بعد عرض الحلقة الأولى من برنامج "الراقصة" على قناة "القاهرة والناس" الفضائية في مصر، اهتز الشارع المصري بأكمله، وقسمته بين مؤيد ومعارض، وبين داعم لعرضه ومحارب في سبيل منعه، وتجاوز الخلاف الشارع العام والمشاهدين في المنازل ليدخل أروقة المؤسسات الحكومية والمجامع الأزهرية وصولًا لمكتب النائب العام.
برنامج "الراقصة" هو عبارة عن مسابقة في الرقص الشرقي، تشارك فيه 27 مشاركة من حول العالم، عرضت منه قناة "القاهرة والناس" حلقة واحدة حتى الآن، فبعد أن روجت له سابقًا وأعلنت عن إطلاقه عبر الشاشات في شهر شباط (فبراير) الماضي، قامت بتأجيله بذريعة استشهاد ضباط وجنود مصريين في هجوم إرهابي في سيناء.
وقامت القناة الأسبوع الماضي ببث الحلقة الأولى، وسبقتها حملة هائلة للإعلان عن البرنامج وترويجه، طالت التلفاز والإذاعات واللوحات الإعلانية على الطرقات. وتتألف لجنة حكام البرنامج من الراقصة دينا، الكاتب تامر حبيب والممثلة فريال يوسف.
بين مؤيد ومعارض
مباشرة بعد عرض الحلقة الأولى، انتشر الخلاف حول البرنامج انتشار النار في الهشيم على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر، وخاض آلاف النشطاء نقاشات لا حصر له حول البرنامج وأهدافه وسبب عرضه، وكانت حجة المؤيدين الرئيسية أن البرنامج يعنى بالرقص الشرقي الجميل الذي يرافقنا في أعراسنا واحتفالاتنا، وهو جزء لا يتجزأ من ثقافتنا وحضارتنا ولا يجل علينا إهماله.
فيما قال المعارضون إنه برنامج سافر ينزع القيم المجتمعية المصرية ويفسد أخلاق المصريين، وأنه ترويج للفاحشة حيث يعتبر الرقص حرامًا في الدين الإسلامي، وأن الحكومة توافق على هذه البرامج لتنسي المشاهد البسيط معاناته اليومية. وقال بعض المؤيدين أن هذه البرامج تعتبر حربًا مقصودة على الإسلام.
الإعلام المصري ينقسم أيضًا
بعد عرض الحلقة الأولى وبدء النقاشات حامية الوطيس، قرر الإعلاميون وضع يدهم في القضية، حيث قام أسامة كمال وهالة سرحان باستضافة لجنة التحكيم وطاقم البرنامج، ومنحوهم فكرة الدفاع عن فكرتهم ودعموهم وأيدوهم.
في المقابل قام الإعلامي تامر أمين بالتعليق على البرنامج وطلب وقف عرضه بقوله انه سيؤثر سلبًا على الحياة السياسية في مصر، ويمنح الإسلاميين فرصة وذريعة للهجوم على الدولة، وأضاف: "يجب وقف البرنامج حالًا، علينا اكتشاف الأطباء والاقتصاديين والعلماء والمخترعين عوضًا عن اكتشاف الراقصات".
أما هبة منير فأطلقت تصريحًا أثار حفيظة الكثيرين، إذ قالت: "بدأوا بمهاجمة البرنامج وأنا متأكدة أنه يحصل على أعلى نسبة مشاهدة، فشعبنا مصاب بانفصام شخصية".
الأزهر يشتكي للنائب العام
وقام علماء في الأزهر، وعلى رأسهم مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بإرسال بيان لمكتب النائب العام يطالب فيه بوقف عرض البرنامج.
وجاء في البيان الذي قام بصياغته العديد من علماء الأزهر: " قد يفهمه البعض أنه يأتي في إطار حملة تهدف إلى هدم المنظومة الأخلاقية للشعب المصري المتدين ولا يخدم إلا المتطرفين الذين قد يتخذون من هذه الأمور ذريعة لترسيخ فكرة أن المجتمع يحارب الدين والتدين".
وأضاف البيان: " " أن الظرف الدقيق الذي تمر به مصر حالياً يحتم على الجميع أن يلتفتوا إلى قضايا البناء والتنمية وأن يأخذوا بأسباب التقدم والرقي في معالجة التحديات الكبرى التي تواجه الوطن مثل الأمية والبطالة والمرض والتطرف والإرهاب".
إيقاف مؤقت
بعد هذه الضجة، أعلنت قناة "القاهرة والناس" عن وقف مؤقت للبرنامج، بسبب الحادث الإرهابي الذي وقع أمس في سيناء على إثره قتل 11 ضابطًا وجنديًا مصريًا، كما فعلت في السابق.
وجاء في بيان القناة التي اعتذرت فيه عن عرض البرنامج: " لا تملك القاهرة والناس، سوى أن تضع علامة الحداد على شاشتها عزاءً ومواساة لهؤلاء الضحايا الأبرياء، امتداداً لذلك، تعلن القناة عن إعادة النظر في عرض البرنامج الترفيهي الذي حرصت على أن يكون مصدراً للبهجة الراقية، وتأكيداً لفنّ مصري أصيل يشاركنا أفراحنا، وكل مناسباتنا الطيبة، فنّاً يتلهف إليه العالم ويفتح له مدارس وأكاديميات".
ولم تعلن القناة عن موعد استئناف بث البرنامج على شاشاتها، ويتوقع أن يتوقف عرضه بعد البلاغات والشكاوى التي تلقتها السلطات المصرية المسؤولة عن البرنامج.


