خبر : افتضاح السر \ بقلم: آري شافيت \ هآرتس

الخميس 09 أبريل 2015 02:35 م / بتوقيت القدس +2GMT



       الرئيس براك اوباما يجري المقابلات الصحفية على نحو ابداعي. فهو يعرف كيف يخفي نقاط ضعف حججه وراء أقنعة باردة من اللسان الطليق والكلام الفهيم الذي يبدو متوازنا. ولكن صديقي الطيب وزميلي الكبير توم فريدمان هو ايضا صحفي لامع. وبدلا من الصدام والسعي وراء الصغائر يعرف كيف يستخرج ممن يقابلهم اقوالا بعيدة الاثر.

هكذا   ولد السبق الاعلامي التاريخي، الذي لشدة العجب لم تنقض الصحافة الامريكية عليه كلقية ثمينة. "ايران لن تكتسب سلاحا نوويا في اثناء ولايتي"، قال الرئيس الامريكي للصحفي الاهم في الولايات المتحدة في مقابلة مصورة مع "نيويورك تايمز". وأنا أكرر: "ايران لن تكتسب سلاحا نوويا في اثناء ولايتي"، قال اوباما لفريدمان.

منذ تبلورت صفقة "لوزان" ونشرت قبل اسبوع، اثارت قدرا لا يحصى من الاسئلة الصعبة. فلماذا لا يوجد أي وجه شبه بين الصيغة الفارسية للصفقة وبين الصيغة الانجليزية؟ لماذا يدعي الايرانيون بالقطع بان العقوبات عليهم سترفع على الفور وسيتمكنون من مواصلة تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي وتطوير أجهزة طرد مركزي متطورة دون قيد؟ لماذا حتى وفقا للصيغة الامريكية، سيتمكن الايرانيون من مواصلة الابقاء على المنشأة النووية التحت ارضية في فوردو والمفاعل النووي في اراك؟ لماذا، حتى وفقا للصيغة الامريكية، ليس واضحا اذا كانت المادة المشعة (عشرة اطنان) ستخرج من نطاق ايران واذا كان سيكون للمراقبين الدوليين قدرة وصول حرة الى كل موقع في ايران؟

وما الذي يفترض أن يحصل بعد عشر سنوات؟ افلا نريد أن نعيش بعد 2015؟ أفلا تشق صفقة لوزان الطريق الى مستقبل كابوسي وغير بعيد، تكون فيه ايران نووية  والشرق الاوسط سيكون نوويا، وسينهار النظام العالمي؟

الـ 15 كلمة التي قالها اوباما لفريدمان تجعل علامات الاستفهام علامات تعجب. وها هي بالاصل الانجليزي: "I have been very clear that Iran will not get a nueclear power on my watch". والمعنى: بصوته، فيما كان وجهه نحو الكاميرة، يقول الرجل الذي يقود مغامرة تاريخية تقشعر لها الابدان بان التزامه هو الا تتحول ايران نوويا قبل عشرين كانون الثاني 2017.

ليس القرن الواحد والعشرين هو ما يحاول الرئيس انقاذه. ليس الـ 21 سنة التالية هي التي يعد الرئيس بان تستقر. كل ما يتعهد به الرئيس اوباما هو أن في الـ 21 شهرا التالية لن تنتج ايران ولن تركب قنبلتها النووية الاولى.

ما الذي يفترض بالاسرائيليين أن يفعلوه بمثل هذا التعهد الرئاسي قصير المدى؟ وماذا يفترض بالسعوديين والمصريين والاتراك والاردنيين وامارات الخليج ان يفكروا؟ والاوروبيون؟ والامريكيون؟

ليس ضوءا واحدا اشعلته مقابلة اوباما – فريدمان. بل الف ضوء أحمر. وعندما تضاف الى الصورة  افتضاح السر عن كل علامات الاستفهام الصعبة في صيغة لوزان – يتعاظم الاحساس بان شيئا خطيرا جدا يجري امام ناظرينا. يثور الخوف في أن اتفاق اوباما – خامينئي لا يستهدف منع التحول النووي الايراني، بل تأجيله لبضع سنوات فقط.

الايام الثمانية القادمة هي ايام حاسمة. فالتاريخ ينظر الينا جميعنا الان. اين وقفنا، ماذا قلنا وماذا فعلنا عندما اتخذ القرار الاهم في عصرنا. لن تكون مغفرة على الاخطاء. لن يكون سماح على الوهن او الاهمال او التفاهة. فالسياسة العادية لليسار – اليمين لم تعد ذات صلة. ولا النمط المعروف للعطف نحو اوباما أو الكراهية نحو بنيامين نتنياهو أو العكس.

زمن الازمة هو ليعقوب. زمن الازمة هو لكل اسرائيلي، عربي، اوروبي وامريكي يحب الاستقرار وسواء العقل. ما يوجد الان على الكفة هو العالم الذي يفترض بابنائنا ان يعيشوا فيه.