خبر : الوهم الامريكي حول بشار \ بقلم: البروفيسور إيال زيسر \ اسرائيل اليوم

الإثنين 23 مارس 2015 02:32 م / بتوقيت القدس +2GMT



          في هذه الايام تكون قد مرت اربع سنوات على اندلاع الثورة في سوريا والحرب الاهلية الدموية هناك. لكن القليل من السوريين فقط تفرغوا لاحياء هذه الذكرى. الثورة التي أثارت آمالا كبيرة بالتغيير اختطفت منذ فترة من قبل مجموعات اسلامية راديكالية من جانب ومن قبل مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الايراني من الجانب الآخر وتحولت الى حرب أهلية وجهاد حصدت حتى اليوم حياة ما يقرب من 300 ألف سوري، تقريبا نصف سكان الدولة التي عدد سكانها 10 ملايين تقريبا، فقدوا منازلهم في المعارك ونحو 4 ملايين منهم هربوا الى الدول المجاورة.

          هذه المأساة لم يتسبب بها تنظيم الدولة الاسلامية داعش ولا تنظيمات جهادية اخرى تعمل في سوريا بل تسبب بها نظام بشار الاسد الذي يدير فعليا حرب ابادة شاملة ضد معارضيه وضد السكان المدنيين الذين يدعمونهم. في هذا الاطار استخدم بشار الاسلحة الكيميائية ضد مواطنيه، وبعد ضبطه متلبسا، يكتفي اليوم بالقاء قنابل البنزين والكلور واستخدام الصواريخ المتطورة والمدفعية الخفيفة. واضافة الى هذا يتبع سياسة التجويع الممنهجة الموجهة ضد مدن وقرى معروفة بتأييدها للمتمردين.

          يبدو أن حسابات بشار قد نجحت، فاضافة الزيت على النار واشعال حريق كبير أدت بالفعل الى تفكك الدولة السورية والى تدمير ثلاثة ارباع البنية التحتية الاقتصادية تقريبا – الطرق، الكهرباء والمياه، مؤسسات التعليم والصحة، مصانع وغيرها؛ في نفس الوقت استطاع بهذه الطريقة تصفية نفس المعسكر المعتدل الذي كل ما طالب به هو التغيير والاصلاح، وبهذا فتح الطريق لزيادة قوة الجهاديين الذين يقودون اليوم الحرب ضد بشار ويسيطرون تماما على معسكر المتمردين.

          يمكن أن نضيف الى ضعف المتمردين وفشلهم في محاولة توحيد الصفوف وتصعيد قيادة عسكرية وسياسية فعالة تستطيع أن تقود الثورة وتشكل ثقلا ضد تنظيم الدولة الاسلامية وضد مؤيدي القاعدة في سوريا، يمكن أن نضيف غياب الدعم الحقيقي من الخارج. بخلاف بشار الذي يحظى حتى اليوم بالدعم الروسي وبصورة أساسية دعم ايران وحزب الله، ليس هناك دعم كبير للمتمردين من الخارج باستثناء دعم دولتي قطر وتركيا، اللتان تريدان تعزيز قوة وتأثير الاسلاميين الذين يدعمونهم داخل سوريا أكثر من رغبتهما في انتصار الثورة.

          على أنقاض الدولة السورية نبتت دولة داعش في الشرق، وحكم ذاتي كردي في الشمال، وجيوب للمتمردين الاسلاميين في المركز والجنوب وأخيرا دولة بشار التي تمتد من دمشق الى حلب مرورا بالساحل السوري الذي تعيش فيه طائفة بشار العلوية.

          على هذه الخلفية أعلن رئيس الـ "سي.آي.ايه" جون بيرنر في محاضرة ألقاها قبل اسبوع، أن اسقاط بشار الاسد سيفتح الباب أمام منظمات ارهابية متطرفة، مثل داعش والقاعدة، للوصول الى الحكم في دمشق. ويجب عمل كل ما في الامكان من اجل ألا يحدث ذلك. وبعده أكد كيري، وزير الخارجية الامريكي، هذه الرؤيا عندما أعلن أن واشنطن لا تستبعد التفاوض مع الاسد، ويُفهم من ذلك بقاءه في السلطة في دمشق.

          كذلك الامر في العراق، حيث انضمت واشنطن فعليا لايران من اجل وقف داعش ايضا بثمن تعزيز موقف طهران في العراق. في ادارة اوباما هناك من يتسلى بفكرة أنه ايضا في سوريا سيكون بالامكان الاستعانة بايران، وهذا يعني حزب الله، لتأمين بشار كحاجز أمام امتداد داعش.

          الحرب في سوريا من شأنها الاستمرار لفترة زمنية طويلة، لأنه ليس لدى أحد من الاطراف المتقاتلة القدرة والقوة على اخضاع خصمه. لكن نفس تلك الاوساط في واشنطن الذين يعتقدون أن مساعدة بشار والتعاون – لو تكتيكيا – مع ايران ستمنح الولايات المتحدة اعترافا بالجميل وايجاد اصدقاء جدد في المنطقة، عليهم الأخذ بالحسبان أن انتصار بشار والايرانيين وحزب الله سيعزز المحور المضاد لامريكا ولاسرائيل في المنطقة ويشجع اعضاءه على العودة الى المسار الذي ساروا فيه قبل الثورة، مسار المناوءة والمعارضة للولايات المتحدة واسرائيل. في نهاية المطاف، بشار ليس جزءً من الحل لكنه أساس المشكلة في سوريا.