ردود فعل إدارة اوباما على نتائج الانتخابات خطيرة ومقلقة. يحتمل الا يكون ممكنا بعد اليوم ترميم علاقات اوباما – نتنياهو، ولكن يحتمل ايضا ان تقلص خطوات من الجانبين الضرر بعلاقات الدولتين.
عقاب وانتقام من جانب اوباما، وكفاح مضاد من جانب نتنياهو، ليست بديلا عن السياسة. ففي اثناء حملة الانتخابات قال اوباما انه سيعمل مع كل رئيس وزراء ينتخب في اسرائيل. وهذا هو الوقت لاختباره، وكذا لتنفيذ خطوات تخلق على الاقل علاقات عمل معقولة حتى انتهاء ولايته الثانية والاخيرة في البيت الابيض في كانون الثاني 2017.
فضلا عن المفاوضات الاشكالية مع ايران، فان علاقات الدولتين تقف امام اختبار قريب في المسألة الفلسطينية. لقد اخطأ نتنياهو في أنه تنكر لحل الدولتين. ولما كان اوباما لا يثق به، فقد رفضت تفسيراته بعد الانتخابات. ورد اوباما، في أن التنكر يستدعي سياسة بديلة منعا للفوضى في المنطقة، هو رد متطرف ومدحوض. فالفوضى في المنطقة موجودة دون أي صلة بالموضوع الفلسطيني. ولكن السياقات والاحداث التي يبادر اليها الفلسطينيون تستدعي اتخاذ موقف وعمل.
توشك فرنسا على ان ترفع الى مجلس الامن مشروع قرار يطالب اسرائيل بانسحاب الى خطوط 67 في غضون سنتين واعتراف بدولة فلسطينية. ويتعارض هذا المشروع مع الموقف الثابت للولايات المتحدة، والذي يعتقد بان الحل يجب أن يتحقق فقط وحصريا في المفاوضات، وهو مغلوط لانه يعفي الفلسطينيين من التنازلات. ووحده الفيتو الامريكي يمكنه أن يمنع اتخاذ قرار كهذا، ولكن اوباما يلمح بانه لن يستخدمه. مثل هذه الخطوة ستحطم القواعد في العلاقات الامريكية – الاسرائيلية بل وستلمح للاتحاد الاوروبي بتطبيق خطتها لممارسة الضغوط التجارية والاقتصادية على اسرائيل.
ابتداء من الاول من نيسان سيكون من حق الفلسطينيين ان يرفعوا الشكاوى على جرائم الحرب الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. هنا ايضا موقف الولايات المتحدة حرج في منع أو تقليص الاضرار. وتحتاج اسرائيل الى تأييد الامريكيين في حالة التصعيد العسكري ايضا، سواء في الضفة الغربية أم في غزة.
ان قرارات التعيين في إطار الحكومة الجديدة كفيلة بان تؤشر الى محاولة لتخفيض حدة التوتر. ينبغي لنتنياهو أن يعين وزير خارجية لم يتورط في الماضي في انتقاد حاد وشخصي للسياسة الامريكية، ويمكنه ان يرمم العلاقات والاتصالات مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري. عليه ايضا أن يستبدل السفير الاسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، الذي احترق في اثناء اعداد الخطاب في الكونغرس. فالسفير في واشنطن حيوي لترميم العلاقات مع البيت الابيض، الديمقراطيين في الكونغرس والجالية اليهودية.
ثمة عدة متنافسين على منصب وزير الخارجية. بينيت وليبرمان ليسا مناسبين للمصالحة مع اوباما. يوفال شتاينتس، الذي انشغل في الاستخبارات والتنسيق الاستراتيجي بين الدولتين، تولى رئاسة لجنة الخارجية والامن وعلى علاقات طيبة بالولايات المتحدة وباوروبا، هو المرشح الافضل. كما ان جلعاد أردان وسلفان شالوم مرشحان جيدان. لمنصب السفير في واشنطن يمكن تعيين دبلوماسي كبير فائق مثل رون بروشاور، السفير الحالي في الامم المتحدة.
بعد اقامة الحكومة، على اوباما أن يدعو نتنياهو الى لقاء عمل جدي في البيت الابيض. لم يرغب اوباما في لقاء نتنياهو حين وصل الى واشنطن كي يخطب في الكونغرس، بدعوى ان مثل هذا اللقاء من شأنه ان يفسر كتدخل في حملة الانتخابات في البلاد. لقد انتهت الانتخابات ولا مانع من لقاء موضوعي. الزعيمان ملزمان بالتغلب على الرواسب السامة وهذا سيكون صعبا احتماله بالنسبة لهما. ولكن التحديات والمصالح المشتركة حرجة وعاجلة ومحظور السماح للعداء الشخصي والشديد ان يتغلب عليها.


