غزة / سما / قال وزير الخارجية المصري السابق احمد ابو الغيظ في ندوة لتوقيع كتابه الجديد "شاهد على الحرب والسلام" إنه ليس باستطاعة الدول العربية محاربة اسرائيل وخدمة القضية الفلسطينية خلال المستقبل المرئي، وذلك لأنه تم تدمير القدرة العربية العسكرية".
واضاف ابو الغيظ، "ان الوضع العربي لا يسمح لهم بالدفاع عن القضية الفلسطينية، سابقا كان هناك احساس عربي موحد تجسد في حرب اكتوبر 73، أما الآن فقد تغيرت الظروف".
وتحدث الوزير المصري السابق الذي تقلد منصب وزير الخارجية في حكومة الرئيس الاسبق حسني مبارك من العام 2004-2011، عن اصداره الحديث "شاهد على الحرب والسلام"، والذي تطرق فيه الى حرب اكتوبر 73 وتطورات الحرب والمفاوضات التي اودت الى اندلاع الحرب، وحتى توقيع الرئيس السادات اتفاقية السلام مع اسرائيل وتحرير سيناء.
وأكد ابو الغيظ ان شعار مصر ابان حرب اكتوبر 73، كان "ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة، واصرينا أن الطريق الوحيد لتحرير سيناء هو بمحاربة اسرائيل، مشيرا الى أن الدول العربية جميعها اظهرت مواقف مشرفة، فقدمت المساعدات العسكرية وقطعت امدادات البترول عن الدول الغربية لدعمها اسرائيل.
واشار الى أنه في وقتها كانت مصر تملك عتادا وقوة عسكرية تمكنها من ضرب مدينة بئر السبع، وان مصر قامت باستعادة سيناء من خلال العمل الدبلوماسي والعسكري المشترك.
وتناول أحمد أبو الغيط في الندوة الظروف التي واكبت تأليفه الكتاب، وكذلك كتابه الآخر "شهادتي"، وقال أنه ترك وزارة الخارجية في الخامس من مارس 2011، وقرر بعدها بثلاثة أشهر أن يتفرغ لعمل على هذين الكتابين معاً، مشيراً إلى أن كتاب "شاهد على الحرب والسلام" يتناول العملية الدبلوماسية وعلاقتها بالحرب، وصولاً إلى تحقيق الهدف السياسي، مضيفاً أنه يؤمن شخصياً بأن السياسة والدبلوماسية وجهان لعملة واحدة.
وقال: "الكتاب لا يؤرخ لحرب أكتوبر، ولكن لما شاهدته وسمعته وعاصرته من خلال عملي، وجاءت فكرته عندما تأكدت أن الحرب أصبحت أمراً واقعاً، فقررت أن أسجل تفاصيل ما يدور من جلسات واجتماعات واتصالات في دفاتر صغيرة، على شكل ملاحظات، كي تبقى في ذاكرة الأجيال القادمة". وأشار إلى أنه قبل 41 عاماً، وتحديداً في السابع من نوفمبر 1973، التقى هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي، لأول مرة مع الرئيس المصري، السادات، واتفقا على فض الاشتباك الأمريكي - المصري، والبدء بحل الصراع تدريجياً مع إسرائيل.
وأضاف بأنه قبل حرب 1973 كان هناك جهد مصري كبير لإقناع الولايات المتحدة بحل الصراع دون اللجوء إلى الخيار العسكري، ولكن إسرائيل واصلت تعنتها رغم صدور القرار 242 في نوفمبر 1967 بإنسحابها من "أراضٍ احتلتها في النزاع الأخير"، وجاء حذف "أل" التعريف متعمداً في صياغة القرار بنسخته الإنجليزية من أجل إفساح المجال أمام إسرائيل للتلاعب بالقرار، وهذا ما كان. مضيفاً أن مصر قررت استرداد حقها بالقوة، فتجهزت واستعدت جيّداً للحرب دون أن تغلق الباب أمام محاولات الحصول على دعم أمريكي حول ذلك القرار الشهير.
وأشار إلى أن الاجتماع السري الذي عقد بين كيسنجر ومحمد حافظ إسماعيل، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي آنذاك، تضمن استعداداً أمريكياً لتحقيق الإنسحاب الإسرائيلي على مراحل، لكن مصر كانت ترفض سياسة المراحل لأنها غير فعالة، واشترطت إنسحاباً كاملاً وفي إطار زمني محدد. وقال إن قرار الحرب اتخذ في 30 سبتمبر 1973، خلال الاجتماع الذي عقد في مجلس الأمن القومي، بمشاركة عدد من القادة العسكريين وقادة المؤسسات الأمنية في مصر.
وواصل أحمد أبو الغيط رواية تفاصيل ملحمة الحرب والسلام، قائلاً إنه مع بدء الحرب في السادس من يونيو اتصل كيسنجر مع محمد حسن الزيات، وزير الخارجية، قبل ساعة واحدة من انطلاق أولى قذائف المعركة وأكد له أن إسرائيل ليست لديها نية لعمل عسكري، وبعد أن بدأت الحرب، أعاد كيسنجر الاتصال طالباً من مصر إعادة قواتها والعودة إلى مواقعها وإلا سيصيبها الدمار والخراب، كما طالب الاتحاد السوفييتي مصر بضرورة إيقاف الحرب، لتجتمع الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي ضد مصر.
ووصف أبو الغيط مشاعره آنذاك، فقال إنه كان متوجساً من موقف سوريا، وما إذا كانت ستشارك فعلاً إلى جانب مصر في الحرب، مضيفاً أنه لم يشعر بالراحة إلا عندما رأى الطيران السوري يضرب القوات الإسرائيلية في الجولان. ونفى أن تكون الحرب مدبرة، كما يدعي البعض، قائلاً: "لا يوجد أحد يدبر حرباً، والدم ليس رخيصاً، كما ليس صحيحاً أيضاً أن مصر أبلغت الولايات المتحدة وإسرائيل بالحرب، فلا يوجد دولة تخبر عدوها بخططها".
وكان أحمد أبو الغيط قد سبق الندوة بتوقيع كتابه: "شاهد على الحرب والسلام" في ركن التواقيع بالمعرض، وبحضور عدد كبير من كبار الشخصيات والمهتمين من الزوار. ويحكي أبو الغيط في الجزء الأول من الكتاب، مشاهد عايشها، بحكم مهام عمله مع المشير محمد حافظ إسماعيل، لمدة عامين تابع خلالها كيفية إعداد مصر لحربها مع إسرائيل، ثم فترة الحرب ذاتها وما تلاها من مفاوضات. فيما يروي في الجزء الثاني من الكتاب كواليس صناعة عملية السلام مع إسرائيل، حيث شاءت الأقدار أن ينضم عام 1977 إلى المجموعة المكلفة بمتابعة هذا الملف.


