الكتاب الذي ارسله مجموعة من الضباط الى رئيس الاركان يطلبون من خلاله التدخل لمنع النياسة العسكرية من الايعاز للشرطة العسكرية البدء بالتحقيق مع ضباط وجنود حول سلوكهم في عملية الجرف الصامد، هو امر مقلق.
يدعي الضباط في الرسالة انه، انه ليس من المنطق ارسال الجنود الى الحرب، ليعرضوا حياتهم للخطر وفيما بعد التحقيق معهم حول تصرفاتهم ولربما تقديمهم للمحاكمة. ومع كل التعاطف مع المقاتلين، يبدو انهم لا يفهمون طريقة الحكم في اسرائيل والواجبات الملقاه عليهم في مهامهم العسكرية.
ان احد اهم الامور في الحفاظ على النظام الديمقراطي في اسرائيل هو احترام القانون، والحفاظ عليه. والجيش ملزم بالعمل وفقاً للقانون. قانون دولة اسرائيل وقوانين الحرب في القانون الدولي. وميثاق جنيف على سبيل المثال تجنب استهداف المدنيين.
وفي اجواء حرب غير مثماثلة بين دولة ومنظمات ارهابية كتلك التي تميز الصراع المسلح بين اسرائيل وحماس ومنظمات الارهاب الاخرى في قطاع غزة، فان اسرائيل هي الطرف الوحيد الملزم بالامتثال لقوانين الحرب، فالطرف الثاني غير ملتزم بهذه القوانين، بل العكس هو الصحيح فهو يستغلها ضد اسرائيل. في عملية الجرف الصامد استخدمت منظمات الارهاب المدنيين كدرع واقي له او اطلقوا النار من تجمعات سكانية محمية مثل المدارس والمستشفيات والمساجد .
ان خرق فطيع كهذا لقوانين الحرب يضع امام جنودنا تحدي ليس بسيط، وهو كيف يدافعون عن انفسهم بشكل لا يعرض المواطنين المدنيين للخطر في تلك الاماكن. انني على ثقة ان قادة الجيش قد استعدوا لمواجهة مثل هذه التطورات في الحرب، وانهم عندما اعدوا الخطط استعانوا بالخبراء من النيابة العسكرية. ومع ذلك فان القرار النهائي حول كيفية ادارة المعارك هو شان القادة في الميدان.
ان فرضية العمل لدينا هي ان القادة يعرفون ما هي قوانين الحرب ويعرفون ما هو مسموح وما هو ممنوع ويعرفون ان الدولة تتوقع منهم ان يحرصوا على عدم ارتكاب جرائم حرب. وقد قرر الجيش متابعة وتوثيق مجريات العملية وتم تعين طاقم برئاسة الميجر جنرال نوعم تيبون من رئاسة الاركان لفحص مجريات الحرب واداء القادة والجنود. وان توثيق مجريات الحرب اعد لاستخلاص العبر في المجال التنفيذي ولهذا الطاقم ايضاً صلاحية التحقيق في الاحداث الشاذه التي تحدث.
مثل هذه الحالات يتم التحقيق بها ليس لغرض تنفيذي بل للفحص ما اذا كان خروج عن المسموح به حسب قوانين دولة اسرائيل والقانون الانساني الدولي. لا شك ان التصرفات التي تنطوي على خروقات كبيرة لقوانين الحرب جديرة بالتحقيق بها وعند اللزوم تقديم مرتكبيها للقضاء.
ان الادعاء الذي يطرحه الضباط، هي انه محظور على الدولة فحص سلوك الضباط والجنود في عملية عسكرية، وهذا ادعاء مضلل وغير معقول. وان جزء كبير من 13 حالة تحقيق لشرطة العسكرية التي امر بفتحها النائب العسكري الرئيسي، تتعلق باشتباه باعمال سلب ونهب قام بها الجنود. وان الضباط الذين وقعوا على الكتاب يرفضون ايضاً التحقيق في اعمال جنائية مثل السلب والنهب، فقط بسبب انها نفذت من قبل جنود شاركوا في عملية عسكرية.
منذ الانتفاضة الاولى، يتكرر الادعاء بان المقاتلين بحاجة الى مرافقة متواصلة من قبل شخص قانوني. وهذا ادعاء غير حقيقي. فلا حاجة لوجود شخص قانون من اجل فحص ما هو ممنوع في العمل الجنائي. فان الاضرار بالمدنيين هو امر منوع حسب جميع المعايير الاخلاقية. ولا داعي لوجود قانوني لفهم ذلك. صحيح ليس بالامكان دائاً منع المس بالمدنيين، لكن مثل هذا الاضرار يجب ان يستند الى مبررات صحيحة مثل الدفاع عن النفس، ومن هذه الاضرار يجب ان يكون اضطراري وفوري.
ان قوة جيش الدفاع الاسرائيل والفرق بينه وبين جيوش اخرى في الشرق الاوسط تكمن ليس فقط في قوة النيران بل ايضاً في القوة الاخلاقية لقادته وجنوده. وروح الجيش وطهارة السلاح. كانت دائماً مميزات يعرف بها جيش الدفاع الاسرائيلي .
وكما هو معلوم، فان الكفاح المسلح ضد المخربين معقد جداً ومركب اكثر من الحرب ضد الجيوش النظامية، والرد على ذلك لا يكون بالتحلل من جميع قوانين الحرب بل بالتشبث بها. وعلى النيابة العسكرية ان ترشد قادة الجيش ومقاتليه فيما يتعلق بالمسموح والممنوع حسب قوانين القتال ضد المخربين واذا توفرت الخشية من ارتكاب جرائم حرب فيجب عدم تجاهلها بل التحقيق بها.
لقد تم تكليف النائب العسكري العام لتطبيق القانون العسكري في الجيش، وفي هذا المجال فانه غير مرتبط باي انسان وله صلاحية التقرير بنفسه. واني افترض ان النائب العسكري يتشاور مع قادة الجيش في كل ما يتعلق بالشبهات الجنائية ولكن القرار النهائي في فتح التحقيق هو له، ويجب عدم ممارسة الضغوط عليه لثنيه عن فتج التحقيق اذا لزم الامر.
واذا لم يتم التحقيق في الشبهات بخرق قوانين الحرب كما يجب، توجد مخاوف ان تقوم المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتولي التحقيق في هذه الامور، وله صلاحية القيام بذلك. ولذلك من المفضل ان تقوم اسرائيل بالتحقيق بنفسها بهذه الشبهات وليس محكمة الجنايات الدولية.
انني على ثقة، ان النائب العسكري الرئيسي ورجاله، يقومون بمهامهم بشكل مخلص وامين، ويجب عليهم ان يفحصوا بحذر كل شبهة بوجود مخالفة وفي الحالاات التي توجد به ادلة كافية لاثبات هذه الشبهات ان يامر بفتح تحقيق.


