السنة الرابعة من الحرب الاهلية في سوريا تميزت بالشلل المتبادل. رغم أن القتل في الحرب استمر ومستوى الكارثة الانسانية ازداد، فلم تبدأ تطورات من شأنها أن تغير مجرى المعركة. التعاظم المخيف والقاتل لتنظيم الدولة الاسلامية داعش الذي تحول خلال اشهر من كيان مجهول تقريبا الى مفهوم دارج على كل لسان، لم يؤدِ الى حسم الصراع الدموي. ربما أن تنظيم الدولة الاسلامية يعاني حاليا من نجاح زائد. حيث أن سيطرته السريعة على مناطق في شرق سوريا وفي الأساس حملة العلاقات العامة المخيفة له، أدت للمرة الاولى الى تدخل جدي للغرب في سوريا.
الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة منذ الصيف الماضي في سوريا والعراق لم يُزح قليلا التنظيم الجهادي، بل عزز سيطرة الاسد على المناطق التي تحت سيطرته. الخطر الآني لسقوط النظام انقضى (إلا اذا قتل الرئيس نفسه)، وتغيير الطاغية أصبح لا يشكل حاجة ملحة للغرب، بعد أن اتضح أن خصومه ليسوا أقل وحشية منه وحتى أنهم يميلون الى التفاخر بوحشيتهم.
من وجهة نظر اسرائيل يبدو أن التطورات في الاشهر الاخيرة أقل سوءً من بضعة خيارات غير مريحة. رغم أن اسرائيل لم تعترف في أي وقت بذلك، فان استمرار القتال بين المعسكرات المتقاتلة في سوريا يخدمها. الجيش السوري، الذي كان قبل بضع سنوات العدو الاكثر اقلاقا للجيش الاسرائيلي، ضعف كثيرا بسبب الحرب. وفي المقابل، فان سيطرة السنيين المتطرفين على كل سوريا أمر غير مرغوب فيه بالنسبة لاسرائيل لأنهم أعداء يصعب التنبؤ بنشاطاتهم ويصعب ردعهم. استمرار القتال بين معسكرين عدوين لاسرائيل مفضل بالنسبة اليها. هذه اقوال لا انتقادها، لهذا يقلل زعماء اسرائيل تطرقهم لما يحدث في سوريا ويكتفون بدفع ضريبة كلامية تتمثل بالاعتراف بمعاناة المواطنين السوريين.
بعد جولة من الضربات التي بدأت في 18 كانون الثاني – التصفية التي نسبت الى اسرائيل في الجولان السوري وقتل فيها جنرال ايراني و6 من حزب الله، وهجوم حزب الله ردا على ذلك الذي قتل فيه جنديان اسرائيليان – عاد ليسود الهدوء المتوتر على طول الحدود في هضبة الجولان. الطرفان كما يبدو معنيان بمنع خروج الامور عن السيطرة.
في نفس الوقت واضح أن حزب الله مصمم على تثبيت واقع جديد على طول الحدود السورية واللبنانية، التي يرى فيها جبهة مع اسرائيل. بالنسبة لسادته الايرانيين هناك مصلحة واضحة، في الاشهر الاخيرة خلقت ايران لنفسها حدود مشتركة مع اسرائيل. إن وجود قادة الحرس الثوري في هضبة الجولان السورية وعلى حدود لبنان، هو حقيقة واقعة. اذا كان توجه ايران نحو اتفاق بعيد المدى مع الدول العظمى حول البرنامج النووي فان طهران في المقابل وجدت طريقا لردع اسرائيل من قريب. هذا ملعب سهل من ناحية ايران، ففيه لا تخاطر بدفع ثمن مباشر. في الجانب السوري يبدو أن الهجوم العسكري الكبير الذي أعلنه النظام في جنوب الدولة في منطقة درعا، يتقدم ببطء. آلاف من رجال حزب الله والمستشارين الايرانيين لم يضعوا في جهودهم زخما كافيا يؤدي الى انهيار المتمردين. اثناء ذلك يدور صراع على نار هادئة أكثر في هوامش المناطق التي سيطر عليها المتمردون السنيون بالقرب من الحدود الاسرائيلية في الجولان مع نظام الاسد، ايران وحزب الله قلقين من العلاقة الناشئة بين تنظيمات المتمردين وبين اسرائيل ويحاولان وصفها كتحالف اسرائيلي مع التنظيمات الاكثر تطرفا (جبهة النصرة المتماهية مع القاعدة).


