القدس المحتلة - قال رئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلي الأسبق افرايم هاليفي إنّ إسرائيل تعاني من فشل استراتيجي مزدوج بين الحرب الاخيرة على غزة وأحداث المسجد الاقصى.
واضاف هاليفي في سياق تقرير بثته القناة الاسرائيلية الاولى انه رغم أن الحرب على غزة انتهت بإنجاز عسكري - حسب الزعم- الا ان النتيجة السياسية للمعركة يصعب حل لغزها، كونها عرفت بطريقة سلبية.
واكد ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اصدر تعليماته بألا تمنح حركة "حماس" أي إنجاز سياسي في أي مفاوضات تعقد لتقرير مستقبل العلاقات بين الطرفين، مشيرا الى انه "باستثناء الإعمار الاقتصادي الجارية بكسل، فان أحدا ليس تواقاً للعجلة".
وتابع: "ليس لـ"حماس" مكانة أو جدوى في نظر إسرائيل، وكل ما عليها ان تفعله أن تحبط عملياتها، تنفذ عمليات وقائية واسعة في المناطق، توقف نشطاء "حماس" قدر الامكان قبل أن ينجحوا بتنفيذ مبتغاهم، ومعاقبة من ينجحون في تنفيذ عمليات قاسية كقتل المستوطنين الخمسة في الكنيس، وهو ما يرفع من قيمة الاعتبارات الأمنية التي تمنع كل إمكانية للتخلي عن السيطرة الكاملة في الضفة الغربية".
ورأى هاليفي ان الصاروخ الذي اطلق من غزة وقت الحرب ووصل إلى منطقة مطار "بن غوريون" وعطل حركة الطيران من وإلى إسرائيل لـ 36 ساعة، وضع حداً لمسيرة السلام في الفترة المنظورة للعيان.
واوضح ان نتائج المعركة في غزة وفشل المفاوضات برعاية وزير الخارجية الأمريكي دفعت بالحكومة الاسرائيلية لتغيير الترتيب من القدس في النهاية إلى القدس في البداية، وترجمت الإستراتيجية الجديدة بإعطاء ضوء أخضر للانتشار المتزايد للمستوطنين في الأحياء العربية في القدس.
واردف " وفر فتح ملف القدس لحركة "حماس" فرصة نادرة للتحرر مؤقتاً على الأقل من أزمة نتائج حرب غزة، وأتاح لهم إثارة اضطرابات شديدة في القدس والضفة، وأجبرت السلطة الفلسطينية على التماثل مع المعركة على المقدسات الإسلامية في الحرم، وأجبر الأردن ومصر على الانضمام للضغط على إسرائيل على خلفية النزاع ذي البعد الديني".
وزعم أنّ نجاحات المخابرات الإسرائيلية في الكشف عن خلايا واسعة من شبكات "حماس" في الضفة والقدس جديرة بالثناء، لكنها في نفس الوقت تضع علامات استفهام على سياسة "قص العشب" التي تتبعها إسرائيل منذ سنين.
وختم بالقول: أثبتت "حماس" في غزة أنها لن تسمح لإسرائيل أن تنساها لما لا نهاية، وحرص رئيس الوزراء أن يحدد هدفا عسكرياً ضيقاً وواقعياً للحملة الأخيرة في غزة، والإستراتيجية التي تم تبنيها في هذا الخريف في القدس أثبتت بأنها تؤدي لمصيبة متعددة الأبعاد، وعليه أن يعود لتحديد إستراتيجية أخرى في القدس، ذات هدف واقعي ومعلن واضح.
وفي سياق متصل، لاحظ مراسل عسكري إسرائيلي أن حالة هستيريا وإرباك أصيب بها المستوطنون في القدس، جراء سلسلة العمليات الفردية الأخيرة، والتي شوشت حياتهم لدرجة كبيرة، ولم يشاهدوا بهذه الحالة منذ عام 1967، رغم أنه مرت فترات عصيبة عليهم في انتفاضة الأقصى وفترات العمليات الاستشهادية، فلم تعد مدينة القدس آمنة لهم كما كانت لفترات طويلة.
وأضاف: ميزتان ساهمتا في خلق هذه الحالة من الإرباك والخوف لدى مستوطني القدس، وهي طبيعة العمليات الفردية لاسيما الدهس بالسيارات، مما يجعل المستوطن يشعر في أية لحظة بأنه مستهدف من أية سيارة مسرعة، وكذلك أن منفذيها مقدسيين، وهذه العمليات الأخيرة في القدس جاءت كنمط فعال ويثير الخوف، من خلال استخدام السكاكين والدهس بالسيارات، ونجحت في زعزعة الإحساس بالأمن الشخصي في القدس.
ولفت إلى أن "صعوبة مواجهة إسرائيل للوضع الأمني مسألة واضحة وبارزة، ليس فقط لأن الفلسطينيين في القدس يتحركون بحرية، بل أيضا لأنه لا توجد لقوات الجيش سيطرة على الأحياء خارج جدار الفصل العنصري، والمعلومات الاستخبارية قليلة فيما يتعلق بمنفذي العمليات الأفراد، الذين لا ينتمون لمنظمات في القدس".
وقال تسفيكا يحزقيلي مراسل الشؤون العربية عقب رصده لواقع مستوطني القدس بعد العمليات الأخيرة، "إنّ ما يحدث في القدس ليس مثل الانتفاضة الثانية، ولن يجدي نفعاً إقامة جدار وفصل أحياء في القدس، إنهم يعيشون في ذواتنا، الأحياء ملاصقة والبيوت العربية واليهودية الأبواب تقابل بعضها، مستعرضا ما أسماها "حياة الرعب" التي يعيشها اليهود في القدس هذه الأيام".
من جانبه ادعى مسؤول أمني إسرائيلي أنّ حملة الاعتقالات الواسعة التي شنها الجيش في صفوف نشطاء "حماس" في الضفة الغربية مؤخراً منعت اندلاع انتفاضة شاملة، لأن الحركة تحاول تفعيل نشطائها في الضفة من قطاع غزة وخارج البلاد دون أن تحقق نجاحا كبيراً.
ورفض المسؤول تسمية احداث القدس بالانتفاضة، كون الأحداث تتركز في نطاق مدينة القدس، ولا تتسع الى محافظات الضفة الغربية.
وتابع: يوجد سببان لذلك، الأول أنّه لا تزال هناك سلطة فلسطينية ومصلحتها الحفاظ على السيادة والاستقرار، والسبب الثاني أنه لا يزال هناك جمهور كبير وأكثر ما يهمه هو الحفاظ على نسيج حياة يكون أقرب ما يكون من الحياة الطبيعية، كما أن الكثيرين من الفلسطينيين في الضفة يذكرون جيداً كيف تبدو الدبابات في مراكز المدن، وماذا يحدث عندما تسود الفوضى في المناطق، وأعتقد أن هذه المعادلة تنجح في جعل الوضع مستقراً، ورغم ذلك، فإن الوضع هش ومرتبط بالجمهور الذي يميل الآن إلى عدم الانجراف.


