خبر : بلا رب \ بقلم: دانييلا لندن ديكل \ يديعوت احرونوت

السبت 10 يناير 2015 06:04 م / بتوقيت القدس +2GMT




قوة الكاريكاتير السياسي توجد في الصورة البصرية. نحن لا نقرأ. نحن نرى. وللصورة البصرية تفوق. فهي مباشرة، سريعة، تجتاز حدود اللغة. والكاركاتير الجيد لو لكمة في البطن.
رسامو الكاريكاتير ساخرون، باستثناء أن بدلا من الكلمات يخلقون واقعا صوريا خياليا، يلعب فيه دور النجوم ابطال الساعة في جملة مظاهر عابثة. ويظهر ابطالنا فيه كالاسود، كالنعامات، كالكلاب الصغيرة وكالنسور. ليس مهما من هم الابطال وما هي اهميتهم، فهم يمكنهم أن يجدوا أنفسهم يلعبطون في البحر، معلقين بين السماء والارض، يقفون الواحد امام الاخر في ساحات الملاكمة وينشرون الى قسمين على ايدي ساحر. والقدرة على بناء مشهد ما، احيانا من خلال الاعتماد على عالم معروف من الخيالات – كلنا نفهم ما هي حلبة الملاكمة وما الذي تمثله النعامة- تكون هذه هي قوة الرسام العليا. بلا كلمات، او تقريبا بلا كلمات، يقدم لقراء الصحيفة رسالة يكون بوسعهم أن يحلوا لغزها بثانية. أما الموازي النصي للكاريكاتير فينتزع من القراء دقائق طويلة.
ان الرسالة الفورية تتطلب الفظاظة. فليس للكاريكاتير الوقت ليكون أديبا أو ليطرح معطيات من مكتب الاحصاء المركزي. يحتاج الى التقاط العين بثانية وينتزع من المشاهد ضحكة صحية. الكاريكاتير هو الجار المزعج والعدمي لافتتاحيات الصحف. وهو يضحك على المراتبية – حكم رئيس الاركان كحكم نينات – ومثل الفوضويين، فان الكاريكاتير "لا يقدم الاحترام". ودون فرق في الدين، العرق والجنس، يهاجم كل من تعثر حظه ليصبح موضوعا له.
رسام الكاريكاتير الجيد هو رسام الكاريكاتير الذي ليس له رب. وحتى عند الحديث عن الرب. ولا سيما عند الحديث عن الرب. لماذا؟ لان الرب هو موضوع مركزي في الساحة السياسية. ولتأثيره على ما يجري في العالم، لا يوجد مقدار أو قياس. فلا يحتمل أن يكون هو بالذات من يفلت من القلم الحاد للرسام. وابقاؤه خارج الخانة، او أن يرسم هناك بالذات خط حرية التعبير هو عدم فهم أي شيء في وسائط الاعلام. وهذا مدحوض تقريبا مثل الطلب من طال فريدمان ان يلتزم بالنص.
وبالفعل، ما الذي ينبغي أن يتميز به المشاهد كي يفهم وسائط الاعلام؟ المعلومات الحديثة بالتأكيد. ولكن ليس أقل اهمية من ذلك، بل وربما أكثر أهمية، ان يتحلى ايضا بالسخرية المعافاة. إذ بدون قدر من الاستعارة، لن يتمكن المشاهد من أن يتمتع بأي كاريكاتير. وهو سيفسر عالم الصور بشكل ملموس، عديم الابتسامة. والمبالغة أو الهزء سيخرجانه عن طوره، وفي كل لذعة سيرى تدهورا أخلاقيا أو خطرا وجوديا. وهنا بالضبط جذر المشكلة. فالتزمت الديني لا يسير مع الاستعارة. التزمت بشكل عام – والايديولوجي ايضا – عديم الشك، قلق دوما على السمعة الطيبة والملموسة جدا. ما تراه، هو الموجود. والمس بصورة النبي هو مس رهيب بقدس الاقداس. خطيئة لا مغفرة لها.
ان معظم الكاريكاتورات التي تعنى بالرب اكثر هشاشة، هذا واضح. وكحجم التابو (الحظر الديني)، هو حجب الغضب. ولكن بين مقال افتتاحي غاضب والقتل عديم التمييز فان المسافة هائلة. ان يغاظ المرء هو أمر على ما يرام، بل هو أمر مرغوب فيه. اما القتل المزدوج – للصحفيين وحرية التعبير – فهو قصة اخرى.
لو كنت مسلمة وغدا كان يتعين عليّ أن ارسم كاريكاتيرا، لكنت رسمت النبي محمد يبكي. ولكن لا، ليس عاريا. فأنا مع ذلك أريد أن أعيش.