التحقيق الذي يجريه الجيش الاسرائيلي حول احداث "يوم الجمعة الاسود" –الاول من تموز 2014، يوم وقف إطلاق النار في "الجرف الصامد" – في ذروته. على الرغم من ذلك فقد امر النائب العام العسكري، اللواء داني عفروني، لمحققي الشرطة العسكرية ان يقوموا بالتحقيق بقتال قوات لواء جفعاتي في احداث ذلك اليوم في رفح. والسؤال هو: من اين للنائب العسكري العام، المسؤول عن التحقيقات من الناحية الجنائية فقط، جاءت المعلومات ان قوات جفعاتي قامت بإرتكاب مخالفات كهذه؟ الا اذا كان المصدر الوحيد لمعلوماته هو ما جاء في التحقيقات. وهل التحق هو ايضا بمسعى الملاحقة المستمرة في اعقاب لواء جفعاتي وقائدها العقيد عوفر فينتر؟
فكما هو معروف، فإنه بعد ساعة من وقف النار اقدم كمين لحماس على قتل خلية مراقبة تابعة للواء جفعاتي، وخطف جثة الملازم اول هدار جولدن. فلحق ثلاثة من جنود جفعاتي بالخاطفين الى داخل النفق الذي سحبوا الجثة بداخله. قوات كبيرة بما فيها سلاح الطيران، والدبابات، والمدفعية والقوات الخاصة، استدعوا لكي يعزلوا منطقة الخطف ولتخليص الجثة. هذا العمل، يصطلح عليه في الاعلام (ولكن ليس في الجيش) كـ "اجراء هانيبعل". وخلال القتال قتل، وفقا للرواية الفلسطينية 120 شخصا.
يوجد في صفوف الجيش معارضة شديدة للتحقيق. فتحقيقات القتال، يجريها ضباط وليس محققو الشرطة العسكرية. القيادة العليا تشارك في معارضة التحقيق، الا انها لا تجرؤ على ممارسة الصلاحيات لمنع اخذ الجنود الى غرف التحقيق. ضعف رئيس الاركان – وليس فقط بهذا الشأن – مقلق. كما ان شغف النائب العسكري العام : لماذا انجر هو في اعقاب رحلة الصلب ضد فينتر ويدير تحقيقا جنائيا قبل ان يستكمل تحقيق القيادة العليا؟ الذي اذا تم به التحقق من ان ضباط وجنود ارتكبوا مخالفات جنائية، فإن المعطيات تتحول، كما هو متبع، لمتابعته.
وعلى الرغم من ان حالات الاغتصاب واحداث الابتزاز كانت قليلة، في اعقاب "الجرف الصامد" تم التحقيق من قبل الشرطة العسكرية مع نحو 600 جندي. الذين تم التحقيق معهم، والذين عرضوا حياتهم للخطر لاجل المجموع، افادوا بأن التحقيق مهين ولا يعبر عن فهم حقيقي من قبل افراد الشرطة العسكرية للامتحانات الصعبة التي يمر بها الجنود في ميدان القتال. والان عادت الصورة لتكرر نفسها. وربما، بسبب الابتزاز الشعبوي للشرطة العسكرية بعد الاتفاق السياسي والاعلامي الذي صدر ضد جفعاتي، ولكن بقوة اكبر.
بإمكان عفروني ان يتصرف بوجه صارم، لانه لا يوجد حاليا في القيادة العليا قيادة صاحبة جرأه وصلاحية طبيعية. من يمر على هذه الاقوال مدعو لتحليل النتائج غير الكافية عن الاعمال القتالية وملحقاتها( مثل تصرفات النائب العسكري العام) منذ حرب لبنان الثانية. في اعقاب الجرف الصامد، كتب اللواء متقاعد عوزي ديان، انه خلال 36 عاما من خدمته في الجيش لم يسمح لمحققي الشرطة العسكرية بالتحقيق مع الجنود الذين شاركوا في اية عملية كانت تحت قيادته. "ويبرر" لو سمحت بذلك لا يمكنني ان انظر باعين مرؤوسي ولا ان استمر بقيادتهم".
في القتال من اجل تخليص غولدن تم ، كما ورد، استخدام قوات كبيرة، ذات صلاحيات عالية جدا – لقائد لواء جفعاتي بالتأكيد لم تكن هناك صلاحيات – قرروا على مشاركتهم (الصادقة والمبررة) في القتال. في مثل هذا القرار الطبيعي لدرجات كبيره من الضباط تمثلت تقاليد الجيش الاسرائيلي. لا يمكن استباحة جندي في ساحة القتال. النائب العسكري العام، حول هذا القتال القيمي الى حادث يتطلب تحقيقا جنائيا – وفقط ضد جفعاتي – مما بقوض احد الاسس القيمية الاساسية التي درستها اجيال من الجنود.


