اسطنبول-أجرت تركيا امس، تغييراً بارزاً في استراتيجيتها بخصوص سورية عبر إعلانها انها سمحت بمرور مقاتلين أكراد عراقيين عبر اراضيها للوصول الى مدينة عين العرب السورية (كوباني بالكردية) التي يحاصرها تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال وزير الخارجية التركية مولود شاوش اوغلو في انقرة "نساعد مقاتلي - البشمركة الاكراد- على عبور الحدود للتوجه الى كوباني. محادثاتنا مستمرة حول الموضوع"، دون اعطاء تفاصيل اضافية.
واضاف الوزير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامد "لم نشأ ابدا ان تسقط كوباني. لقد قامت تركيا بعدة مبادرات للحؤول دون ذلك".
ورغم ضغوط حلفائها وفي طليعتهم الولايات المتحدة، لا تزال الحكومة التركية الإسلامية المحافظة ترفض التدخل عسكريا لمساعدة المقاتلين الاكراد السوريين الذين يصدون منذ اكثر من شهر هجوم تنظيم الدولة الاسلامية على كوباني.
ويأتي هذا التبدل في الموقف التركي فيما اجرت الولايات المتحدة، التي كثفت الى جانب التحالف الدولي ضد الجهاديين الغارات على مواقعهم، اول عملية صباح الاثنين الباكر لالقاء الأسلحة والذخائر الى القوات الكردية التي تدافع عن كوباني.
ولم يعلق وزير الخارجية التركي مباشرة على هذه المبادرة الاميركية.
واكتفى شاوش اوغلو بالقول "اننا نتعاون بالكامل مع التحالف"، مضيفا "نريد التخلص من جميع التهديدات التي تحيط بالمنطقة. اننا نقدر المساعدات العسكرية والطبية الملقاة لهذا الغرض".
واعلنت الولايات المتحدة الاسبوع الماضي انها استأنفت اتصالات مباشرة مع ابرز حركة كردية في سوريا "حزب الاتحاد الديموقراطي".
والأحد، رفض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الدعوات الموجهة الى بلاده كي تسلح "وحدات الدفاع عن الشعب" وهي الجناح المسلح للحزب الكردي الرئيسي في سورية، حزب الاتحاد الديموقراطي، واصفا الأخير بأنه "منظمة ارهابية".
ورغم المساعدة التي تقدمها تركيا، كرر وزير الخارجية امس التعبير عن الموقف ذاته.
وقال شاوش اوغلو "على غرار تنظيم الدولة الإسلامية، ان حزب الاتحاد الديموقراطي، يريد السيطرة على قسم من الأراضي السورية" وهذا الحزب "والمجموعات التابعة له يجب ان تغير أهدافها وتعدل عن طموحاتها هذه".
ورفض ادريس نعسان النائب المحلي عن كوباني هذه الاتهامات قائلا ان "حزب الاتحاد الديموقراطي هو احد المكونات الرئيسية للمعارضة السورية، وهذا يعني انه يعمل من اجل الأحزاب الكردية (في البلاد) لكن ايضا لكل سورية".
وردا على اسئلة فرانس برس على الحدود التركية، عبر نعسان ايضا عن رغبته في ان تلتزم تركيا بكلامها وتسهل مرور "البشمركة" العراقيين. وقال "نامل في ان يتبلور هذا الممر بين تركيا وكوباني في الايام المقبلة".
وتعتبر تركيا ان حزب الاتحاد الديموقراطي السوري هو نفسه حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا من اجل الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا منذ 30 عاما ضد انقرة، اسفر عن مقتل 40 الف شخص تقريبا منذ 1984.
وبدات انقرة منذ عامين محادثات سلام مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله اوجلان، باتت اليوم مهددة بسبب رفض تركيا التدخل للدفاع عن كوباني، ما اثار غضب اكراد تركيا.
وتقيم تركيا في المقابل علاقات جيدة مع اقليم كردستان العراق الذي يحظى بحكم ذاتي وحيث يعتبر "البشمركة" راس حربة المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في القسم الشمالي من الأراضي العراقية.
وافادت وكالة روداو الكردية ان رئيس كردستان العراق مسعود برزاني طلب بنفسه من السلطات التركية تسهيل مرور مقاتليه "البشمركة" الى المدينة السورية المحاصرة.
في الاسبوع الفائت دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تركيا الى فتح حدودها لإجازة وصول التعزيزات الى كوباني فيما ناشد حزب الاتحاد الديموقراطي نفسه انقرة ان تسمح نقل أسلحة عبر أراضيها.
كما رفضت تركيا العضو في الاتحاد الاطلسي حتى الآن السماح لسلاح الجو الأميركي استخدام قاعدة انجيرليك العسكرية في جنوب تركيا على بعد 300 كلم من كوباني لشن غارات على المواقع الجهادية.
وتجري مفاوضات حاليا بهذا الغرض.


