يصف أفرايم كام في صحيفة إسرائيل اليوم اليمينية العبرية المؤيدة للمنافق نتنياهو، يوم 18/9/2014، يصف تنظيم الدولة الإسلامية داعش، بأنها "ظاهرة لم يسبق لها مثيل"، وأنها أكثر خطراً من تنظيم القاعدة التي نفذت الهجوم الإرهابي في سبتمبر 2001 على الأراضي الأميركية، وهو لا شك مخطئ في ذلك، فقد سبق تنظيم الدولة الإسلامية، تنظيم الحزب النازي الألماني الذي قاده هتلر ضد شعوب أوروبا وضد اليهود، وفعل ما فعل بحق اليهود من مجازر وحرق وإبادة، كما يفعل الآن تنظيم داعش ضد المسلمين والمسيحيين على السواء، وضد كل من يقف في طريقه، ويعيق تطلعاته في بناء دولة الخلافة الإسلامية الكبيرة، مثلما كان يحلم هتلر بدولة ألمانيا الكبيرة وهيمنتها على أوروبا والعالم.
ما تفعله الحركة الصهيونية في منطقتنا، تم قبل داعش منذ عشرات السنين، في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقيام المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي لا يعرف الحدود إلى الآن، في فلسطين وبما يشمل البلدان المجاورة لفلسطين، فالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني اليهودي، يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، وطرد أكثر من نصف الشعب العربي الفلسطيني من بيوته وأرضه ووطنه، يعيشون لاجئين في أقدم مخيمات التشرد والعوز والحاجة والاعتماد على صدقات الأمم المتحدة وما تحصل عليه من المتبرعين، منذ قيام إسرائيل 1948 حتى يومنا هذا.
إسرائيل ومرجعيتها الصهيونية، وجيشها القوي، وأجهزتها الأمنية وحاخاماتها، ما هو الشيء البشع والفظيع والإجرامي المقيت الذي لم يفعلوه؟؟ قتل، تدمير، اغتيال، طرد، إبادة الأطفال والنساء والكهول وكل من هو مدني بريء من أي فعل معاكس؟؟ كم حرب بادرت لها إسرائيل ضد البلدان والشعوب العربية المحيطة بها؟؟ كم مجزرة ارتكبتها فصائل الحركة الصهيونية لتصفية الفلسطينيين العرب بهدف طردهم وهروبهم من الموت قبل قيام الدولة وبهدف قيام الدولة في فلسطين بعد محاولات تطهيرها من أهاليها وأصحابها، لتخلو من الفلسطينيين العرب المسلمين والمسيحيين؟؟ ماذا فعلت في الضفة الفلسطينية، سواء في الانتفاضة الأولى بتكسير الأيادي والعظام؟؟ أم في الانتفاضة الثانية بالتصفيات الجسدية والاغتيالات لقادة فصائل المقاومة والناشطين منهم؟؟ ماذا فعلت بقطاع غزة خلال ثلاث حروب بعد أن أُجبرت على رحيل المستوطنين وفكفكة مستوطناتهم، ورحيل قوات الاحتلال وإزالة قواعدهم عام 2005، وإبقاء قطاع غزة محاصراً براً وبحراً وجواً والتعامل معه باعتباره سجناً كبيراً مغلقاً على شعب لا يملك قرار سيادته وتنقلاته وأكله وشربه، ما الشيء الذي فعلته داعش، ولم تفعل إسرائيل مثله بل عشرات أضعافه؟؟.
داعش وإسرائيل من طينة عنصرية عصبوية متزمتة واحدة، تختلف ألوانها ومفرداتها وفرص التعبير عنها، ولكن كليهما من جذور عقائدية واحدة الأول يدعي الانتماء للإسلام ويعمل على رفعته وبناء دولة على أساسه، والثاني يدعي الانتماء لليهودية ويعمل على رفعتها وبناء دولة يهودية صرفة خالصة على أساسه، وكلاهما يقوم بتصفية خصومه وأعدائه بوسائل متطرفة غير شرعية وغير مشروعة، ولا تهمه لا القيم ولا الأعراف ولا قرارات الأمم المتحدة، ولا شرعية حقوق الإنسان واستحقاقاتها.
تنظيم داعش المنشق عن تنظيم القاعدة، وجد تحالفاً دولياً تقوده الولايات المتحدة للتصدي له، وإضعافه، على طريق هزيمته ودحر مخططاته، وإسرائيل ستجد تحالفاً شعبياً أممياً يقف ضدها، لأنها مشروع ظالم عنصري استعماري، والتصويت لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/2012، من أجل فلسطين بـ 138 دولة ضد 9 دول فقط وقفت مع المشروع الاستعماري الإسرائيلي، دليل إفلاس إسرائيل وعزلها ورفض المجتمع الدولي لها ولبرامجها وسلوكها العدواني التوسعي الاستعماري، على أرض فلسطين، ضد العرب وضد المسلمين والمسيحيين على السواء.
h.faraneh@yahoo.com


