خبر : ميراث من الاتفاقات السيئة \ بقلم: ايال زيسر \ اسرائيل اليوم

الإثنين 09 مارس 2015 12:49 م / بتوقيت القدس +2GMT



الاتفاق الآخذ في التبلور بين واشنطن وايران في الموضوع النووي ينضم الى اتفاق سابق له وقعته الولايات المتحدة في صيف 2013 – الاتفاق على ازالة الاسلحة الكيميائية في سوريا. الادارة الامريكية وصفت الاتفاق كانجاز دراماتي وكنجاح، لكنه سيدخل كما يبدو التاريخ كاتفاق جلب هدوءً مصطنعا لاوباما لبضع سنوات وعالج ظواهر المرض، ولم يعالج المشكلة نفسها – استمرار نظام الحكم القاتل لبشار الاسد.

بين الاتفاقين يمر خط مستقيم، وهو امتناع الادارة الامريكية عن أخذ المسؤولية كما يتوجب دورها كقائدة للعالم الحر في معاقبة النظام الاستبدادي على افعال محظورة ضد أبناء شعبه وجيرانه، والمعالجة الجذرية للخطر الذي يعرض أمن المنطقة وربما العالم.

إن تعب واشنطن من معالجة مشاكل العالم يمكن فهمه. الولايات المتحدة مُتعبة من الحروب في افغانستان والعراق وغارقة في الانشغال بمشاكلها الداخلية. في واقع كهذا ربما يكون من الافضل الاعتراف بالحقيقة الصعبة وفي الاساس يفضل ترك المشكلة مكشوفة أمام الجميع بدلا من التوصل الى اتفاق وهمي، كي لا يُفاجأ أحد من أنه بعد بضع سنوات، وربما أقل، ستبرز المشكلة من جديد – سواء كانت تهديدا نوويا ايرانيا أو دموية النظام السوري – بصورة أكثر خطورة مما هي عليه اليوم.

إن استخدام السلاح الكيميائي ضد السكان المدنيين بالقرب من العاصمة من قبل الاسد قبل سنتين لم يكن للمرة الاولى. لكن العدد الكبير من القتلى، أكثر من 1200 وفي الاساس الدلائل من مسرح الاحداث لم تترك المجال للشك حول ما جرى في الحقيقة، لم يترك أي خيار أمام الادارة الامريكية سوى الرد.

يمكن الافتراض أن الرئيس اوباما لم يرغب في الانجرار الى عملية في سوريا، لكن قبل بضعة اشهر من ذلك حذر بشار الاسد من أن استخدام السلاح الكيميائي يشكل بالنسبة للولايات المتحدة اجتيازا للخط الاحمر. لقد أمل أن يفهم الاسد الرسالة، لكن الاسد هو نفس الاسد، واعتقد أن اوباما يناور. هنا اضطر اوباما الى أن يدرس ردا ليس بالتحديد من اجل خلاص الشعب السوري بل للحفاظ على سمعته وهيبته في العالم.

لقد تم استدعاء الروس لمساعدة اوباما والاسد، حيث طُبخت صفقة في اطارها تعهدت سوريا بالتجرد من السلاح الكيميائي لديها وفي النهاية تراجعت واشنطن عن نيتها معاقبة بشار الاسد على المذبحة التي نفذها ضد أبناء شعبه. الاتفاق الكيميائي بين اوباما والاسد وصف كانجاز دراماتي وتاريخي، لكن كان من السهل على الكثيرين تجاهل سلبياته: أولا، أعطى الحماية لبشار الاسد أمام أي خطوات دولية أو امريكية ضده طالما هو ملتزم بالاتفاق الذي تم التوصل اليه، وبهذا أعطى للرئيس السوري الضوء الاخضر، ولو بصورة غير مباشرة، للاستمرار في استخدام كل أنواع الاسلحة في حوزته باستثناء السلاح الكيميائي ضد المتمردين.

الاتفاق أرسل رسالة للشعب السوري بأن أحدا لن يهب لمساعدة الثورة السورية، وبهذا أعطى الدعم، غير المقصود، لبشار في حربه ضد المتمردين. من الواضح أنه اذا اجتاز بشار الحرب في سوريا فان الامر الاول الذي سيكون هو العودة الى تطوير السلاح الكيميائي، وربما النووي، كما حاول القيام بذلك في السابق.

الاتفاق الآخذ في التبلور مع ايران لا يختلف كثيرا عن الاتفاق الذي تم احرازه في حينه مع الاسد. فهو يعطي للنظام الايراني الحصانة أمام الهجوم ويرسل رسالة اشكالية لجارات ايران وايضا لاسرائيل بأنه ليس عليها الاعتماد على المجتمع الدولي ازاء العدوان الايراني مستقبلا. اضافة الى ذلك فهو يعفي ايران من العقاب على خرق الاتفاقات والالتزامات الدولية السابقة بشأن تطوير البرنامج النووي. وفوق كل ذلك هو لا يحل المشكلة النووية من الاساس لكنه فقط يؤجلها لبضع سنوات.