خبر : هل تؤثر مستشارة أوباما "جاريت"، إيرانية المولد، في آرائه؟

الثلاثاء 18 نوفمبر 2014 02:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل تؤثر مستشارة أوباما "جاريت"، إيرانية المولد، في آرائه؟



واشنطن وكالات"فاليري جاريت" هي أكثر المستشارين قربا إلى الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشال، إذ تجمعها بهما صداقة تعود إلى العام 1991 عندما منحت جاريت وظيفة لميشال روبنسن في مكتب عمدة المدينة في شيكاغو.
بعد ذلك، قدمت ميشال مديرتها جاريت إلى خطيبها باراك أوباما، ونشأت صداقة بين الثلاثة قامت بعدها "جاريت" بفتح أبواب السياسة في شيكاغو للمحامي الشاب، الذي أصبح في ما بعد سناتور في مجلس الولاية، فسناتور في مجلس شيوخ الكونغرس، فرئيسا للولايات المتحدة.
"جاريت"، وهي محامية تعمل في قطاع العقارات، ناشطة أيضا في العمل العام في مدينتها شيكاغو، المعروفة في الماضي بفساد طبقتها السياسية وارتباطها بالمافيا الإيطالية – الأميركية، مثل ابن شيكاغو آل كابوني، والذي يرتكز فيلم «العراب» الشهير على شخصيته. ولفساد سياستها، اكتسبت شيكاغو، التي تقع على ضفاف بحيرة ميشيغان الضخمة، لقب "بيروت على البحيرة".
ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض، استعان أوباما بعدد لا بأس به من طبقة شيكاغو السياسية من أمثال عضو الكونغرس سابقا وعمدة المدينة حاليا رام ايمانيويل، الذي عمل رئيسا لموظفي البيت الأبيض ولعب دورا محوريا في دفع الكونغرس إلى المصادقة على «قانون الرعاية الصحية» في العام 2009. وخلف ايمانيويل في منصبه سلفه في عمادة شيكاغو ورئيس جاريت سابقا ريتشارد دالي، ابن عمدة المدينة الأسطوري الذي يحمل الاسم نفسه، والذي بقي في منصبه بين 1955 و1976.
لكن حتى ايمانيول، المعروف بذكائه في السياسة، لم ينجح في التعايش مع جاريت، وحاول تعيينها في منصب سناتور عن ولاية ايلينوي، في المنصب الذي خلفه أوباما إبان فوزه بالرئاسة. لكن أوباما رفض ذلك، وقال لمقربين إنه لا يستطيع إخراج جاريت من «الجناح الغربي» لأن ميشال تريدها هناك.
على أن "جاريت" هي التي أخرجت ايمانيول من منصبه، وبقيت هي المستشارة الأقرب للرئيس وزوجته. وراحت "جاريت"، كما يقول العارفون، تبني فريقا محيطا بها من الموالين لها، فتحول فريق أوباما من مجموعة خبرات استعان بها من طاقم سلفه بيل كلينتون إلى فريق يتألف من أعضاء يؤيدون "جاريت" ويؤيدونه ولا يشككون في آرائهما.
و"جاريت" نفسها هي ممن يعرفون بـ"يس ومان"، أي ممن يوافقون أوباما في كل ما يقوله، وتحولت، حسب مجلة "نيو رببليك"، إلى "المهندس الأبرز للفقاعة البارزة وأحيانا الخانقة" التي صار أوباما يعيش فيها، والتي تعزله عن العالم وواقعيته.
أما بخصوص السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فيُذكر أن "جاريت" هي من مواليد مدينة شيراز الإيرانية في العام 1956، حيث كان والدها يعمل ضمن بعثة أميركية حكومية للأطباء الأميركيين إلى المناطق النامية حول العالم. وعاشت "جاريت" في إيران حتى الثامنة من عمرها عندما عادت عائلتها للعيش في مدينة شيكاغو.
ومع أن "جاريت" من الناشطين في شؤون السياسة الداخلية الأميركية، إلا أن من يعرفونها يقولون أنها تتحدث الفارسية، وأنها غالبا ما تحكي عن إعجابها بإيران، كحضارة قديمة ودولة معاصرة وثقافة غنية. ويقول هؤلاء إن "جاريت" من القائلين إن الولايات المتحدة هي السبب في توتر العلاقة مع إيران بسبب الانقلاب العسكري في إيران، الذي رعته مع بريطانيا وأطاح برئيس الحكومة محمد مصدق في العام 1953.
