كلما أمسكت بالقلم للكتابة عن نتائج الإنتخابات الطلابية في جامعة بير زيت تنتابني موجة ضحك عارمة ليس شماتة بأحد ولا فرحاً لأحد ولكن المشهد المثير الذي تابعته بخصوص كلمات الناطقين بإسم السلطان من المتسلقين والفشلة واللاهثين وراء المزايا والمناصب والراغبين بالحضور أمام الكاميرات بغض النظر عن لحظة ضمير أو مصلحة وطن ، كان المشهد يقول أنهم في حالة بؤس بعد أن إكتشفوا بأنهم سذج لا يجيدون القراءة وفقط يجيدون الصياح، فكيف لا، والفارق في الأصوات بين الفائزين بالإنتخابات كبير ونوعي وفريد حيث أنه لم يحصل من قبل في تاريخ الجامعة بالرغم من توفر الإمكانيات الهائلة للفريق الخاسر وتعرض الفريق الفائز لكل صور التضيق والتشويه والتهميش والتشكيك بطريقة معتادة في الخصومة لدى الطرف المتسلبط على حركة عملاقة يعمل لحساب السلطان والمزايا بدون النظر لأخلاقيات شرف الخصومة ، فلم يجد هذا الفريق من الطالب المثقف في هذه الجامعة الشامخة في لحظة الحقيقة إلا أن يقول له أسف لن أعطيك صوتي لتمثلني حتى لو كنت من أبناء الحركة التي سرقتموها لأنني لست ساذجاً مثلك ، فأنا أريد أن أكون عنوان وطن ولن أختار من يريد أن يشتريني بالمال أو يرهبني بالوظيفة أو أن يقطع رزق أبناء شعبي أو يغلق بيوتهم العامرة أو يكمم أفواههم نتيجة خلاف بالرأي ، بل أريد أن أكون إنسان في سياق إنسانيتي وأعيش حريتي أحترم نفسي فأحترم الأخرين ويحترمونني فأنا لست أجير ولا عبد في وطني، فكانت الطامة الكبرى لفريق ظن أن الأمور تسير غير ذلك وكما يريد وعلى ما يرام وأن الطريق ليس مليئ بالأشواك وأن الناس نيام وفي حالة بلادة تامة وماتت مشاعرها ونسيت كرامتها وفقدت أمنياتها وتخلت عن أحلامها وطموحاتها، فوجدوا عوضاً عن ذلك شباب مليئ بالحيوية ويعشق الحياة ويريد أن يكون جزء من منظومة أمينة ونظيفة وليس فاسدة ومتسلبطة على مستقبله وأحلامه، فقال كلمته ليس حباً وقناعة في نهج من فاز ولكن رفضاً لجبروت نهج مظلته الظلم والفساد ليقول أن حقه أن يشارك في بناء وطنه وأن يكون عماد من أعمدته ولن تغريه أموالكم الفاسدة ولا جبروتكم ولا ظلمكم بل أنه سيشارك في صناعة شعلة السلام العادل ليأتي لشعبه بحياة يعشقها ويتطلع إليها عنوانها البناء والأمن والأمان لشعب واحد في وطن واحد غير ما يريد ويتمنى السلطان الذي شق الوطن بسياساته الفاشلة والقاسية ولا زال مصراً على ترسيخ الإنقسام ليبقى هو في مأمن والشعب يطحن في بعضه البعض تحت شعار فخار يكسر بعض.
من هنا لا نريد أن نبالغ في رسم الصورة التي عكستها بهجة الناس ولكن نريد أن نعطي إشارة واضحة من خلال ردات فعلهم التي تم رصدها من الذين عبروا عن أرائهم بفرحتهم بهذه النتيجة فيقول احدهم، من خاب ظنهم بالفوز في هذه الإنتخابات ليسوا منا ولا يمثلونا وما حصل يدعو للفرح ليس نتيجة الفوز بحد ذاته.، ولكن الفرحة نابعة من الوعي الذي وصل إليه الشباب المتعلم والمثقف في هذه الجامعة التي تعد إنعكاساً لوعي الشباب في الوطن وقناعاتهم الراسخة بزيف وفشل منظومة ونهج السلطان الذي باعهم الوهم ليس في مجال الفكرالسياسي فقط بل حتى في المجالات الطلابية القائمة على المحاباة والإنتفاع بعيداً عن الصدق والإنتماء فكان لزاماً أن يحدث صدمة ويكون هناك تغيير .
