خبر : كيف تحافظ حماس على قوتها..!! ... بقلم: عماد عفانة

الأربعاء 24 سبتمبر 2014 11:14 ص / بتوقيت القدس +2GMT



انقشع غبار اطول المعارك في التاريخ العربي الصهيوني، ولم ينقشع بعد غبار جبل من الازمات والنكبات التي خلفتها المعركة لأغلبية كبيرة من ابناء شعبنا في غزة في ظل استمرار الحصار وتداعياته القاتلة على كل مناحي الحياة في هذه البقعة الصغيرة والمعزولة.

رغم ذلك فقد حظيت حماس بأكبر نسبة من الشعبية في اول استطلاع للرأي أجري بعد انتهاء المعركة مباشرة، والسر في ذلك بات معروفا وطبيعيا أن تحظى حماس بهذه الشعبية بعد معركة سجلت فيها حماس بطولات وحرفية غير مسبوقة في ادارة أي مواجهة سابقة مع العدو الصهيوني.  

هذه البطولات وتلك الحرفية كان لها كثير من الأسباب، أولها هي استخلاص المقاومة للعبر جيدا بعد معركتي "حجارة السجيل" في 2012 و"الفرقان" في 2009، وهو بقدر كبير اللبنة الاولى التي أتاحت لحماس تعظيم قوتها للنيل من كيان العدو وجيشه وكشف حقيقة ضعفه.

 غير ان على حماس وضمن استخلاص العبر ان تعي جيدا ان هذه الشعبية التي حظيت بها بعد انتهاء المعركة مباشرة لن تستمر طويلا، خصوصا وابناء غزة يستيقظون كل يوم على حجم النكبات التي خلفتها المعركة، ويدرك الغزيون يوما بعد يوم تضاؤل الامل في:

 اولا :مصالحة حقيقية بينما يواصل عباس وفريقه مفاوضاته السرية مع الاحتلال حتى ابان اشتداد اتون الحرب على غزة، واصرار عباس على المراهنة على القرارات والمنظمات الدولية لإقامة دولته الموهومة، فمتى بنت الاوهام دولا..!!

وثانيا: قرب رفع الحصار عن غزة والبدء بعمليات الاعمار الحقيقي في ظل الاصرار الصهيوني وتحريض عباس على بقاء الحصار ما لم يزيح حماس بالمطلق عن مشهد الاحداث في غزة، في ظل بيئة عربية واقليمية طاردة ومطاردة لحماس واخواتها من حركات المقاومة الحقيقية.

لذا يتساءل البعض ان كان على حماس ان تكتفي باعتبار ابقاء القضية الفلسطينية حية في قلوب وعقول وضمائر العالم سببا كافية للاحتفال بالنصر، او ان كان عليها ان تعتبر ان نصرها الحقيقي هو بإعادة اعمار ما دمرته المعركة او تعويض المكلومين عن مصابهم الجلل في احبابهم..!!

فيما يذهب أخرون الى وصف المشهد بالعبثي حين يقول ان المقاومة تخوض معركة دفاعا عن شعبها ثم تبدأ جهود اعمار ما دمرته المعركة، ثم ما تلبث ان تخوض معركة اخرى احتجاجا على سوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الذي سببته المعركة السابقة فاذ بها تفجأ بوضع أسوأ من الوضع الذي خاضعت المعركة لأجل تغييره، وهكذا ندور في حلقة مفرغة.

وكي تحافظ حماس على قوتها الشعبية اولا لأنها حاضنتها الدافئة، ثم على قوتها العسكرية لأنها الرادعة لعدوها، على حماس ان تقوم بعمليات مراجعة لاستخلاص العبر والتعامل مع الامور بشكل مختلف عما تعاملت به ابان المعارك السابقة.

فالانفتاح على الشعب لجهة تنظيم شبابه وتأطيرهم في هياكل واطر مقاومة غير حزبيه بل وطنية بامتياز بات مطلبا ملحا للحفاظ على مستوى الالتفاف الشعبي حول المقاومة وفي مقدمتها حماس، اذا لا ينبغي ان ترتفع شعبية حماس بعد أي معركة ثم ما تلبث ان تنخفض، اذ يجب ان يكون الالتفاف والتأييد الشعبي لأسباب أخرى مبدئية لها علاقة بالمعتقد والفكر والسلوك وليس بجودة او رداءة الأداء العسكري في مواجهة القوة الرابعة في العالم.

