوصول للمعلومة لدى الطلبة؛ فموضوع الطالبة الشقراء – المفاجئة الغير متوقعة- من القدس لعب دورا إلى حد ما؛ فقرابة 600 ألف مشاهدة لحديثها على شريط الفيديو عن سبب رفعها راية حماس؛ جعلت من شاهد الشريط يتعاطف معها ومع الكتلة، وتأكيد ودليل قوي على التسامح والحرية، وقبول الآخر لدى حركة حماس بمعقولية برنامجها وصحته.

من ناحية علمية فان أسباب عديدة أدت لتراجع حركة فتح؛ ومن تابع دعاية حماس الانتخابية يستنتج سريعا أن عدم تحقيق أي انجاز سياسي للسلطة سبب رئيس؛ وكذلك موضوع الهباش والتنسيق الأمني كان مادة غنية ومقنعة لحماس للتحدث فيها.

قضية الأسرى حساسة جدا لدى الشعب الفلسطيني؛ فوجود انجاز ملموس لدى حماس؛ وهو اسري جنود جيش الاحتلال والذي لا يعرف عددهم؛ ومعايشة جيل الشباب من الطلبة والطالبات للحالة اليومية المعاشة في الضفة وسط القهر والمس بالكرامة على الحواجز، وتهديدات نتنياهو للسلطة وعنجهيته وغطرسته؛ جعلت هذا الجيل ينظر للرد على ذلك ولو بصوته.

مجتمع طلبة بيرزيت له خصوصيته وغالبيته غير منتمي حزبيا؛ والطلبة في الجامعة لديهم وعي انتخابي كبير، واختيارهم لحماس يفسر على انه اختيار لطريق المقاومة ضد الاحتلال؛ وما لم تحقق فتح انجاز سياسي فان رصيدها الجماهيري سيتواصل استنزافه.

ستضرب انعكاسات نتائج انتخابات جامعة بيرزيت في كل الاتجاهات؛ وسيتم قرائها من قبل الجميع بشكل هادئ؛ ويسجل لحركتي فتح وحماس أن تكون اللغة بينهما صناديق الاقتراع؛ وليس السلاح على شاكلة الدول العربية المتحاربة.

تلاقح الأفكار واختلافها؛ بأسلوب علمي حضاري، وقبول نتائج صناديق الاقتراع؛ يؤدي للتطور والنهوض؛ وهو المطلوب حتى نعطي نموذج طيب وفريد من نوعه للدول العربية من حولنا التي لا يقبل فيها الآخر غير نفسه، وتتقاتل فيما بينها.

في المحصلة ما جرى في جامعة بيرزيت ينسجم مع المعادلات والسنن الكونية؛ فمن يخفق؛ إما أن يعيد قراءته وبرامجه؛ وإما أن يندثر ويتلاشى؛ ومن فاز؛ إما أن ينجز ويطور ويحسن وينطلق بالسفينة إلى شاطئ ألامان؛ وإما أن يخفق ويهزم في المرة القادمة.