خبر : يفيدون من انجاز الآخرين \ بقلم: يوسي ملمان \ معاريف

الخميس 08 يناير 2015 11:36 ص / بتوقيت القدس +2GMT



 

       على فرض أن وزارة الخارجية لم تكن مهملة في نشر بيان رسمي استنادا الى معلومات غير مصداقة، وأن نفي حماس كان متوقعا، فان طرد زعيم حماس من قطر هو الانجاز السياسي الاول لحرب غزة الثالثة. ولكن، مع كل الاحترام، اذا كان خالد مشعل تلقى بالفعل من حكام قطر "عرضا لا يمكن رفضه" وسينتقل من فيلته في الدوحة الى قصر "السلطان" التركي اردوغان، فهذا ليس انجازا اسرائيليا بل، أولا وقبل كل شيء، نتيجة لخطوات مصرية وامريكية. وذلك رغم أنه في بيان وزارة الخارجية في القدس سارعوا الى القول إن الوزير افيغدور ليبرمان ورجال وزارته، "عملوا لهذا الغرض بقنوات علنية وسرية".

 

          لقد مارست مصر والولايات المتحدة في الاشهر الماضية منذ "الجرف الصامد" ضغطا شديدا على قطر كي تطرد مشعل الذي يتواجد في الامارة مع بعض من معاونيه، منذ بداية الحرب الاهلية في سوريا قبل نحو اربع سنوات. اسرائيل، التي توثق تعاونها الامني – الاستخباري مع مصر جدا في السنة الاخيرة – حماس تعتبر عدو القاهرة بقدر لا يقل عنها كذلك في القدس – تفيد الآن من ثماره.

 

          تجري في الاسابيع الاخيرة مساعٍ من قطر للمصالحة مع مصر. فقد زار رئيس مخابراتها القاهرة والتقى بنظرائه. وفي المحادثات طلب المصريون من الدوحة، كشرط لكل مصالحة، أن تطرد من اراضيها نشطاء الاخوان المسلمين. وبالفعل، طُرد سبعة منهم. كما طالب المصريون قطر الحرص على أن تكون المساعدات المالية لحماس قيد المراقبة بحيث لا تستغل لاهداف الارهاب بل حصريا للمساعدات الانسانية للسكان الذين يتفاقم وضعهم من يوم الى يوم. كما أن طرد مشعل كان أحد الشروط الهامة التي طرحها المصريون على قطر.

 

          إن طرد الحماسيين ورجال الاخوان المسلمين هو ايضا نتيجة الرغبة القطرية للترقق قبيل استضافة المونديال وغيره من الاحداث الرياضية.

 

          مشعل هو الرحال الفلسطيني الجديد. في العقد الاخير طُرد من الاردن وانتقل الى سوريا، التي تركها الى قطر على خلفية الحرب الاهلية وهو الآن سيرحل على ما يبدو الى تركيا، التي ستستقبله بلا شك بأذرع مفتوحة. وفي تركيا توجد منذ الآن قيادة عسكرية هامة لحماس برئاسة صلاح العاروري، التي صدرت منها التعليمات للعمليات في الضفة وفي اسرائيل، بما في ذلك قتل تلاميذ المدرسة الدينية الثلاثة في غوش عصيون وتنظيم الخلايا في الضفة التي كانت غايتها الاستعداد لاسقاط حكم السلطة الفلسطينية أو استبداله. وكان جهاز المخابرات الاسرائيلي هو الذي أحبط هذه المساعي.

 

          حتى لو لم يكن مشعل قد طُرد منذ الآن من قطر، فلا شك أن هذا سيحصل في المستقبل غير البعيد. فقد فهمت قطر منذ الآن بأنه لا يمكنه أن يكون مرعيا لديها. ونتائج مثل هذه الخطوة بعيدة الأثر. فأهمية قيادة حماس في غزة، ولا سيما الذراع العسكري الذي ليس راضيا منذ الآن عن قيادة مشعل السياسية، ستزداد. كما أن حماس ستعمق مساعيها للمصالحة مع ايران، رغم رواسب الماضي.

 

          رغم أن اسرائيل هي المستفيدة الاساس من الخطوة القطرية والضغط المصري، خير كانت تفعل الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو لو أنها حاولت، رغم كل شيء، استخدام انجاز الحرب في غزة لخطوات سياسية ذات مغزى مع السلطة الفلسطينية. ولكن مشكوك أن يحصل هذا، ولا سيما ليس في فترة حملة الانتخابات.