خبر : عندما يتحدث أوباما عن العرب السنة ...د.وليد القططي

الأربعاء 08 أبريل 2015 11:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عندما يتحدث أوباما عن العرب السنة ...د.وليد القططي



                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

في مقابلة مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما أجراها معه الصحفي توماس فريدمان الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز قال : " إن العرب السنة يواجهون بعض التهديدات الخارجية الحقيقية , ولكن لديهم أيضاً بعض التهديدات الداخلية المتمثلة في سكان مهمشين في بعض الحالات , وشباب عاطلين عن العمل , وايديولوجية هدّامة , وإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم " وأعرب عن اعتقاده بأن أكبر التهديدات التي تواجه العرب السنة قد لا تأتي من غزو إيراني بل من السخط الذي يعتريهم داخل بلدانهم . ولم ينس الرئيس الأمريكي أن يؤكد على التزامه بأمن اسرائيل والدفاع عنها قائلاً : " ... فأنا كنت دائماً ثابتاً في التأكيد على أن دفاعنا عن اسرائيل لا يتزعزع " .
في قراءة سريعة لبعض ما ورد في هذه المقابلة يمكن استخلاص النقاط التالية :
أولاً : ان استخدام الرئيس الأمريكي أوباما لمصطلح ( العرب السنة ) يعني انه لا ينظر للعرب كأمة واحدة , ولا ينظر للدول العربية ككتلة واحدة , بل ينظر اليهم كمذاهب وطوائف وأعراق مختلفة , مستنداً فيما يبدو على واقع الحال الذي وصل إليه العرب بعد ثورات ما يُسمى بالربيع العربي التي ظهرت فيه هذه الأبعاد بوضوح بعدما انفجر غول الفتنة في وجه الجميع , وخرج عفريت الطائفية من قمقمه , واستبدل التعايش السلمي المجتمعي بالحروب الأهلية المدمرة . ومصطلح ( العرب السنة ) الذي استخدمه أوباما يعني اخراج غير العرب كمكون أساسي في الوطن العربي كالأكراد والأمازيغ وغيرهم , ويخرج أيضاً غير السنة من الديانات الأخرى كالمسيحيين والمذاهب الأخرى كالشيعة كمكونات أساسية في الجسم العربي . صحيح أن الكتلة السكانية الأكبر في المنطقة العربية هم العرب السنة , ولكن هذا يؤكد سياسة التفسيخ التي تسير إليها المنطقة العربية بفعل فاعل يعرف ما يريد , ويأخذ المنطقة بأسرها نحو مزيدٍ من التقسيم والتجزئة .
ثانياً : اشارة الرئيس الأمريكي أوباما إلى خطر الغزو الايراني على ( العرب السنة ) كخطر خارجي ليست اشارة عابرة , بل هي تكريس للدعاية الصهيونية التي محورها أن الخطر على العرب لا يأتي من جانب الكيان الصهيوني بل من جانب إيران التي تهدد الاستقرار في المنطقة بل والعالم أجمع فإيران – حسب الرواية الإسرائيلية – لا تشكل خطراً على ( اسرائيل ) فقط بل على الشرق الأوسط برمته إضافة لخطرها على العالم . وهذه الدعاية هدفها حرف البوصلة عن العدو المركزي للعرب والمسلمين المتمثل في الكيان الصهيوني , وهذا الاتجاه تساهم فيه كثير من أجهزة الاعلام العربية المرئية والمسموعة والمقروءة مستفيدة من الصراعات المسلحة والحروب الأهلية في بعض الدول العربية التي تورّطت فيها قوى ودول اقليمية ودولية بما فيها إيران حتى بدأنا نقرأ عناوين مقالات لبعض الصحفيين العرب تسأل " هل إيران هي العدو أم اسرائيل ؟ " وإن كان هؤلاء قد ساووا بين إيران والكيان الصهيوني في درجة العداء , فإن غيرهم قد قدّم إيران على الكيان الصهيوني في درجة العداء , بل أن قلة منهم قد اعتبر الكيان الصهيوني صديقاً للعرب ! .
ثالثاً : ذكر الرئيس الأمريكي أوباما بعض ما أسماها التهديدات الداخلية التي تواجه ( العرب السنة ) ويقصد الدول العربية , ومنها : سياسة الإقصاء والتهميش ضد فئات الشعب المختلفة , والبطالة خاصة في صفوف الشباب , والايديولوجية الهداّمة , والاحساس بعدم وجود مخرج سياسي للمظالم ... وهذا كله يؤدي إلى السخط الشعبي ضد الأنظمة الحاكمة . وهذا التشخيص دقيق إلى حد كبير , إلا أنه غير مكتمل لأنه لم يشر إلى الارتباط العضوي بين هذه الأنظمة العربية والولايات المتحدة الأمريكية , هذا الارتباط الذي استمر لعقود من الزمن أعطى احساس للنخبة الحاكمة العربية أن ظهرها مستند إلى ركن مكين من القوة التي تضمن بقائها في السلطة , ولم تهتم إلى مصالح شعوبها ومتجاهلة لآمالهم وآلامهم وطموحاتهم , فاستبدت بالأمر واحتكرت الحكم واستأثرت بالثروة فكان الاستبداد والفساد هو ما يجمع هذه الأنظمة التي ركنت إلى ارتباطاتها الخارجية بقوى دولية واقليمية , وقوتها العسكرية والأمنية التي لم ولن تغني عنها شيئاً .
رابعاً : لم ينس الرئيس الأمريكي أن يؤكد على تحالفه الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني حتى في ظل تحدي نتنياهو له في عقر داره عندما خطب في الكونغرس الأمريكي محرّضاً ضد الاتفاق النووي مع إيران , وحتى في ظل الخلاف الأمريكي الاسرائيلي حول إدارة الملف الفلسطيني , فقد أكد أوباما على التزامه بأمن الكيان الصهيوني بقوله : " ان دفاعنا عن اسرائيل لا يتزعزع " وهذا يؤكد التحالف الاستراتيجي - الذي لا يفصمه إلّا زوال دولة ( اسرائيل ) - بين المشروعين الغربي والصهيوني ضد الأمة الاسلامية متجسداً في وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين في قلب بلاد العرب والمسلمين , فأمريكا هي راعية المشروع الغربي بعد ان استلمت الراية من الامبراطورية البريطانية التي أقامت دولة ( اسرائيل ) بدعم غربي واضح .