خبر : انا رجل الامس\بقلم: عوزي برعم\هآرتس

الإثنين 12 يناير 2015 02:00 م / بتوقيت القدس +2GMT



          لا شي ء يغمرني بالسعادة اكثر من اعتبار نفسي رجل الغد، فالغذ هو تجسد الحلم والتنبؤات،  وتجسد الافكار التي نضجت في الراس على مدى السنين وبها الكثير من الصدق والسحر والصحة. ولذلك فاني اقبل بغضب  اعتباري رجل الامس.

تصعد في ذاكرتي صوري وانا اتجادل من على منصات الشباب الناضجين مع رجال الغد في حينه.  في جميع المجادلات مع رجل هشومير هتسعير، نحن اليساريين كنا قلة قليلة. وكانوا هم يتحدثون عن عالم الغد. من منا لم يتفاعل مع مقولات مثل "العدالة للجميع"  و"القضاء على الطبقات" و"سيطرة الشعب على موارد الدولة"، والتصدي للاديان  كان ايضاً يضيف نوع من السحر للاشتراكية الثورية التي كنا نؤمن بها. وكنا ندافع بقوة عن القيم التي آمنا بها. الاشتراكية الديمقراطية في موازاة الصهيونية العملية.  كنا  رجال الامس  ولكن كنا اقوياء في الشارع ، ولكن كانت تنقصنا الشعارات الحاسمة، تشبثنا باقوال  برل كتسنلسون.

واليوم فان رجال الغد  هم اقلة وعديمي التاثير. ولكنهم يعيشون نشوة الرؤيا بعيدة المدى  وينتقدوننا ويتهموننا باننا لا نستطيع المس بالاشياء المتفق عليها.  وكرجل الامس فاني اؤمن ببعض القيم التي ازيحت جانباً، مثل الصهيونية.  نعم اضحكت رجل الغذ بذكري لمفهوم  يتماثل مع ما يطرحه موشيه فيغلين، ونفتالي بينت  وزئيف الكين، ولكن  وحسب اعتقاد  رجال الغد  فان الصهيونية هي حركة استعباد شعب اخر  وليس اكثر. ومن وجهة نظري ان الصهيونية لم تنتهي من العالم، وحيث ان يهود فرنسا لا زالوا يعيشون في ضائقة ، فهم يتوجهون الى الدولة اليهودية التي وجدت بعد النبوءة الصهيونية. الصهيونية التي اؤمن بها هي الايمان ببناء مجتمع  العدالة والمساواة  الساعي الى قيام دولة فلسطينية الى جانبه.

ويدعي  رجل الغد بجرأة  ان الربط بين  اليهودية والديمقراطية ليست في اطار الممكن. ولربما يثبت المستقبل  انه صادق. ومن بين اولئك الذين يقدسون اسم "الدولة اليهودية" يوجد الكثير ممن ضاقوا ذرعاً بالديمقراطية. وهؤلاء يجب النضال ضدهم. وبدل ان يتم النضال ضد هؤلاء من قبل رجال الامس ورجال الغد، يقوم رجال الغد بالهرب من هذا النضال ويضعون انذار مرعب: اما دولة جميع مواطنيها، او فييغلين! اذا كانت هذه هي الخيارات، فلا بد من تحضير جوازات السفر والاستعداد للرحيل، لانه من الواضح ان فييغلين وصحبه سينتصرون في هذه الخيارات.

 ويجب القول للحالمين بدولة جميع مواطنيها، ان هذه الفكرة الرومانسية قد انتهى زمنها. اننا نعلم ان العالم العربي في حالة اضطراب. وهناك ايضاً من يحول الخيار الديني الى خنق  التطلعات القومية او السياسية.  فلماذا يدعي رجال الغد انهم واثقون الى هذا الحد بحسن نوايا شركاؤهم في الوطن.

وكرجل الامس فاني اشعر كمن وضع حالة كبح، حيث اني  لا ابيع بضاعة مثالية وجذابة، ولكني كرجل الامس فاني اسعى الى منع تحقق ما هو اسوأ – حكومة يمينية دينية متطرفة حبلى بالكوارث لدولة وللمجتمع. وكرجل الامس فاني لست واثق باني سانجح في ذلك. ولكن على الاقل  ادعو الى خلق  خيار واسع مع وجهة نظر جماهيرية داعمة التي هي شرط لكل نضال.

لم اسقط عن الكرسي عند  سماعي بان زميلي ابراهام بورغ انضم لحزب حداش. فبامكان رجل مثل بورغ ان يدعي انه يسعى الى دعم حزب اسرائيلي يهودي عربي  وهذا منطقي في نظري، على الرغم من اختياري كرجل الامس مختلف عن ذلك. انني اعارض ادعاء رجال الغد  الذين يعتقدون ان بديلهم هو الوحيد الممكن من اجل التسوية العادلة  والثابتة في منطقة مشبعة بالكراهية  والاراء المسبقة.

لا اشك انني اشعر بالاحباط  العميق من كل ما بالامكان دعوته برجل الغد، ولكن ما العمل، ما دام الامس هو الذي يكشف وجه المستقبل.