خبر : وقع خارج الزمن \ بقلم: ألون بن دافيد \ معاريف

السبت 04 أبريل 2015 11:25 ص / بتوقيت القدس +2GMT



          كان هذا اسبوعا تاريخيا في تاريخ الشرق الاوسط، بدون علاقة باتفاق الولايات المتحدة وايران (الذي حتى كتابة هذه السطور ليس واضحا اذا كان سيتحقق). في هذا الاسبوع وللمرة الاولى منذ عشرات السنين اتحد العالم العربي حول موضوع غير اسرائيل. فهو لم يكتف بالتصريحات ولكنه انتقل الى العمل.

          صحيح أنه بالنسبة لاسرائيل فقد كان اسبوعا أثبتت فيه الادارة الامريكية مرة اخرى ضعفها ولكن العالم العربي العقلاني أظهر للمرة الاولى القوة والاتحاد التي تشير الى الأمل والفرص الجديدة في المستقبل.

          في الوقت الذي علم فيه الايرانيون في لوزان جون كيري وجماعته كيف تُدار المفاوضات فقد قرر السعوديون والمصريون تعليم الرئيس اوباما أنه ليس كل شيء يتم بأوامره. معا أقاموا جيشا مشتركا وفرضوا حصارا فعليا على اليمن التي احتلت من قبل الحوثيين. مصر تكون مسؤولة عن الحصار البحري على الحصن الايراني الجديد في اليمن، والسعودية التي فضلت دائما وتاريخيا اتخاذ موقف سلبي فرضت حصارا جويا وهاجمت بصورة متواصلة الحوثيين في اليمن.

          الدولتان أقامتا غرفة عمليات مشتركة تُدير المعركة وهذا بحد ذاته تطورا تاريخيا. الهجمات السعودية دمرت صواريخ ارض – جو الموجودة في أيدي الحوثيين وأوقفت القطار الجوي للسلاح والذخيرة من طهران الى صنعاء قبل لحظة من تزويد ايران للحوثيين بصواريخ مضادة للسفن.

          التحالف العربي بدا مصمما الى درجة أن القيادة الايرانية أُجبرت على الوقوف والتفكير في انتهاج طريق جديد. ويتساءلون في ايران الآن فيما اذا كان احتلال اليمن لم يقدهم الى منطقة أبعد من المطلوب، وفيما اذا كان صحيحا الاستمرار في دعم المتمردين أمام التحالف العربي الجديد. الايرانيون يدرسون بجدية رفع الدعم عن الحوثيين الشيعة والتنازل عن القشة التي تهدد بقصم ظهر البعير السني.

          في شرم الشيخ سجلت قُبلة تاريخية بين أمير قطر تميم آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ليس واضحا من منهما عانى أكثر من ذلك الاتصال اللحظي، ولكن صحيح حتى اليوم أن قطر قد انضمت الى العالم السني العقلاني وهذه بالتأكيد أنباء جيدة.

          ايضا في سوريا كان هذا الاسبوع سيئا لايران وتابعاتها. الهجوم الذي أعده حزب الله ضد المتمردين في هضبة الجولان تم صده والآن يقف جنود الاسد سوية مع رجال حزب الله أمام هجوم مضاد تقوده جبهة النصرة. الخوف من أن ايران ستسيطر على الحدود مع اسرائيل تبدد حتى هذه الساعة. الاسد وحلفاؤه تلقوا هزائم في إدلب وحلب وهم يستعدون الآن لهجوم آخر من قبل المتمردين في القلمون على الحدود السورية اللبنانية.

          قاسم سليماني، قائد قوة "القدس" التابعة للحرس الثوري الذي يقود التمدد الايراني في الشرق الاوسط، كشف في هذا الاسبوع أن الحبل قصير جدا، وأنه ليست لديه القدرة على القتال في هذا العدد الكبير من الجبهات. لقد تعرض للهزيمة ايضا في تركيا والعراق، وتم وقف حلم السيطرة الايرانية على المنطقة على الأقل في الوقت الحاضر.