أخرين قالوا، هذه جامعة بير زيت وليس جامعة عابرة بل هي تمثل التيرموميتر الحقيقي لنبض الشارع ، فإن حصل إنتخابات تشريعية أو رئاسية غداً فإن النتائج ستكون قريبة لنتائج الإنتخابات الطلابية من ناحية الشكل ولكن بمضمون أخر كتعبير صارخ لرفض الوضع الفاسد القائم على المحسوبيات وعدم محاسبة المخالفين وممارسة العربدة والفشل في تحقيق أي نتائج سياسية أو فتح أفاق للمستقبل او إعطاء أمل بالغد، بالمقابل إقفال بيوت عامرة وتكميم الأفواه ومحاربة الناس بأرزاقها وتهميش الكفاءات ، كل ذلك كان لابد من أن يقابل بتذمر كبير بين المواطنين وفئة الشباب بالتحديد الذين يرون أن مستقبلهم صودر من فئة منتفعة تحت مسميات قادة وهميين لم يقدموا لهم حلول أو لديهم القدرة على ذلك بل باعوهم الوهم وحطموا أمالهم وسرقوا أحلامهم ودمروا مستقبل أولادهم في بعض الحالات بدون حسيب ولا رقيب .
شعب حي ويعشق الحياة ويريد أن يعيش بسلام كان لابد له أن ينهض ويقول كلمته من خلال أبنائه بطريقة ديموقراطية بعيداً عن العبثية والفوضى لضرب مثال أخر بأنه شعب يستحق الحياة وبأنه يريد أن يبني وطن بعيداً عن سلوكيات ممن هم ليسوا العنوان ولا تتناسب مع تطلعاته وأماله ، فهو شعب يؤمن بالتعايش السلمي تحت مظلة القانون الدولي التي ستصون حقوقه وتفرض عليه واجبات عليه أن يحترمها من خلال أناس تحترم ما تقول وليس أناس تبيع الوهم وتكذب على شعبها وعلى الأخرين للحفاظ على مصالحها هي فقط ضمن مجموعات منتفعة ، مارست سياسة الإقصاء والتهميش مما أدى إلى فشل كبير لربما يجلب ويلات لشعوب تعشق الحياة وتريد أن تعيش في المنطقة لتبني مستقبل أمن لأبنائها، فيه أمل ورخاء وقادرة على أن تعيش سوياً، لذلك يتطلع الكثيرين لأن يكون هناك قراءة صحيحة للواقع الجديد وأن يتم الإنتباه إليه بأن هناك شعب حي لابد من محاكاته وإعطائه الأمل بدلاٌ من دعم فريق أصبح فاقد الثقة لتمثيله بين أبناء شعبه وأدواته التي إستنزفت مقدراته لحسابها وتبتزه في مستقبل أولاده لتخلق منه شعب متطرف بدلاً من شعب عاشق للحياة.
لقد حان الوقت للمجتمع الدولي لأن يفتحوا أذرعتهم لإحتواء تطلعات هذا الشعب وإعطائه بصيص من الأمل بأن غداً أفضل وأن تفتح الأبواب لفهم ما يريده وأن يتم العمل على تشجيع خلق قيادة شابة جديدة ونظيفة قادرة على أن تقود شعبها إلى بر الأمان في سياق التعاطي مع متطلبات القانون الدولي لتكون جزء منه، لها ما لها وعليها ما عليها، بعيداً عن القيادة الحالية التي شاخت وتأكلها الصراعات الدفينة فيما بينها واللاهثة وراء مصالحها فقط، والتي أثبتت عجزها عن تحقيق أمال شبعها أو تحسين وضعه الإقتصادي والإجتماعي ولم تجلب له حلاً يعيطه الأمل بل تعيش مرحلة تخبط وفقدان للثقة فيما بينها وبين أبناء شعبها في مشهد يشير إلى أن هناك حالة من الهدوء الذي يسبق عاصفة المتغيرات!!!!.


