يمجد الكثيرون قدرة بنيامين نتنياهو على الانتصار في حملة الانتخابات على هذا القدر من الشدة ويسمونه "الساحر" و "كلي القدرة". لا شك أن النتيجة التي حققها نتنياهو في الانتخابات للكنيست العشرين كانت تتجاوز التوقعات، اما هو فليس ساحرا
اعتاد الجمهور على أن يتذكر لزعمائه آخر فعل قام به. هكذا يتذكرون في معسكر اليمين لارئيل شارون، فارس المستوطنات، فك الارتباط فقط. فأحد لا يأبه لمن خدع الجميع، اقام مستوطنات وهمية ونقل لرؤساء المستوطنين الاموال والرسائل. هكذا أيضا يبدو في نظر الكثيرين ميزان نتنياهو. فالى الزاوية يندحر فشله امام ايهود باراك في 1999، انتخابات 2006، التي قاد فيها الليكود الى فشل كبير مع 12 مقعد وحتى الحملة البائسة التي ادارها في 2013 مع أفيغدور ليبرمان.
لا ينبغي تجاهل الحملة الساحرة، ولكن محظور تجاهل ملابساتها. فأنا أعرف خمسة اشخاص نهضوا في يوم الانتخابات بقرار التصويت لاحزاب البديل، وليس لليكود، وغيروا تصويتهم في أعقاب دعوة نتنياهو البكاءة والكئيبة لانقاذ الدولة من السيطرة العربية.
لقد صدقوا ببراءة، او بدهشة بان اوروبا، براك اوباما، وباقي الجمعيات يريدون جعل العرب قوة مسيطرة في الكنيست. واعترف الخمسة من معارفي بان نتنياهو هزمهم بـ "سحره" وبعد يوم أو يومين عرفوا بان الساحر هزمهم باكاذيبه.
هناك من يقول ان نتنياهو اسف لملاحظاته التي حظيت بصدى عالمي، وسارع الى الاعراب عن اسفه على القول الذي مس بالجمهور العربي. غير أن هذا لم يكن اعتذارا ، حيث أن نفتالي بينيت أخرج هذه الكلمة من القاموس السياسي (ومنذئذ لا يكف عن الاعتذار على قضية ترشيح ايلي يوحنا امام كل ميكروفون مفتوح).
لا افهم على ماذا ولماذا ينبغي لنتنياهو أن يعتذر للناخبين العرب. فهو لم يشجبهم، لم يقلل من قيمتهم، لم يرفض رغبتهم في التأثير على صورة الدولة، بل فقط بالغ عن وعي بحجوم التصويت والنقليات التي جلبت الناخبين العرب الى صناديق الاقتراع. وهو ليس ملزما بالاعتذار لهم بل بالاعتذار لجماهير الناخبين الذين ضللهم، بعد ان فشل في مساعيه لاعادتهم الى حضن الليكود.
ليس الخطاب المؤثر الذي القاه نتنياهو في الكونغرس الامريكي، ليس الكفاح في مواجهة الرئيس اوباما وليس السخرية من بوجي وتسيبي اليساريين المتطرفين المهددين لقدرة اسرائيل على الصمود – كل هذه لم تجديه نفعا، بل فقط الخطوة الانتهازية المحسوبة، لاستخدام معلومة كاذبة وتجنيد كراهية العرب الموجودة في مطارحنا.
كنت دوما على رأي بانه يجب احترام كل مقترع، حتى لو كان يختلف معي. ليس هكذا نتنياهو. فهو يرى في منتخبيه أغبياء غير مستعدين لان يقفوا الى يمينه عند الاختبار. والرسالة المناهضة للعرب، فضلا عما فيها من ضرر أخلاقي، هي استخفاف فظيع في قدرة الناخبين على الحكم ممن اعتقدوا بانه حانت لحظة نتنياهو للذهاب. هم اولئك الذين ينبغي لنتنياهو ان يوجه طلبه للمغفرة.
صحيح أن الخطوة نجحت على نحو جميل، والان يحاول نتنياهو تشكيل حكومة جديدة، ولكن خطوة رئيس الوزراء اقتربت من خداع ناخبيه واستغلال العنصرية تجاه العرب التي استشرت في اجزاء من الجمهور.
لست ساذجا لافكر بان نتنياهو سيطلب المغفرة. مريح له أن يقول كلمات غير ملزمة للجمهور العربي. ولكنه لن يسارع الى الوقوف امام ناخبيه ويعتذر عن الكذبة العنصرية التي حطمت في يوم الانتخابات الاجواء وروح دولة اسرائيل أيضا