واقامة مجتمع مقاومة ينبغي ان لا يبقى يواجه عدوه احزاب وفصائل واجنحة عسكرية مختلفة، الأمر الذي يستلزم بذل جهد حقيقي لإقامة جبهة مقاومة وطنية تضم الكل الوطني بلا تحزب او الوان، وينخرط فيها شباب الوطن عوضا عن الانخراط في قوارب الموت هروبا من الوطن.

          وبالانتقال الى وسائل الحفاظ على قوة حماس الميدانية، فان الخبراء يقولون ان حماس تمتلك قدرات استراتيجية ينبغي التركيز عليها لجهة الحفاظ عليها وتطويرها بشكل نوعي وهي:

اولا : منظومة الصواريخ بعيدة المدى، التي حطمت شرف القبة الحديدية والتي تبين انها ورقية.

ثانيا: منظومة الانفاق الهجومية التي فشل العدو في تدميرها بالكامل تقريبا.

ثالثا: منظومات الانزال خلف خطوط العدو سواء برية او بحرية والتي تعتمد على معلومات استخبارية .

رابعا: منظومة الطائرات الصغيرة بدون طيار والتي ثبت أنها بحاجة جدية الى تطوير نوعي قادر على ايلام العدو.

           صحيح أن حماس لم تنجح في أن تفرض شروطها المركزية التي عرضها في مفاوضات وقف اطلاق النار من قبيل رفع الحصار بشكل كامل واقامة مطار وميناء والافراج عن اسرى، إلا ان المقاومة نجحت في التصدي لمطالب العدو بنزع سلاح المقاومة او وقف تعظيم قوتها سواء في سلاح الانفاق او الصواريخ او غيره من الاسلحة.

لذلك على حماس بصفتها رأس حربة المقاومة ان تفكر في عدد من الخيارات ومنها :

  1. استمرار الحصار واشتداده بعد معركة حجاة السجيل ينبغي ان يدفع كافة قوى المقاومة لإحياء الخيارات الاخرى لإعادة اعمار غزة ومنها احياء ظاهرة انفاق تهريب الاحتياجات الانسانية على الحدود المصرية لإدخال الغذاء، الوقود وحتى مواد البناء وعدم الاعتماد على المواد التي تأتي عبر  معبر كرم سالم.

  2.  في ظل الحرب المعلنة على المقاومة الفلسطينية عربية واقليميا فقد بات ينبغي على حماس التفكير في تطوير منظومة انتاج الوسائل القتالية واقامة مواقع وخطوط  انتاج تنتج بوتيرة عالية استعداد لأي مفاجئة من العدو الذي يعتقد ان حماس في مأزق بعد توهمه بتدمير قدراتها في حجارة السجيل.

  3. بعد العمليات النوعية التي سجلتها المقاومة خلف خطوط العدو والتي كان لها دورا كبيرا في تحقيق الانتصار، فقد بات على حماس العمل على تطوير منظومة الانفاق الهجومية وبذل كل جهد مستطاع للتوسع في بنائها اولا وتطويرها من الداخل ثانيا.

  4. من الطبيعي ان تعمل حماس على تعزيز المنظومات التي حققت انجازات ملحوظة ابان المعركة، وتسببت في تهجير كل مغتصبي غلاف غزة ألا وهي سلاح الهاون وبالتالي فإننا نتوقع ان تعمل حماس على تعزيز هذه المنظومة.

  5. كما أن من الطبيعي ان تعمل حماس على تطوير الاسلحة التي لم تنجح في تسجيل انجازات ملحوظة مثل مضادات الطيران لما لهذا السلاح من قدرة على تحييد سلاح الطيران الذي يمثل العنصر الأهم لدى كيان العدو في حسم المعارك.

  6.  ثبت أن سلاح الاستخبارات كان له دور هائل في:

    اولا: في اقتلاع عيون العدو من ميدان المعركة.

     وثانيا: في النيل من العدو في عمليات الانزال خلف خطوطه.

  لذا بات ينبغي على المقاومة ان تعيد بناء منظومتها الاستخبارية وتعزيزها بقدرات اكاديمية والاستعانة بخبرات وتقنيات خارجية. 

7- المحافظة على الالتفاف الشعبي، والمحافظة على وتعزيز القدرات العسكرية، ينبغي ان يصاحبه جهد كبير في اقامة بيئة اقليمية على الاقل غير معادية للمقاومة، الأمر الذي يتطلب من دبلوماسية حماس بذل جهود سياسية كبيرة في الانفتاح على الاقليم لتحسين العلاقات مع دول الجوار وتوظيف الفوضى التي تضرب المنطقة لتحقيق هذا الهدف الهام.

 صحفي وباحث سياسي