ويبدو أن رأي "جاريت" في إيران وفي ضرورة استعادة العلاقة الأميركية معها أثر في موقف أوباما غير المعروف بطول باعه في شؤون السياسة الدولية.
وفي نوفمبر الماضي، إثر توقيع اتفاقية جنيف المؤقتة بين مجموعة دول خمس زائد واحد وإيران، والتي قضت بتجميد الأخيرة أجزاء من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الدولية المفروضة عليها، تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خبرا مفاده أن "جاريت" هي التي أشرفت على قناة المفاوضات السرية بين الأميركيين والإيرانيين في سلطنة عمان، والتي أفضت في ما بعد إلى توقيع المعاهدة المؤقتة في جنيف، إلا أن البيت الأبيض نفى الخبر في حينه نفيا قاطعا.
اليوم، مع تزايد الحديث عن إعادة خلط أوراق في فريق أوباما، بما في ذلك تقاعد وزير دفاعه تشاك هيغل واستبداله بنائبته السابقة ميشال فلورنوي، وتعيين نائب مستشارة الأمن القومي انتوني بلينكن في المنصب الثاني في وزارة الخارجية خلفا للمتقاعد بيل بيرنز، واستبدال وزير العدل أريك هولدر بلوريتا لينش، تصاعدت الدعوات في الإعلام الأميركي لضرورة عزل "جاريت".
لكن لا يبدو أن "جاريت" تنوي فراق عائلة أوباما حتى "يطفئون الأضواء في البيت الأبيض عند خروجهم منه في يناير 2017"، حسب صحيفة بوليتيكو، التي نشرت مقالة بعنوان "اطرد فاليري جاريت".
لكن "جاريت" باقية، وكذلك المفاوضات مع إيران، رغم أنه بسبب الرفض الإيراني لبرنامج نووي فإنها ليست أكثر من "زينة أو ديكور"، على حد تعبير أحد المسؤولين الإيرانيين، إذ لا يبدو أن المفاوضات ستؤدي إلى أي اتفاقية مع المجموعة الدولية أو رفع عقوبات أو إلى عودة العلاقات الأميركية الإيرانية إلى ما كانت عليه قبل العام 1979.
ومع بقاء "جاريت"، يبقى الفريق المؤيد للمفاوضات، داخل الإدارة وخارجها نشطا. وفي هذا السياق، رصدت صحيفة "واشنطن فري بيكن" رسالة إلكترونية داخليو أرسلها مسؤول في مركز أبحاث "مشروع ترومان للأمن القومي"، يحث فيه زملاءه على التصدي "لصقور المحافظين الجدد الذين يريدون إرسال بلدنا إلى حرب (مع إيران) للقضاء على الرئيس (أوباما) وفقط".
وتوجيه أصابع اللوم إلى "المحافظين الجدد" في عرقلة التوصل إلى اتفاق هو أحد أساليب اللوبي المؤيد للنظام الإيراني داخل العاصمة الأميركية، وهي العبارة ذاتها التي يرددها زعيم هذا اللوبي، تريتا بارسي، في مقالاته وإطلالاته الإعلامية.
أما أبرز أعضاء "مجلس إدارة" مركز الأبحاث المذكور فيتضمن فلورنوي، المرشحة لخلافة هيغل، والمسؤول السابق في وزارة الدفاع كولين كال، وهو أحد مهندسي مشروع "تسليح أميركا للجيش اللبناني" وضرورة التنسيق بينه وبين "حزب الله".
إلى أي مدى تؤثر "جاريت" في رأي أوباما بشأن إيران؟ وماذا يحدث إن رفضت إيران نص الاتفاقية المطروحة مع حلول 24 الجاري موعد انتهاء مفاعيل الاتفاقية المؤقتة؟ وهل يمكن أن يؤدي فشل المحادثات مع إيران إلى تصلب أوباما ضدها، أم إن "جاريت" ومجموعاتها داخل وخارج الإدارة ستنجح في إبقاء الرئيس الأميركي مراهنا على طهران؟