خبر : تحليل: اسرائيل غير منتظرة ليهود فرنسا \ بقلم: ابيرما جولان \ هارتس

السبت 17 يناير 2015 12:35 م / بتوقيت القدس +2GMT



          ي.ب تابع يوم الاحد رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو وهو يغلي من الغضب "ماذا يظن نفسه"، قال في محادثة تلفونية مع اسرائيل. "أنه سيجيء ليقول لمواطني فرنسا اليهود بأن يحضروا الى اسرائيل من اجل التصويت لليكود. الفرنسية هي لغتي الأم. لقد ولدت هنا، أولادي ولدوا هنا،أحفادي ولدوا هنا، ما هذا؟ أليس عنده شرف؟".

ي.ب. وزوجته يسكنان في حي باريسي هادئ. هو يعمل منجداً محترفاً و صاحب منجدة في الحي السادس عشر الراقي. زوجته مديرة حسابات المحل. كلاهما ولد في فرنسا لوالدين هاجرا وهم أولاد مع والديهم من الجزائر ومن تونس، ولم يسمعوا في يوم من الأيام في البيت أي لغة سوى الفرنسية. كل شيء يربطهم بهذه البلاد بكل ذرة من أنفسهم. الكتب، أغاني المهد، ذكريات الطفولة من المدرسة، المعسكر الصيفي مع زملاء الدراسة وتدريبات التزلج السنوية في الشتاء، السوق، البيت، النكهات.

نعم، يوجد لهم أقارب في اسرائيل كما أنهم جاؤوا للزيارة هنا عدة مرات واستمتعوا بالشمس والبحر ولكن غلاء المعيشة صدّهم. لقد عاشوا كل حياتهم في شقة مستأجرة واسعة ولطيفة بحيث لا يوجد ما يحول دون أن يستطيعوا قضاء شيخوختهم فيها بهدوء. لو كانوا سيفحصون إمكانية الهجرة الى اسرائيل فإن توفيراتهم المتواضعة لم تكن لتمكنهم أن يشتروا حتى شقة من غرفة واحدة.

ولكن ي.ب. وزوجته لا يفحصون إمكانية كهذه، ومثلهم يوجد مئات آلاف اليهود. جزءٌ منهم وخاصة الأكثر علمانية من بينهم لا يواجهون اللاسامية في حياتهم اليومية. آخرون يدّعون بأن اللاسامية لم تبدأ بالأمس وهي لا تشكل سبباً لجمع الحقائب والهجرة. وبالتأكيد ليس لاسرائيل. إن العديدين أصيبوا بالذعر من الهجوم بالصواريخ في الصيف، وأكثر منهم، ومن بينهم أولئك الذين هاجر أبناء عائلاتهم (وجزء منهم لم يتم استيعابهم و رجعوا) ، يخافون جداً من ظروف الحياة في البلاد الآمنة.

          وفي الحقيقة، عمّ يتحدث نتينياهو عندما يعرض على اليهود أن يهاجروا بجموعهم؟ ماذا تستطيع اسرائيل أن تقدم لمواطن الجمهورية الديموقراطية هذه، الذي تربى ويربي أبناءه في دولة الرفاهية الشاملة السخية، المتنوعة والغنية؟ يحظى مواطنوا فرنسا بتعليم عام مجاني وذلك يشمل يوم تعليم طويل وتغدية كاملة من عمر 3 أشهر و حتى نهاية الجامعة وخدمات صحية وخجمات اجتماعية مجانية (بما فيها العناية بالمسنين في بيوتهم)، مواصلات عامة ناجعة و مدعومة، اسكان جماهيري يتحسن باستمرار (بما في ذلك اسكان يمكن الحصول عليه والذي تسارع جداً أخيراً) ، مخصصات أولاد عالية و برامج تقاعد سخية. ذلك بدون أن نذكر حتى الميزانية الحكومية والبلدية الضخمة المستثمرة في الثقافة بما في ذلك الأدب والصحف.

في السنوات الأخيرة يدور في فرنسا جدال مستعر حول الطريقة وحول الضرائب العالية نسبياً التي تمولها. اليمين المحافظ يربط ما بين دولة الرفاهية الشاملة و بين تعاظم الهجرة، في حين أن اليسار الاشتراكي يدعي أن دولة الرفاهية تتآكل وأن الحكومة لا تستثمر ما يكفي في الضعفاء. كلاهما يتهم الحكومة بالتغاضي عن الأزمة الاجتماعية الآخذه في الاشتداد، وحالياً تتفاقم البطالة، واقتصاد فرنسا يتخلف كثيراً عن جاراتها.

ولكن أناساً مثل ي.ب. وعائلته لا يتضررون من هذا التراجع للأسوأ. جميعهم يشتغلون ومنظمون في نقابات قوية، ويشعرون بالاستقرار في الجمهورية الاخذة بالانفتاح ،-ولو ان الامر يتم بسخط شديد -على التغيير الثقافي العميق. "أخيراً" يقول ي.ب:"نحن أيضاً أبناء مهاجرين ويوجد لنا الكثير من القواسم المشتركة مع الجيران العرب: التراث، الموسيقى، العلاقة بالعائلة". بالضبط في اسرائيل سمع من أقاربه المهاجرين منذ سنوات الستينيات، في أشدود، أن مكانة المهاجرين من شمال أفريقيا غير مشجعة، واحتمالية الاندماج في العمل معدومة ووضع المسنين مخيف بالفعل. عن الحروب والعمليات فإنه لا يتحدث. "أنا لا اعتقد أن اسرائيل تقف في انتظاري" قال. "يمكن لنتنياهو أن يتنازل عني".