خبر : مسموح لابو مازن أن يغير رأيه \ بقلم: ماتي شتاينبرغ \ هآرتس

الثلاثاء 31 مارس 2015 12:52 م / بتوقيت القدس +2GMT



اجتهد يوسي كوبرفاسر فوجد أن المفتاح للنهج الفلسطيني تجاه اسرائيل والنزاع معها يكمن في كتاب محمود عباس "الصهيونية – بداية ونهاية" الذي نشر قبل 38 سنة، ويمكن ان نجده اليوم في موقع رئيس السلطة الفلسطينية الشخصي. وهذا هو "الرمز الجيني" حسب مقاله ("السلام الوهمي لن ينجح"، "هآرتس"، 23/3). شيء لم يتغير منذ العام 1977.

غير أن الاطلاع على موقع عباس (ابو مازن) بالعربية، يبين صورة مختلفة. فالموقع يعرض حياته الشخصية والعامة، بما في ذلك التطورات في مواقفه منذ أن حدد موقفه السياسي. وهو لا يخفي التغييرات التي طرأت عليه في اثناء سنوات عمله. وفي هذا السياق يطرح الموقع صيغة الكترونية لـ 18 من كتبه ومقالاته منذ السبعينيات. ومثابة اعتراف بالتطورات على فكره السياسي. وبالفعل، في بداية الطرق تبنى عباس مواقف قاطعة تشبه "الميثاق الوطني الفلسطيني".

ولكن كوبرفاسر يقدم عرضا عابثا وكأن هذا هو الكتاب الوحيد في الموقع، ويتجاهل أن نصف الكتب التي كتبت منذ 1988، حين تبنت م.ت.ف مبدأ التقسيم الى دولتين، وقرار مجلس الامن 242 تركز على عدالة الطريق السياسي والسعي الى تسوية مع اسرائيل. وثلاثة منها على الاقل مكرسة للخلاف المباشر والشديد مع معارضي النهج السياسي بقيادة حماس.

ولا غرو أن كوبرفاسر يتجاهل ايضا ما قيل تحت عنوان "الموقف السياسي" في موقع ابو مازن. ويقوم هذا الموقف على اساس "مبادرة السلام العربية"، التي تعرض كـ "فرصة مناسبة لحل الدولتين وانهاء النزاع". كما كتب بان المبادرة هي "فرصة لاسرائيل لاقامة علاقات طبيعية ودبلوماسية مع 57 دولة عربية واسلامية". ويشير ابو مازن الى أن رفض اسرائيل قبول حل الدولتين "سيدفع السياسة الاسرائيلية باتجاه حل الدولة الواحدة. ولكن هذا الحل لا يشكل خيارا من ناحية الفلسطينيين، لانه يقود الى نظام الفصل العنصري وينطوي على استمرار النزاع الدموي لعشرات السنين".

ويشدد ابو مازن في كتاباته على أنه يرفض التوجه الى العنف، خلافا للمقاومة الشعبية بالوسائل السلمية. وبالنسبة لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، يشير ابو مازن في الموقع الى ان المبادرة العربية تعطي اسرائيل "فرصة تاريخية" لتحقيق حل عادل ومتفق عليه معناه، على حد قوله، أنه "لن تكون حلول مفروضة على أي من الطرفين". وبالنسبة لمسألة اللاجئين يذكر بان "المحادثات حتى الان بيننا وبين الاسرائيليين اثبتت أنه توجد أفكار عملية لحل المشكلة اذا كانت نية حقيقية للوصول الى حل الدولتين وانهاء النزاع".

وهو يدعو الى تجميد المستوطنات، ولكنه لا يطالب باخلائها التام في اطار الاتفاق، بل يشير الى انه يجب تسوية المشكلة بشكل لا يمس بسيادة الدولة الفلسطينية. وبالنسبة لمسألة التحريض: يعجب ابو مازن من ان اسرائيل ترفض بثبات اعادة تشكيل اللجنة الثلاثية (الفلسطينية، الاسرائيلية، الامريكية)، التي تعالج كبح جماح التحريض.

ان البديل الذي يقترحه كوبرفاسر في مقاله للتسوية مع الفلسطينيين، يعاني من تناقض جوهري. فهو يدعو الى "التعامل بين اسرائيل والجهات البراغماتية في المنطقة، مما لا يلزم بالخضوع لمطالب مبادرة السلام العربية". ولكن ما العمل اذا كانت هذه "الجهات البراغماتية"، كالسعودية، مصر والاردن، هي التي تقود المبادرة العربية. وفضلا عن ذلك – وهؤلاء ينالون على لسانه لقب "البراغماتيين" رغم انهم لا يستجيبون للشرط الاساس الذي طرحه، أي، لم يعترفوا باسرائيل كدولة يهودية. ويطرح السؤال هنا لماذا يطالب الفلسطينيين بشدة بما لا يطلبه من الدول التي مستعد هو للتعاون معها؟

يمكن لكوبرفاسر أن يتعلم من سابقة معاهدة السلام الاسرائيلية – المصرية (والتي تعد "المبادرة العربية" توسيعا لها الى الساحة الفلسطينية)، التي وقعت بين مناحيم بيغن وانور السادات. فقد عبر السادات في الخمسينيات عن مواقف لاسامية واضحة. اثنى على هتلر وفي العام 1955 القى خطابا مليئا باللازمات المناهضة لليهود من القرآن في مسجد الازهر.

كل هذا لم يمنع حكومة اسرائيل برئاسة مناحيم بيغن الذي كان مخلصا لقواعد القانون الدولي، من ان تقيم سلاما مع مصر دون أن تطرح شرطا مسبقا للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية. وكانت الفرضية الاساس هي أن استعداد السادات لمعاهدة سلام مع اسرائيل تكفي لالقاء مواقفه في الماضي السحيق الى سلة مهملات التاريخ.