       عملية سبتا

          إن مغزى هذه الاحداث بالنسبة لاسرائيل هو أن لديها الوقت. الوقت للتفكير وادراك ما يحدث حولنا،  تشخيص الأخطار والفرص. رئيس الاركان غادي آيزنكوت دعا اعضاء القيادة العامة الى ورشة عمل بحثت في اسئلة مثل ما هو النصر، الحسم وما هو دور الرموز في الحرب القادمة. الورشة التي هدفت الى فحص اسلوب تشغيل الجيش الاسرائيلي لم تصل حتى الآن الى قرارات ولكن الانطباع كان أن آيزنكوت هو أبو "نظرية الضاحية"، متمسك بالاعتقاد الذي يقول إن الحروب يجب أن تُدار مثل "عملية سبتا"، البدء بذروة القوة وفيما بعد زيادتها.

          قائد الجبهة الداخلية السابق إيال آيزنبرغ شارك هذا الاسبوع الجمهور في التنبؤات المقلقة لوقوع أكثر من ألف صاروخ في اليوم على الجبهة الداخلية الاسرائيلية في مواجهة مع حزب الله. هذه ليست معطيات جديدة، وكذلك ليست نتاج قرار يعرف التطورات المرعبة. منذ سنوات يفهم الجيش الاسرائيلي بأن هذا هو السيناريو المتوقع في مواجهة مع حزب الله، اضافة الى احتلال بضع مستوطنات في الشمال وربما ايضا إنزال قوات كوماندو لحزب الله في جبهتنا الداخلية. أمام هذا السيناريو الذي فيه لا يستطيع الدفاع الجوي بكل مستوياته في الحقيقة أن يقدم دفاعا للسكان المدنيين.

واضح أن الجيش الاسرائيلي يجب عليه أن يكون عنيفا بصورة خاصة من اللحظة الاولى. حرب كهذه التي في هذه اللحظة لا تبدو قريبة تقتضي عملا جويا واسعا ضد حزب الله وضد البنى التحتية اللبنانية منذ البداية. كل ذلك من اجل أن يقود الى وقف النار سريعا في الوقت الذي تتعرض فيه الجبهة الداخلية لاصابات مؤلمة من الصواريخ الثقيلة. اذا وقع حادث كهذا الذي في هذه اللحظة لا أحد من الطرفين معنيا به، فان حماس ايضا لن تقف مكتوفة الأيدي وستساهم بنصيبها. ولكن سلوك حماس منذ "الجرف الصامد" يشير الى أن هذه المنظمة ليست معنية بتجديد المواجهة في هذه اللحظة. ايضا السلطة الفلسطينية التي تم قبولها هذا الاسبوع كعضو في محكمة الجنايات في لاهاي لم تسارع الى استخدام العنف ضد اسرائيل بل ستُركز على المعركة السياسية.

          هذه التطورات التي لم تنضج وتستقر بعد توفر لاسرائيل الوقت: ليس كثيرا ولكن لبضعة أشهر. في الوقت الحالي تستطيع اسرائيل تشكيل الحكومة الجديدة بدون تهديد خارجي فوري ومحاولة بلورة سياسة قبل إجبارها على التعامل مع التحديات الخارجية.

          في الجيش الاسرائيلي تنفسوا الصعداء عندما فهموا أن اغلبية التوقعات هي أن وزير الدفاع موشيه يعلون سيبقى في منصبه. يعلون يعتبر في الجيش رجل متزن وموضوعي في اتخاذ القرارات، وجندي لم يستخدم بتاتا بصورة مُستخفة حياة البشر من اجل خدمة الاهداف السياسية. كما أنه ينشر حوله جو عمل هاديء وعملي بدون أجندات خفية.

          الفهم السائد في جهاز الامن هو أن التحدي القادم سيكون المواجهة مع التسونامي السياسي الذي يُعده لنا الفلسطينيون. مواجهة عسكرية هي أمر لا يوجد أحد من جيراننا في هذه اللحظة معنيا به، ولكن التأكيد هو على "في هذه اللحظة". طاقم يعلون – آيزنكوت يمكن أن يجد نفسه يُدير حرب لا أحد من الاطراف يريدها ولكن من شأنها أن تندلع في السنة القادمة بدون صلة بتوزيع الحقائب في الحكومة القادمة.